لسنوات طويلة بقي قطار الخليج حلماً طال انتظاره لدى سكان دول مجلس التعاون، وخاضت مساراً طويلاً حتى اقترب الموعد الذي يترقبه الجميع لإنجازه، كأحد أبرز المشاريع الخليجية المشتركة.
وانتظر الخليجيون نحو 13 عاماً حتى أعلن وزراء النقل والمواصلات بدول مجلس التعاون، البرنامج الزمني للمرحلة التأسيسية للهيئة الخليجية للسكك الحديدية، وسط آمال بأن يحقق في الفترة المحددة والتي تم الإعلان عنها بـ”2030″.
ويعد مشروع السكة الحديدية الخليجية مشروعاً إقليمياً متكاملاً يلبي احتياجات النقل في دول المجلس، حيث ستربط الشبكة جميع دول الخليج، وستكون خياراً إضافياً للمسافرين ونقل البضائع إلى جانب التنقل جواً وبحراً.
2030 الموعد المحدد
وسيكون المشروع عبارة عن مسار سكة حديد مجهز بقاطرات ومجموعة عربات معتمدة على وقود الديزل لتوليد الطاقة الكهربائية لنقل الركاب والبضائع، يربط بين دول المجلس الست.
ويقدر الطول الإجمالي للمسار بنحو 2117 كيلومتراً، يربط مدينة الكويت مروراً بكافة دول المجلس وصولاً إلى العاصمة العُمانية مسقط.
كما تصل سرعة قطارات نقل الركاب إلى ما يقرب من 220 كيلومتراً بالساعة، وسرعة قطارات نقل البضائع إلى ما يقرب من 120 كيلومتراً في الساعة، وتقدر تكلفته الإجمالية بنحو 15.4 مليار دولار.
وبعد سنوات من النقاشات واللقاءات، اتفق وزراء النقل والمواصلات الخليجيون، على تنفيذ وتشغيل مشروع سكة الحديد المشتركة بحلول ديسمبر 2030.
كما اعتمدوا خلال اجتماعهم في مسقط (15 نوفمبر 2023)، ميزانية الهيئة الخليجية للسكة الحديدية لعام 2024، واللائحة الإدارية الخليجية، واللائحة المالية والمحاسبية، ولائحة المشتريات والتخزين للهيئة الخليجية للسكك الخليجية.
وتقدر تقارير دولية أن السكة الحديدية الخليجية، ستؤدي إلى تحسين الاتصال الإقليمي بشكل كبير، عن طريق تقليل أوقات النقل وتكاليفه بين المدن والموانئ الرئيسة الخليجية، وتحسين التدفقات التجارية وجذب الاستثمار.
تعزيز التكامل
ومع الجهود المستمرة لدول المجلس في إنجاز هذه المهمة الكبيرة، جدد أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، تأكيده أن دول المجلس ماضية في جهودها لاستكمال مراحل إنجاز الربط بين دول المجلس بالسكك الحديدية.
البديوي خلال تصريح على هامش مشاركته في معرض ومؤتمر الشرق الأوسط للسكك الحديدية في أبوظبي (16 مايو 2023)، أشار إلى أن المشروع “يمثل نقلة نوعية في الترابط والتكامل الخليجي المشترك”.
وأضاف: “يحرص قادة دول مجلس التعاون على دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك لتعزيز التعاون، وصولاً للتكامل المنشود في المجالات كافة” مشيراً إلى أن “دول المجلس اتخذت خطوات مدروسة تهدف لتنسيق وتوحيد سياساتها واستراتيجياتها، لبلورة إطار عمل جماعي قابل للتطبيق يلبي طموحات وتطلعات أبناء دول المجلس”.
كما أكد أن دول المجلس “تمكنت من إنجاز عديد من مشاريع التكامل الاستراتيجية”، مشيراً إلى أن الجهود “ماضية في استكمال مراحل إنجاز مشروع الربط بين دول المجلس بالسكك الحديدية؛ لما لذلك من آثار إيجابية مباشرة على حركة التبادل التجاري البيني، وحرية التنقل للمواطنين والمقيمين فيما بين دول المجلس”.
وشدد كذلك على أن الربط الخليجي سيعمل على “دعم الاستثمارات المشتركة بين دول المجلس بما يسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي وتأثيره على الاقتصاد العالمي”.
خطوات بين الدول
تمتلك السعودية أكبر شبكة خطوط سكك حديدية في الخليج، كما تواصل تأسيس عدد من منشآت البنى التحتية، كان آخرها افتتاح محطة قطار بالقرب من الحدود الأردنية في مارس الماضي.
أما الإمارات فهي تواصل العمل على الانتهاء من المرحلة الثانية من مشروع السكك الحديدية الوطنية الذي انطلق عام 2016، والمقرر أن يربط 11 مدينة.
وفي قطر عزز إطلاق “مترو الدوحة” الذي يمر بـ37 محطة قبل ثلاث سنوات، ثم الخط الأول من “ترام لوسيل” الذي سيربط 25 محطة بعد انتهائه، إلى جانب التوسعات الكثيرة التي قامت بها الحكومة قبل انطلاق مونديال كأس العالم أواخر العام الماضي، البنية التحتية للسكك الحديدية بشكل كبير.
كما تخطط سلطنة عُمان لبناء شبكة سكك حديدية وطنية خاصة بها، وهي عبارة عن وصلة مقترحة بطول 2100 كيلومتر تبدأ عند حدود الإمارات، وتعبر صحار ومسقط في الشمال، قبل الارتباط بمدن الموانئ الرئيسة في الدقم وصلالة على الساحل الشرقي.
ميزانية الهيئة الخليجية للسكة الحديدية
وقال رئيس وفد الكويت في اجتماع وزراء النقل الخليجيين م. أحمد الصالح اليوم الخميس إن الاجتماع وافق على اعتبار ديسمبر 2030 تاريخاً مستهدفاً لتنفيذ وتشغيل مشروع سكة الحديد بين أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
جاء ذلك في تصريح أدلى به الصالح لـ(كونا) عقب المشاركة في الاجتماع الـ25 للجنة وزراء النقل والمواصلات بدول مجلس التعاون بمسقط ممثلا لوزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة ووزير الأشغال العامة بالوكالة جاسم الاستاد.
وأضاف الصالح ان الاجتماع اعتمد عدة توصيات خاصة بالمشروع الخليجي من أهمها تحديد التاريخ المستهدف للانتهاء من مشروع سكة الحديد ومتابعة سير العمل من قبل الأمانة العامة واستمرار الأعضاء في تزويد الهيئة الخليجية للسكك الحديدية بالبيانات المحدثة للأعمال بشكل دوري وتأمين الموارد المالية والفنية والتشغيلية اللازمة للمشروع.
ووصف الصالح الاجتماع بأنه «مثمر» إذ شهد رغبة واضحة من جميع ممثلي دول مجلس التعاون في إنجاز المشروع بالأوقات المتفق عليها تنفيذا لرؤية قادة دول مجلس التعاون.
وجرت خلال الاجتماع الموافقة على ميزانية الهيئة الخليجية للسكة الحديدية لعام 2024 والموافقة على اللائحة الإدارية الخليجية واللائحة المالية والمحاسبية ولائحة المشتريات والتخزين للهيئة الخليجية للسكة الحديدية.
وخرج الاجتماع بعدة توصيات منها اعتماد الإطار التنظيمي الموحد لإجراء الاختبارات الاستدلالية لمياه التوازن (الصابورة) على متن السفن في موانئ ومياه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ويعمل به بصفة استرشادية.
وحث دول المجلس على الاستفادة من أحكام الإطار التنظيمي في تطبيقاتها والأخذ علما بما تم بشأن تسجيل الأمانة العامة في المنظمة البحرية الدولية.
وتمت خلال الاجتماع مناقشة موضوع استراتيجية النقل البري لدول المجلس واللائحة التنفيذية للقانون (النظام) الموحد للنقل البري الدولي بين دول المجلس.