في ظل استمرار عملية «طوفان الأقصى» التي هزت الكيان الصهيوني وضربته في مقتل، ورده الإجرامي بالعدوان على أهلنا في قطاع غزة المحاصر وارتكابه أبشع المجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ وعموم الشعب الفلسطيني، في بربرية صهيونية لم يشهد العصر الحديث مثيلاً لها، استطاعت «المجتمع» الوصول إلى أحد قيادات «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأجرت معه هذا اللقاء الصحفي حول العدوان الصهيوني على غزة.
كيف أُعدت هذه العملية وطُبخت في الظلام ولم يشعر بها أحد؟ هل كان ذلك ضمن مخطط أم مفاجأة؟
– نعم تم التخطيط لها إستراتيجياً بعد حرب عام 2014م مباشرة، أقسمنا أن ندخل عليهم الباب، وكان تكتيكاً من نوع خاص، وإعداداً كذلك من نوع خاص؛ وبالتالي كان محتاجاً لأن يطبخ جيداً عبر هذه الفترة الطويلة بسرية تامة، حتى قبل التنفيذ بلحظات لم يعرف عنها أحد شيئاً؛ لا السياسيون ولا العسكريون المنفذون أنفسهم، فقد كانت هناك مناورات، وكان يخرج فيها المنفذون بشكل دائم ودوري، وبين هذا يخرج المتدربون إلى مهمتهم، وتكرر ذلك بأعداد كبيرة من الشباب الغزاوي المخلص، هذا الجيل المناضل بفطرته، صفوة الناس تربية وخُلقاً وحفظاً لكتاب الله سبحانه وتعالى وعملاً بمقتضاه، كذلك تدريباً ميدانياً مضنياً بذلوا فيه جهداً كبيراً وعرقاً في سبيل الله، ومعروف في الميدان أنه كلما بذلت المزيد من العرق؛ وفر لك الكثير من الدماء وقت المعركة.
مرغنا أنف العدو منذ اللحظة الأولى رغم قلة الإمكانات مقابل ما يملكه الكيان من وسائل الدمار
ما المنهج التربوي الذي بنت عليه «حماس» رجالها وحاضنتها الشعبية؟
– المنهج التربوي هو منهج كتاب الله تعالى، وهو خير مربٍّ لنا، وكتاب الله يحتاجه المسلم في كل نواحي الحياة؛ حيث نلتزم بما أمر الله، وننتهي عما نهى عنه سبحانه وتعالى.. هذا هو المنهج الذي تربى عليه هؤلاء الرجال.
عند أي نقطة تعتبرون أن «طوفان الأقصى» قد نجحت؟
– في الحقيقة العملية نجحت في هذا المشهد، فقد مرَّغنا أنف العدو في التراب منذ اللحظة الأولى رغم قلة الإمكانات، ورغم ما يملكه الكيان الصهيوني من إمكانات عالية من وسائل الدمار، فهو يملك النووي، ويتسلح بأحدث الأسلحة، حتى إنه يتغنى بأنه أقوى دولة في المنطقة، وليس هذا فحسب، بل تقف وراءه أقوى قوة عسكرية في العالم؛ الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تقوم بإمداده بكل ما يلزم من التسليح والدعم السياسي والعسكري والإعلامي.
في المقابل، فإن بعضاً من الأمة العربية والإسلامية حتى لا يقف على الحياد، بل إلى جانب العدو، للأسف الشديد، وقد صدق فينا وفيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يضرهم من خذلهم»، فأهل الخذلان كُثر، وأول من خذلنا بعض من أهلنا وشعبنا وربعنا من أهل الضفة، مع العلم أنهم في رأس القضية وعمودها، ثم خذلتنا بعض الدول العربية والإسلامية، ولا أعني هنا الشعوب، فطبيعة الشعوب حية، ولا شك أنها تبذل كل ما تقدر عليه وتستطيع في نصرتنا، وبعيداً عن الأنظمة الوظيفية التي قامت على حماية «إسرائيل»، فالذي أوجد هذا الكيان الغاصب أنشأ له أنظمة خائنة تحميه وتنافح عنه، فهما وجهان لعملة واحدة رديئة.
نريد للأمة أن يكون لها دور حقيقي في مواجهة هذا المشروع الصهيوني المدعوم غربياً
من الناس من يقول: إن الكيان الصهيوني سوف ينتقم، بم تردون عليهم؟
– يقول الكثيرون: إن الكيان الصهيوني سوف ينتقم، ولكن ماذا سيفعل أكثر مما يفعله كل يوم؟! ماذا بعد كل هذا الفُجْر بحق المدنيين الأبرياء، هو يقوم بهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، ويضرب المستشفيات بمن فيها من مرضى وأطفال ونساء وعجائز، وهذا ليس غريباً على العدو الصهيوني الذي جن بسبب الإخفاق والخزي العسكري؛ حيث أراد تحقيق أي إنجاز ولو بقتل المدنيين ليعادل إنجاز المقاومة عسكرياً في أرض الميدان.
