تواصل الآلة الحربية الصهيونية عدوانها العسكري على قطاع غزة المحاصر منذ 17 عاماً، ويرتكب جيش الاحتلال من خلالها أبشع الجرائم الإنسانية غير المسبوقة بحق المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، ووصلت إلى حد «الإبادة الجماعية»، بمسح عائلات كاملة من السجل المدني، ونسف أحياء سكنية فوق رؤوس سكانيها، وتدمير مؤسسات تعليمية منشآت اقتصادية وزراعية.
وخلف الدمار الواسع نزوح ما يزيد على مليون شخص إلى مناطق تعد أكثر أمناً، لكن هذه الأماكن طالها القصف، حيث تم استهداف مستشفيات ومدارس تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) يقطنها نازحون؛ ما أسفر عن استشهاد المئات جلهم من الأطفال والرضع.
سُلطة الاحتلال لا تزال تفرض عقوبات جماعية بقطع إمدادات المياه والكهرباء والاتصالات على السكان، وتمنع السماح بدخول عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية من الجانب المصري إلى القطاع عبر معبر رفح البري الوحيد.
ما يزيد على مليون شخص نزحوا بسبب الدمار الواسع الذي خلف العدوان الصهيوني
ويوجد لدى وزارة الصحة الفلسطينية خشية من نفاد الوقود، في ظل تعنت الاحتلال بمنع إدخاله؛ الأمر الذي قد يوشك على توقيف عمل خدمات المستشفيات الصحية؛ ما ينذر بحدوث كارثة حقيقية بحق آلاف المرضى لا سيما أصحاب الأمراض المزمنة ومصابي الحرب.
وقال المحامي د. صلاح عبدالعاطي، لـ«المجتمع»: إن ما يجري في قطاع غزة جرائم إبادة جماعية وحرب وضد الإنسانية، وانتهك بموجبها كيان الاحتلال قواعد القانون الدولي الإنساني وأعراف الحرب.
وأضاف عبدالعاطي أن الاحتلال «الإسرائيلي» تخطى كل الحدود بقتل المدنيين، وتخلى عن التزامه بالقانون الدولي، بسبب الدعم الأمريكي والأوروبي اللامحدود له، وهذا أعطاه رخصة للقيام بكل الجرائم بشكل غير مسبوق.
وتابع أن الاحتلال أسقط آلاف الأطنان من المتفجرات على المواطنين ودمر أحياء سكنية ومراكز صحية وإنسانية دون سابق إنذار!
وطالب عبدالعاطي المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لوقف الجرائم، والعمل على فتح ممر إنساني لإدخال الإمدادات من الوقود والمستلزمات الطبية والغذائية حتى يتمكن السكان البالغ عددهم نحو مليونين و300 ألف نسمة، من العيش والحياة، واستمرار عمل الخدمات الإنسانية، لا سيما المستشفيات.
وضربت طائرات الاحتلال الحربية صالة معبر رفح مع مصر من الجانب الفلسطيني في اليوم الأول من العدوان 7 أكتوبر 2023م؛ ما تسبب بتعطيله ومنع مغادرة ودخول المواطنين من وإلى القطاع.
الاحتلال قطع الماء والكهرباء والاتصالات ومنع دخول المساعدات الإغاثية لمعبر رفح
ضحايا العدوان
وأعلن الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة بغزة د. أشرف القدرة، في مؤتمر صحفي، عن إجمالي ضحايا العدوان الصهيوني لليوم الثاني عشر على التوالي، وبلغ 3478 شهيداً و12065 إصابة بجراح مختلفة، مؤكداً أن 70% من الضحايا كان من الأطفال والنساء والمسنين.
وقال القدرة: إن المجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق العائلات بلغ 433 عائلة، وصل منها 2421 شهيداً فقط وما زال المئات منهم تحت الأنقاض، مشيراً إلى أن الصحة️ تلقت نحو 1300 بلاغ عن مفقودين تحت الأنقاض منهم 600 طفل.
وتوقع بوجود أحياء بين المفقودين تحت الأنقاض، ولكن عملية الوصول إليهم تواجه صعوبات كبيرة بسبب الاستهداف المستمر وضعف الإمكانيات، معتبراً المجازر المتلاحقة أنها تشكل تطهيراً عرقياً وتهديداً للوجود الفلسطيني.
وبعد دخول المستشفيات في مرحلة الانهيار الفعلي، حذر القدرة من أن الساعات المقبلة خطيرة على مستقبل تقديم الخدمات الصحية للمرضى والجرحى.
