لست بصدد الحديث عن الجانب العسكري للحرب الجائرة على قطاع غزة، ولا على أعداد المصابين، بل سأتكلم عن الجانب الإنساني الذي ينتظر الأطفال والنساء والشيوخ في ظل الأزمة والحصار الخانق لغزة لما يزيد على 17 سنة.
إن القرار الأخير الذي اتخذته قوات الاحتلال في التاسع من أكتوبر الماضي الذي يتضمن الحصار التام ومنع الماء والكهرباء والوقود والغذاء على القطاع يشكل على المدى المتوسط أزمات كبرى ستطول الأطفال أولاً، وقد تضررت حوالي نصف شبكة المياه، وهناك نحو 800 ألف شخص لا يسعهم الحصول على المياه من الشبكة بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بالآبار والخزانات الجوفية ومحطات تحلية المياه ومحطات الصرف الصحي وشبكات توصيل المياه ومحطات الضخ؛ مما يعرض الأطفال لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه.
ويذكر تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان عن وجود 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة، منهن 5500 امرأة على وشك الولادة هذا الشهر، ولا شك أنهن بحاجة إلى رعاية صحية وحماية عاجلة، فأين تذهب هؤلاء النساء في ظل الضعف الكبير في الخدمات الصحية والنقص الحاد في الأدوية والوقود المسؤول عن تشغيل الحضانات؛ مما يشكل خطراً على أرواح المواليد الجدد وحاجة بعضهم لرعاية خاصة.
إن العدوان على قطاع غزة يهدد حياة أكثر من 165 ألف شخص مصاب بأمراض الضغط والسكري، إضافة إلى أعداد كبيرة تعاني من أمراض مزمنة أخرى بسبب شح الأدوية الضرورية لهم، ناهيك عن مرضى الفشل الكلوي الذي يبلغ 1100 مريض، منهم 40 طفلاً الذين يحتاجون لغسيل كلى؛ مما ينذر بتدهور حالتهم الصحية والاتجاه للموت البطيء.
لذا؛ فإن الأسوأ لم يأت بعد، إلا إذا سعى المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته واتخذ الموقف الإنساني الرشيد في وقف الحرب على غزة، وفك الحصار الجائر، وإمداد السكان بحاجاتهم الأساسية من الماء والغذاء والدواء وحرية الحركة والتنقل، واستخدام مواردهم الطبيعية في حدودهم البحرية والبرية لتوفير حياة كريمة لشعب جريح.