حركة «حماس» صناعة يهودية صهيونية وأداة من أدواتهم، التي بها ينفذون جرائمهم، وأنها تعمل وبكل حرفية على تنفيذ أجندة العدو الصهيوني في تدمير القضية الفلسطينية من الداخل وتقسيم فلسطين وإضفاء الشرعية على بقاء المحتل الغاصب وعلى قتله للمستضعفين من أهل فلسطين.
ذكرتني هذه الشبهة بالمثل العربي الشهير “رَمَتْني بِدَائِهَا وانْسَلّتْ”، فمعلوم أن حركة المقاومة الإسلامية حماس تمثل أحد أبرز حركات المقاومة الفلسطينية، وليست الصهيونية، وهي حركة حظيت، وما زالت تحظى بشعبية واسعة في الوسط الفلسطيني، وهي حركة تتبنى الإسلام عقيدة وسلوكاً ومنهجاً، وتتبني الإسلام السُني الوسطي المعتدل كما تؤكد هذا في كل أدبياتها.
ومن أعجب ما وجدت أثناء بحثي عن مصدر هذه الشبهة، أن أول من أثارها هم بعض منتسبي الصوفية المنحرفة، وبعض مدَّعي السلفية، والسلفية منهم براء!
فقلت: “سبحان الله”، كيف التقى هؤلاء مع هؤلاء في إثارة هذه الشبهة، وهم يدَّعون العداوة فيما بينهم؟!
نشأة حركة «حماس»
تأسست حركة المقاومة الإسلامية المعروفة اختصارا باسم «حماس» في ديسمبر من عام 1986م، حيث اجتمع الشيخ أحمد ياسين يرحمه الله وسبعة من كوادر وكبار قادة العمل الدعوي الإسلامي معظمهم من الدعاة العاملين في الساحة الفلسطينية وهم: إبراهيم اليازوري، ومحمد شمعة (ممثلو مدينة غزة)، وعبد الفتاح دخان (ممثل المنطقة الوسطى)، وعبد العزيز الرنتيسي (ممثل خان يونس)، وعيسى النشار (ممثل مدينة رفح)، وصلاح شحادة (ممثل منطقة الشمال)، وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس، وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري الإسلامي ضد الاحتلال الذي أخذ مراحل متطورة لاحقاً.
وكان الإعلان الأول لحركة حماس عام 1987، لكن وجودها تحت أسماء أخرى في فلسطين يرجع إلى ما قبل عام 1948.
وزعت “حماس” بيانها التأسيسي في 15/12/1987م، إبان الانتفاضة الأولى التي اندلعت في الفترة من 1987 وحتى 1994، ثم صدر ميثاق الحركة في 1/1/1409هـ الموافق 1/8/1988م؛ لكن وجود التيار الإسلامي في فلسطين له مسميات أخرى ترجع إلى ما قبل عام 1948م حيث تعتبر “حماس” نفسها امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928، وقبل الإعلان الفعلي عن الحركة في 1987 كانت الحركة تعمل في فلسطين تحت اسم: «المرابطون على أرض الإسراء»، واسم: «حركة الكفاح الإسلامي».
سبب العداء لحركة «حماس»
يُجمع كل المحللين السياسيين على أن السبب الرئيس لعداء «حماس» من قِبَل الكيان الصهيوني وعملائه في الداخل والخارج، أن “حماس” لا تؤمن بأي حق لليهود الذين أعلنوا كيانهم (إسرائيل) عام 1948 باحتلالهم فلسطين، وتعتبر صراعها مع الاحتلال الصهيوني «صراع وجود وليس صراع حدود»، وتنظر إلى “إسرائيل” على أنها جزء من مشروع «استعماري غربي صهيوني» يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامي وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي، وتعتقد بأن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتؤكد على أن مفاوضات السلام مع “إسرائيل” مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق.
وتعتقد «حماس» أن مسيرة التسوية بين الفلسطينيين و«إسرائيل» التي انطلقت رسمياً في مؤتمر مدريد عام 1991 أقيمت على أسس خاطئة، وتعتبر اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية و«إسرائيل» والذي وقع عام 1993م، ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة وحذف الجُمل والعبارات الداعية إلى القضاء على دولة «إسرائيل» تفريطًا بحق العرب والمسلمين في أرض فلسطين التاريخية.
وتعتبر حركة «حماس» أن «إسرائيل» هي الملزمة أولاً بالاعتراف بحق الفلسطينيين بأرضهم وبحق العودة.
وترى «حماس» أن تحرير فلسطين لا يمكن أن يتم إلا بالجهاد في سبيل الله، وقد أثبتت هذا في ميثاقها حيث قالت: “يوم يَغتصب الأعداء بعض أرض المسلمين، فالجهاد فرض عين على كل مسلم.
وفي مواجهة اغتصاب اليهود لفلسطين لا بد من رفع راية الجهاد، وذلك يتطلب نشر الوعي الإسلامي في أوساط الجماهير محليًا وعربيًا وإسلاميًا، ولا بد من بث روح الجهاد في الأمة ومنازلة الأعداء والالتحاق بصفوف المجاهدين.
ولا بد من أن يشترك في عملية التوعية العلماء ورجال التربية والتعليم، ورجال الإعلام ووسائل النشر، وجماهير المثقفين، وعلى الأخص شباب الحركات الإسلامية وشيوخها، ولا بد من إدخال تغيرات جوهرية على مناهج التعليم، تخلصها من آثار الغزو الفكري، الذي لحق بها على أيدي المستشرقين والمبشرين، حيث أخذ ذلك الغزو يُدْهم المنطقة بعد أن دَحَر صلاح الدين الأيوبي جيوش الصليبيين، فقد أدرك الصليبيون، أنه لا يمكن قهر المسلمين، إلا بأن يُمَهَد لذلك بغزو فكري، يبلبل فكرهم، ويشوه تراثهم، ويطعن في مُثُلهم؛ وبعد ذلك يكون الغزو بالجنود، وكان ذلك تمهيدًا للغزو الاستعماري حيث أعلن اللنبي عند دخول القدس قائلاً «الآن انتهت الحروب الصليبية».
وترى «حماس» أن الاتفاقات التي تسعى إلى التسوية السياسية، لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني، ولا تستجيب للحد الأدنى من تطلعاته، كما أنها ترى أنها اتفاقات غير عادلة تكافئ الاحتلال على احتلاله لأرض الشعب الفلسطيني وتضفي الشرعية على هذا الاحتلال.
كما تعتبر أن التسوية السياسية يترتب عليها التسليم للاحتلال بحق الوجود في معظم أرض فلسطين، وما يترتب عليه من حرمان الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني، من حق العودة، وتقرير المصير، وبناء الدولة المستقلة، على كامل الأراضي الفلسطينية، كما تعتبره أمر يتنافى مع القيم والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية، ويدخل في دائرة المحظور في الفقه الإسلامي، ولا يجوز القبول به.
وثيقة المبادئ
أعلنت حركة «حماس» في 1/5/2017م عن وثيقة المبادئ والسياسات العامة التي جاءت في 42 نقطة مقسمة على 12 عنوانا.
وأكدت «حماس» في الوثيقة أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من يونيو1967، هي “صيغة توافقية وطنية مشتركة” مؤكدة أنه “لا تنازلَ عن أيّ جزء من أرض فلسطين مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال”.
وتمسكت الحركة بالقدس عاصمة لفلسطين، وأعلنت رفضها “كل المشروعات والمحاولات الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين” وأنه “لا اعتراف بشرعية الكيان الصهيوني، وشددت على أنه لا “بديل عن تحرير فلسطين تحريرًا كاملًا، من نهرها إلى بحرها”.
طوفان الأقصى
نعيش جميعاً أجواء العملية البطولية “طوفان الأقصى” التي قام بها مجاهدو «حماس» بالاشتراك مع مجاهدي الفصائل الأخرى، والتي كانت امتداداً لسلسة من العمليات البطولية لتحرير فلسطين من هذا الكيان المحتل.
فهل من المقبول عقلاً ومنطقاً أن تكون هذه الحركة «حماس» وأخواتها من حركات المقاومة الإسلامية صنيعة للصهيونية، وهي التي سامت وتسوم الصهاينة سوء العذاب؟!