أستطيع أن أقول لك: إن فرقة غزة الصهيونية بأكملها أبيدت عن آخرها في هذه المعركة، فضلاً عن مقتل عدد كبير من عسكرييهم أصحاب الخبرات والدرجات في الجيش، الذين كانوا على مستوى عالٍ جداً من التدريب، لكنهم فشلوا في المواجهة الحقيقية الأولى أمام أبناء المقاومة، وبالتالي فحتى استهداف المدنيين من قبلهم فشل مركب؛ لأنه سيفشل في تحقيق المعادلة الصعبة داخلياً بين الحكم والاحتفاظ بحاضنة هؤلاء المحكومين.
كيف حققتم المعادلة الصعبة بين الحكم والاحتفاظ بحاضنة المحكومين؟
– لا شك أن الحكم حقق بعض الأريحية من أجل أن تستثمر لصالح المقاومة، فإمكانات القطاع كلها أصبحت حاضنة للمقاومة في التحرك بأريحية في المجالات المختلفة؛ كالتدريب والتصنيع وما إلى ذلك، كل هذا خدم المقاومة في قطاع غزة، أما المقاومة في الضفة الغربية فربما تواجه صعوبات؛ لأن بها حكماً مضاداً، ولا توجد بها بنية تنظيمية قوية، فما يقوم به بعض الأفراد يكون بشكل فردي، لكن لم تستطع كل الفصائل الفلسطينية أن تحرك الضفة الغربية؛ حيث يتواجد فيها الاحتلال، وكذلك السلطة الفلسطينية.
ما الدور الذي تنتظرونه من الأمة لدعمكم؟
– نريد من أمتنا الكثير، بحيث لا يقتصر دورها على ما تقوم به الشعوب الإسلامية من مظاهرات –رغم أننا نحييه ونشكره- نحن نرى أمريكا تتحالف مع «إسرائيل» وتقدم لها كل أنواع الدعم السياسي والعسكري والإعلامي؛ وبالتالي فإنَّ الأمة إنْ لم تتقدم خطوات أكثر، فإن المظاهرات لا تقدم شيئًا، ولا تغني ولا تسمن من جوع، الأمة لها دور عظيم وكبير جداً؛ يتمثل في المشاركة بكل المتاح من أجل «الأقصى» ولأهل فلسطين، «الأقصى» للجميع، والخروج كان من أجله، فهذا المسجد المبارك تم تقسيمه زمانياً ومكانياً، هذا المسجد يحارَب، المرابطون فيه يحارَبون، اليهود يدنسون القدس ويطمسون هويتها، كل هذا ونسأل: ما دور الأمة؟! الأدوار مجتمعة، والمهمات متشابكة، تحث على الإنجاز والانتصار للقضية، وليس مظاهرات تخرج وسط المدن وتهتف ثم يعود الناس إلى بيوتهم! هذا دور العاجز الضعيف، الأمة لها دور عظيم وواجب كبير يمكن تقديمه.
ما الدور المأمول من العلماء والهيئات العلمائية تجاهكم؟
– نحن لنا عتب على العلماء والهيئات العلمائية، فإنه يفترض بهم أن «يربوا أبناء الأمة على الجهاد»، فقد كان دور العلماء على مدار التاريخ مهماً جداً، رأينا تحرك العلماء عندما كانت هناك انتخابات في تركيا، وقد تحرك كثير منهم عندما كان البعض يهمز ويلمز، قس التجربة؛ اليوم نريد تحركاً مماثلاً على الأقل تجاه ما يجري في قطاع غزة.
وما دور الأفراد لنصرة «الأقصى»؟
– كل فرد في الأمة بمثابة جيش في أي بقعة من بقاع الأرض، اليوم هناك صراع واضح على المسجد الأقصى؛ وهو عنوان المعركة؛ وبالتالي فدور الناس أن يتصدوا لمشاريع الأعداء في كل أنحاء الدنيا، وهذا هو الدور الحقيقي الذي نتمناه من الأفراد.
ما الرسالة التي تريدون توجيهها للأمة من منبر «المجتمع»؟
– كما أوضحت سابقاً؛ إننا نريد من أبناء أمتنا أن يكون لهم دور حقيقي وليس مجرد دعم أو مظاهرات سلمية أو ما شابه ذلك، بل ينبغي أن يكون دورهم في مواجهة هذا المشروع الصهيوني المدعوم أمريكياً وغربياً فاعلاً ومؤثراً وموجِعاً، هذا هو الدور الذي نريده من عامة الأمة، بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً.