منذ السابع من أكتوبر 2023 والأمة العربية والإسلامية تعيش لحظات من النصر والفرح بعملية “طوفان الأقصى” التي أعادت للأمة العز والفخر؛ فالفرح بكسر شوكة الصهاينة عظيم، ولكن هناك من يقول: “إن رد فعل الصهاينة كان وحشياً حتى إنهم هددوا بالقنبلة النووية”.
والرد على هذا بسيط جدا؛ فكيف تريد أن يتعامل معك الصهاينة؟ فهم منذ 1948 وهم يذيقون الفلسطينيين أسوأ أنواع التعذيب {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} (التوبة: 8).
وغزة منذ سبع عشرة سنة تعيش في حصار مطبق، وللأسف فإن هذا الحصار ليس بيد الصهاينة فقط؛ بل موقفهم كما قال الشاعر العربي طرفة بن العبد:
وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً *** عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ
والفلسطينيون يفضلون الاستشهاد على الموت البطيء بسبب الحصار، وشعارهم قول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَلَا تَهِنُوا فِى ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (النساء: 104)؛ فالموت هو مصير كل حي؛ فهيهات بين الموت شهيدا والموت على الفراش.
ويستتر الصهاينة بقتل المدنيين للقضاء على حماس، وكأن حماس مبنى يُقصف ويُهدم، أو أشخاص تُقتل؛ بل إن “حماس” فكر وأيديولوجية في العقول لا يمكن القضاء عليها إلى يوم القيامة؛ لعدة أمور:
أولها- فكر حماس مستمد من الدين الإسلامي وتعاليمه، ومرتبط بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القائمة على بثِّ روح الجهاد، قال صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”، ونرجو أن تكون حماس من هؤلاء.
ثانيا- حركة حماس حركة تحرر، وكل حركات التحرر لا تنتهي ما دام المحتل جاثمًا على الأرض وعلى القلوب، وحتى إن انتهى الاحتلال تتغير حركات التحرر إلى مشروع بناء دولة. فهل انتهى مشروع “ماو” في الصين، أو “غاندي” في الهند، أو “جيفارا” في أمريكا الجنوبية، أو “ديغول” و”فرانكو” في أوروبا؟ أم لأن “حماس” حركة تحرر إسلامية يجب أن يقضى عليها؟ {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (القلم: 36).
إن الهدف المعلن من الصهاينة بإنهاء حماس ما هو إلا كذبة كبرى لقتل الشعب الفلسطيني بالكامل، وهذا شيء لن يكون حتى لو ألقيت القنابل النووية، كما طالب المتطرف وزير التراث الصهيوني، وما تجميد حضوره لمجلس الوزراء الصهيوني من قبل مجرم الحرب نتنياهو إلا تمثيلية لأنه صرح بنية الصهاينة القادمة.
أبشر كل المسلمين بالنصر المبين؛ فنحن نرى كيف يعيش الصهاينة حالة الرعب والدخول المتكرر للملاجئ، وما القبة الحديدية والجدار العازل إلا تصديق لكلام الله تعالى {لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (الحشر: 14).