مجزرة «المعمداني» ومدارس «أونروا»
مجزرة مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة الذي يحوي آلاف النازحين جلهم من الأطفال والنساء، تعد الأكثر قساوة وبشاعة في هذه الحرب حتى الآن، حيث تم استهداف مرآب المستشفى بصاروخ واحد على الأقل، ليل الثلاثاء الماضي، دون الاكتراث إلى وجود للمدنيين والمرضى بداخله.
الاحتلال أسقط آلاف الأطنان من المتفجرات ودمر أحياء سكنية ومستشفيات ومدارس ومراكز صحية وإنسانية ومساجد دون سابق إنذار
وتم تداول مشاهد مصورة عن هذه المجزرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأظهرت أن الشهداء عبارة عن أشلاء ممزقة.
وبلغت ️حصيلة ضحايا المجزرة 471 شهيداً جلهم من الأطفال والنساء، وما زالت 28 حالة حرجة يتم تقديم العلاج لهم، إضافة الى 314 إصابة بجراح مختلفة، حسبما أعلنت وزارة الصحة بغزة.
وتتنصل حكومة الاحتلال من مسؤوليتها عن قصف المستشفى، وتحاول كعادتها وعبر دعايتها المضللة أمام العالم، أنه ناجم عن صاروخ محلي أطلق من غزة، وسقط به بسبب خلل فني!
بعد المجزرة بدقائق، جابت مسيرات شارك فيها آلاف الأشخاص حول العالم، تنديداً بالجريمة، مطالبة بمحاسبة المسؤولين الصهاينة على هذه الجريمة، ومنع تكرارها، والعمل على حماية المستشفيات.
إلى ذلك، استهدفت مدفعية الاحتلال مدرسة تابعة لـ«أونروا» في مخيم المغازي وسط القطاع؛ ما أسفر عن استشهاد 11 مواطناً، كما تم قصف مخيمات اللاجئين وعشرات المساجد ومستشفيات ومراكز صحية وطواقم طبية ورجال دفاع مدني، راح ضحيتها أطباء ومسعفون.
تفشي الأمراض
من جانبها، حذرت وزيرة الصحة الفلسطينية د. مي الكيلة، من أن انقطاع المياه وتدهور منظومة الصرف الصحي، يزيدان أخطار تفشي الأمراض السارية.
4821 مبنى يضم 12 ألف وحدة سكنية هدمها الاحتلال كلياً
فيما أكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في بيان لها، أن الاحتلال قصف بيوت الصحفيين على رؤوس ساكنيها وأثناء تغطية العدوان؛ ما تسبب بمقتل 11 صحفياً وأصاب 20 آخرين وفقدان صحفيين، كما دمر 50 مؤسسة إعلامية.
تدمير آلاف الوحدات السكنية
وقال سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي في غزة: إن 4821 مبنى سكنياً هدمها الاحتلال كلياً، تضم 12 ألف وحدة سكنية، فيما تضررت نحو 121 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي، منها 9055 وحدة سكنية غير صالحة للسكن.
وأضاف معروف، في مؤتمر صحفي، أن 33 مركزاً للرعاية الصحية توقفت عن العمل، فيما أخرج الاحتلال 23 سيارة إسعاف عن الخدمة بالقصف المباشر.
ويواصل الاحتلال استهداف المؤسسات التعليمية، حيث وثقت وزارة التربية والتعليم بغزة تعرّض 153 مدرسة لأضرار متنوعة، منها 18 مدرسة خرجت عن الخدمة.
في ضوء توقف محطات التحلية وصعوبة ضخ المياه من قبل البلديات ومحدودية المصادر المتوفرة، يواجه قطاع غزة تهديداً صحياً وبيئياً يزداد مع عدم القدرة على معالجة المياه.
ولا تزال طائرات الاحتلال الحربية بمختلف أنواعها تحلق في عموم أرجاء محافظات قطاع غزة الخمس، البالغة مساحتها 365 كيلومتراً، وتشن سلسلة غارات جوية عنيفة إلى جانب قصف مدفعي كثيف، بدعم أمريكي وبغطاء أوروبي، على منازل ومراكز لإيواء النازحين.
كما يحشد جيش الاحتلال الآلاف من جنوده من المدرعات العسكرية على تخوم غزة، وينتظر الجيش القرار السياسي من الحكومة الصهيونية برئاسة بنيامين نتنياهو، قرار الاجتياح البري.
وحذر مراقبون فلسطينيون من أن الدخول برياً سيسبب بمزيد من الضحايا بالمدنيين والدمار الواسع داخل القطاع.
وسبق هذا الحشد دعوات من جيش الاحتلال لسكان شمال ومدينة غزة بالنزوح إلى المناطق الجنوبية، واعتبرت القاهرة هذا النزوح الجماعي الذي رفضته جملة وتفصيلاً، أنه يأتي ضمن خطة لتهجير السكان إلى سيناء تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية.