هناك فرق بين نصر الله عز وجل ووعد الله عز وجل، الذي وعد به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمؤمنين حقا.
أولاً: نصر الله عز وجل.
هو تحقيق أمور وأهداف تنقل المؤمن التقي من مرحلة إلى مرحلة أفضل ليرتقي بتقواه ويزداد قوة على قوته لتحقيق وعد الله عز وجل.
وتوجد سنة شرطية في تحقيق النصر وهي قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) والسنة الشرطية في قوله تعالى “أعدوا” وهذا ما قام به سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمؤمنين حقا.
بين الله عز وجل أنه نصر نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المعارك التي خاضا مع المؤمنين حقا قال تعالى (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ) وقال تعالى (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ): (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا)
وكما نصر الله عز وجل نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أنه سبحانه وتعالى سوف ينصر عباده المؤمنين قال تعالى (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) وقال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) والله عز وجل يقول (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) أي ان ما يقول هو كائن لا محالة وأن نصر المؤمنين حقا واقع لا محالة، وإن شاء الله أهل غزة من المؤمنين حقا.
بين لنا الحق سبحانه وتعالى إن المعارك التي خاضها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكان معه المتقين من المهاجرين والأنصار أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد انتصر فيها، وان كل معركة كان فيها انتصار معين يضاف على الانتصار الذي كان قبله حتى يأتي أمر الله عز وجل، ونضرب مثل للمعارك التي تحقق فيها النصر للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ليضاف على نصر آخر في معركة أخرى ليصل إلى وعد الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو فتح مكة.
المعركة الأولى : معركة بدر في “17 رمضان سنة 2 هجري” وهي أول معركة والتي انتصر فيها “الولاء بين المسلمين والبراءة من الكافرين” لذلك سميت بمعركة الفرقان لأنها فرقت بين معسكر الحق وهو منهج الله عز وجل، ومعسكر الباطل وهو منهج إبليس اللعين، وكان النصر في تحقيق قول الله عز وجل في الولاء (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ) وحققوا في البراء قوله تعالى (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ) فنتصر المؤمنون بتأكيد الولاء والبراء، ليتكون معسكر الحق الذي سيواصل القتال مع معسكر الكفر.
المعركة الثانية : معركة أحد في “7 شوال سنة 3 هجري” أي بعد سنة وعشرين يومًا، والتي انتصرت فيها “الشورى التي هي أخذ رأي الأغلبية، على الاستبداد ورأي الفرد” لقد انتصر عروة الحكم التي إذا نقضة نقض الإسلام كله قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لَتُنتَقَضَنَّ عُرى الإسلامِ عُروةً عُروةً، فكُلَّما انتَقَضَت عُروةٌ تَشَبَّث النَّاسُ بالتي تليها، فأَوَّلُهنَّ نَقضًا الحُكمُ، وآخِرُهنَّ الصَّلاةُ) انتصرت الشورى برأي الأغلبية حتى ولو كان الحاكم مخالف لرأي الأغلبية، وبدأت الرؤيا السياسية في إدارة الدولة وهي الشورى ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ومن ادله النصر في معركة أحد.
أولاً : قول الله تعالى لمن طبقوا الشورى (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) فقد ارتكب من طبق الشورى وهي عروة الحكم أكبر الكبائر وهي “إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم” ولكن الحق سبحانه وتعالى أراد أن يبين لنا أن ما قاموا به من تطبيق أمر الله في إدارة الأمة كان عظيم لذلك قال “وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ” ولم يبين لنا الحق سبحانه وتعالى أنهم تابوا، فيحن الذين خلفوه في معركة تبوك ولم يطبقوا أمر الشورى في الخروج لم يتب الله عز وجل عنهم حتى بينوا التوبة النصوحة ولم يشفع لهم أنهم من اللذين حضروا غزوة بدر أو أنهم من الأنصار أو أنهم من أصحاب بيعة الرضوان أو أنهم من النقباء قال تعالى فيهم (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ثانيًا : قوله تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) هذه نزلت في معركة أحد وهي تبين أن النصر قد تحقق بالامتثال لأمر الله عز وجل في أن الشورى تحققت وما حدث لك يا محمد من كسرت رباعيتك ونزيف دمك، كما أنهم تركوك وفروا وعصوك وفشلوا، يا محمد هناك أمر عظيم حققه هؤلاء وهو الامتثال لأمر الشورى فيا محمد كن رحيم معهم مع كل ما فعلوه، فعف عنهم وصفي ما في نفسك فأستغفر لهم وبعد ذلك شوارهم في الأمر لأن أساس نجاح أمتك في الشورى وفشلها في البغي والاستبداد وإذا تبين قرار الأغلبية فنفذه وتوكل على الله عز وجل، لذلك أمر الله عز وجل مقاتلة البغاة والاستبداد قال تعالى (فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ) لأن البغاة على أمر إبليس، كما أمر بالانتصار علي البغي لأنه لا يجتمع توحيد مع بغي قال تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ).
المعركة الثالثة: معركة الخندق في “شوال سنة 5 هجري” أي بعد سنتين والتي “انتصرت فيها الأمة بالتخطيط والحذر وأن العلم العسكري من أساسيات المعركة”، فكان حفر الخندق.
المعركة الرابعة: صلح الحديبية في “ذو القعدة سنة 6 هجري” أي بعد سنة وشهرين والتي “انتصرت فيها الأمة بحيث حيدت العدو الذي يشغلها لتلتفت للعدو الداخلي”.
المعركة الخامسة: معركة خيبر في “ذو الحجة سنة 6 هجري” أي بعد شهر وكان “الانتصار بأن توحدت المدينة وقضي على العدو الداخلي”.
المعركة السادسة: معركة مؤته في “جماد الأول سنة 8 هجري” أي بعد سنة وأربع أشهر وكان “الانتصار بأن حيد العدو الخارجي وأصبحت المعركة الفاصلة لفتح مكة جاهزة”.
المعركة السابعة: معركة فتح مكة في “10 رمضان سنة 8 هجري” أي بعد أربع أشهر وفيها كان انتصار المؤمنين بفتح مكة المكرمة وتطهيرها من الكفار والمشركين، “وتحقق وعد الله عز وجل لنبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم”.
لقد تحقق وعد الله عز وجل بعد أن خاض النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ستة معارك في كل معركة على مدار ثمانية سنوات، كان في كل معركة انتصار معين، بحيث كونت هذه الانتصار وعد الله عز وجل في المعركة السابعة وهو فتح مكة المكرمة وإخضاعها إلى حكم الله عز وجل وتحرير المسجد الحرام وهدم الأصنام التي تعبد من دون الله عز وجل.
المعركة الثامنة: معركة الطائف. في “شوال سنة 8 هجري” وهي بعد أيام من فتح مكة، بعد أن من الله عز وجل على نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بفتح مكة في هذه المعركة كان “الانتصار على من بقي من الفلول الهاربة لتتحصن عند الأعداء”.
المعركة التاسعة: معركة تبوك. في “رجب سنة 9 هجري” أي بعد ثمانية أشهر التي “انتصرت فيها الإعداد للقوة التي ترهب عدو الله عز وجل وعدو المؤمنين حقا” قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نصرت بالرعب مسيرة شهر) أي في معركة تبوك، وقد جعل الله تعالى النصر لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالرعب من غير قتال، فإن الروم لما بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد خرج لقتالهم مع جيشه انهزموا واستسلموا من الرعب، وهذا عندما حقق سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ).
وكانت هذه المعركة بعد التحرير للمسجد الحرام ليكون الاستقرار للأمة وتقوم بواجبها وهو الإيمان الحق بالله عز وجل الذى لا شرك فيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتكون خير أمة أخرجت للناس قال تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ) ولتقوم بالخلافة في الأرض لتبنى الحضارة والتقدم والتطور في كل المجالات العسكرية والتعليمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لتكون أمة صالحة مصلحة بالتطور المستمر في جميع المجالات وتكون القائدة في علوم التكنلوجيا والطب والهندسة والعسكرية قال تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) ليدخلوا الناس في دين الله أفواجي.
ثانيًا: وعد الله عز وجل
وعد الله عز وجل وهو كل ما وعد الله عز وجل به من بداية الخلق إلى قيام الساعة وهي أوامره، ومن هذه الوعود ما وعد به النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمؤمنين حقا، وهذه الوعود ستتحقق قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمؤمنين يعملوا ويجتهدون لتحقيق هذه الوعود والله عز وجل إما أن يريهم النتائج أو يأجلها قال تعالى (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ الله شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ) الوقت الذي يحدث فيه أمر الله وهو وعد الله عز وجل يأتي كلمح البصر قال تعالى (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ).
ملاحظة: “من أمثلة الوعود التي وعد الله عز وجل نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتحققت في حياته هو فتح مكة وهناك وعود أخرى لم تتحقق في أيامه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإن شاء الله تتحقق على أيدي المؤمنين حقا”.
ومن الوعود التي وعد الله عز وجل بها المؤمنين حقا قوله تعالى (وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) : (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مفعولا) : (ُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) : (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ليسوؤوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) : (عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) : (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) ثم قوله تعالى في آخر السورة (وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا) : (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا).
هذا الوعد الذي سيحققه الله عز وجل لامحالة بواسطة المؤمنين حقا وذلك بعدة انتصارات في كل مرة انتصار حتى تجتمع كل تلك الانتصارات لتحقق وعد الله عز وجل وهو تحرير المسجد الأقصى كما تحقق وعد الله عز وجل بتحرير المسجد الحرام، ويأتي هذا الوعد كلمح البصر ويتحرر المسجد الأقصى، وتتحرر فلسطين.
ولو تتبعنا الانتصارات التي إن شاء الله تحقق وعد الله عز وجل في تحرير المسجد الأقصى وإخراج المحتل منه ومن أرض فلسطين لنجد ما يلي.
الانتصار الأول: كان في انتفاضة الحجارة، وسمّيت بهذا الاسم لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها، بدأت الانتفاضة يوم 8 ديسمبر 1987، وكان ذلك في جباليا، في قطاع غزة، ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين.
الانتصار الثاني: كان في الانتفاضة الثانية وهي انتفاضة الأقصى، اندلعت في 28 سبتمبر 2000، وكان سبب اندلاعها دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، فكان من نتائجه اندلاع أول أعمال العنف في هذه الانتفاضة، وشملت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.
الانتصار الثالث: نتيجة الانتفاضة والمقاومة في غزة، بتاريخ 15 أغسطس 2005، بدأ إخلاء قطاع غزة من المستوطنين وكان يسكن في قطاع غزة 8600 مستوطنًا إسرائيليًا، واكتمل الإخلاء في غضون ثمانية أيام، وبعد الإخلاء بدأت احتفالات الفلسطينيين في قطاع غزة، وبهذا تكونت حاضنة وهي قطاع غزة ليكون فيه الإعداد للقوة التي يرهبون بها عدو الله وعدو المؤمنين حقا، إن هذا مثل ما تكونت الحاضنة للنبي سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي المدينة المنورة ليكون فيها الإعداد.
الانتصار الرابع: الحرب التي قامت في يوم 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009 وهي تأتي بعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر كان قد تم التوصل إليها بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” من جهة وإسرائيل من جهة أخرى في يونيو 2008.
الانتصار الخامس: الحرب بين حماس مع فصائل المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، في غزة والتي سميت بعملية الجرف الصامد من الجانب الإسرائيلي، وبالعصف المأكول من جانب حماس والفصائل، وبدئت في الثامن من يوليو 2014 واستمر لمدة 50 يوم تقريبا.
الانتصار السادس: الحرب على غزة في 10 مايو عام 2021 وسميت معركة “سيف القدس”، أو “عملية حارس الأسوار” وكانت حرب واسع النطاق بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، لعبة حركة حماس الدور الأكبر في الحرب من جانب المقاومة الفلسطينية، بعد الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة في القدس، وكانت هناك تحذيرات من حركة حماس على لسان قائد جناحها العسكري محمد الضيف بأنَّ أمام الجيش الإسرائيلي ساعة للخروج من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإلَّا ستندلع الحرب، ومع انتهاء المهلة في تمام الساعة السادسة مساءً بدأت المقاومة الفلسطينيّة بإطلاق الصواريخ على شكل رشقات صاروخية مكثفة على إسرائيل وبعدها بدأت القوات الجوية الإسرائيلية بقصف قطاع غزة وهو ما تسبب ببدء الحرب، قُتِل أكثر من 200 فلسطيني كما قُتِل أكثر من 13 إسرائيليًا في الحرب التي انتهت في 21 مايو من عام 2021 بهدنة.
الانتصار السابع: طوفان الأقصى وهي الحرب المفاجئة التي شنتها حركة حماس علي المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 ردا على انتهاكات الجيش الإسرائيلي المستمرة بحق المواطنين الفلسطينيين في المسجد الأقصى وتعتبر هذه العملية أكبر كارثة في الأرواح مرت في تاريخ إسرائيل منذ حرب أكتوبر سنة 1973 وقد خسرت إسرائيل أكثر من ألف قتيل في أول ثلاثة أيام من بدء العملية.
وإن شاء الله تكون هذه المعركة وهي السابعة مثل معركة فتح مكة وهي السابعة وتكون نهاية العدو الإسرائيلي وتحرير الأرض والمقدسات.
الأدلة على انتصار أهل غزة في معركة “طوفان الأقصى”
هذه بعض الأدلة التي تبين انتصار غزة في معركتها “طوفان الأقصى” التي اندلعت في 7 اكتوبر عام 2023 م.
1- انتصرت حماس والفصائل بالإعداد المحكم في القوة وتنوع طرق الهجوم من البر والجو والبحر، وبهذا خذلوا المنافقين الذين كانوا يقولون على الصواريخ في بداية المعارك الألى مع العدو الإسرائيلي أنها ألعاب نارية فكانت أسلحتهم ترهب العدو إن كان من اليهود والكفار والمنافقين، وبدلك نفذوا أمر الله عز وجل في الإعداد قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ).
2- انتصرت حماس والفصائل بالسرية في التحضير للمعركة وإيهام العدو بأن حماس خرجت من الصراع بحيث باغت العدو، ولأول مرة تكون العركة في داخل الأراضي المحتلة، كما قتلت من العدو وأسرت ودمرت معدات وآليات عسكرية.
3- انتصرت حماس والفصائل بأن كل أهل غزة وقفوا مع المقاومة ورفضوا التهجير، بل الكل يدعم المقاومة بماله ودمه وأبنائه، تهدم بيوتهم وييتم أبنائهم وتموت زوجاتهم، هم صدقوا ما عاهدوا الله عليه، هم احبوا الله ورسوله وأحبوا الجهاد في سبيله، لذلك فهموا قوله تعالى (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) فضحو بكل شيء وأبقوا حب الله ورسوله والجهاد في سبيله.
4- انتصرت حماس والفصائل بانتصار المسجد الأقصى وعرف العالم أنه يوجد من يحميه ويحافظ عليه ويحرره من أجدى اليهود والصهاينة بكل أطيافهم والمنافقين، فهو انتصار لبيت الله عز وجل ثاني بيت وضع على الأرض ومسري نبي الرحمة وقبلة المسلمين، لذلك من ينصره ينتصر قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
5- عنهم وهو من جعلهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى في سياق واحد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى).
6- انتصرت حماس والفصائل بأن وقف معهم كل شعوب العالم الذي يقدر معنى الإنسانية فخرجت المظاهرات في كل العالم الحر لتقف معهم وتناصرهم وتهتف بنصرهم وتدافع عنهم قال تعالى (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، ما عدى دول الاستبداد والنفاق وللأسف هي بعض الدول العربية التي تدعى الإسلام.
7- انتصرت حماس والفصائل بأن كشف وأكدت إجرام اليهود الصهاينة والكفار والمنافقين وحشيتهم، وأن من حقهم تحرير أرضهم ومقدساتهم قال تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) وإن شاء الله ينصرهم.
8- انتصرت حماس والفصائل بإحياء قضية القدس وفلسطين في وجدان الأمة وأيقظت من بدأ بالتهاون
9- انتصرت حماس والفصائل بأن عادت كل شعوب العالم الحر اليهود الصهاينة ومن عاونهم ولم تقم أي مظاهرة تؤيدهم أو تقف معهم، بل عادوهم وعادوا كل من وقف معهم حتى ولو كانوا من بنى جلدتهم.
10- انتصرت حماس والفصائل بأن ظهر للعالم كله كيف أن شعب غزة يؤمن بالإسلام كمهج وأن ثقافة الإسلام هي ثقافتهم فلم يشاهد العالم أي سرقات أو اعتداء على ممتلكات الآخرين مع وجود القلة والحصار، بل كإنو كما وصفهم حبيبهم سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله (إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. وشَبَّكَ أصَابِعَهُ).
11- انتصرت حماس والفصائل بأن بينت أن الكفار بعضهم أولياء بعض قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) وأن المؤمنين إن لم يفعلوا هذا تكون الفتن والفساد في الأرض قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) وللأسف هذا ما حدث بعدم الولاية بين المؤمنين.
12- انتصرت حماس والفصائل في أن بينت بان من يتولاه اليهود والنصارى يصبح منهم في العداء على المؤمنين كما ظهر هذا في بعض الدول العربية التي توالت معهم وعملت التطبيع معهم قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
13- انتصرت حماس والفصائل بأن بينت المنافقين من الذين يسارعون في التطبيع معهم وهم يقولوا آمنا، والذين يخافون منهم ولا يخافون من الله عز وجل (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ) ولكن الله سيخذيهم عندما يأتي نصره ويصبحوا نادمين لخسرانهم وخزيهم.
14- انتصرت حماس والفصائل بأن بينت أن من يتقاعس عن نصرة المؤمنين حقا ويطبع مع الهون أن الله لا يحبه وسيخزيه ويستبدل بدلاً منهم مؤمنين حقا يكونوا أولياء بعض قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
15- انتصرت حماس والفصائل بأن بينت عداوة اليهود والنصارى والكفار والمنافقين وذلك عند ظهورهم في الإعلام وما يقولون بأفواههم، كما ظهر حكام أمريكا والغرب الصليبي، وما تخفي صدورهم من العداوة والبغضاء أكبر قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ
“16- انتصرت حماس والفصائل بأن بينت أن الصهاينة ومن عاونهم وطبع معهم أنهم في حقد مستمر على المؤمنين حقا قال تعالى (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
17- انتصرت حماس والفصائل بأن بينت الأمة المضللين وهم الحكام المستبدين البغاة وعلماء السلطان والعلماء المغفلين والعلماء الآبائيين والعباد الجهلاء قال تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون).
انتصرت عزة الأبية بأن قدمت للعالم معنى المؤمن الحق الذي يحرر مقدساته وأرضه ولا يقبل الدنية ويقاتل من أجل الحرية التي هي أساس إرسال الرسل قال تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ) وبالحرية يكون توحد لا شركاء فیه بین العبد وربهم، وتوحد لا مدبر ولا ملك ولا سیادة فیه ولا سلطة إلا لله واحد، فلن يقدم الإسلام نقبا كما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى في وجود الحرية والقضاء على الاستبداد لیكون الإنسان حر من كل قد أو تبعية.
ملاحظة: كنت أكتب “المؤمنين حقا” وذلك لأن الإيمان هو أن يكون المؤمن مصدقاً وعاملاً بما يأمره الله والرسول قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا) ومن يطبق هذه الآية يكون مؤمن حقا، ولذلك قسم الله عز وجل في كتابه العزيز المؤمنين إلى أربع أقسام هي.
1- المؤمنين حقا : قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) لذلك علينا معرفة مواصفات المهاجرين والأنصار لنكون مؤمنين حقا وقد ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز مواصفاتهم رضوان الله عليهم منها قوله تعالى (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) : (وَالَّذِينَ تبوؤوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، كما ذكر الحق سبحانه وتعالى “90” آية فيها توجيه لمعرفة المؤمنين حقا بقوله يا ايها الذين آمنو وكذلك في آيات بقوله إنما المؤمنين ، وقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) : (أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).
“2- المؤمنين المشركين : قال تعالى (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) وضح لنا الله عز وجل أنه حين يرسل الرسل إلى الأمم فإن أكثرهم غير مؤمنين حقا وذلك في سورة الشعراء التي قال الحق سبحانه وتعالى فيها لنبيه سيدنا محمد صل الله عليه وسلم وهو يواسيه (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ثم يوضح له أن من آيات الله عز وجل أن الأكثرية من قومه لن يكونوا مؤمنين حقا قال تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) وأن هذه الأية تنطبق على كل الأمم وقص الحق سبعة قصص للأقوام السابقة وفى نهاية كل قصة قال تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) أي الأكثرية من الأقوام التي هي قبل امتك هم غير مؤمنين حقا، لذلك قال تعالى من يخاف من شياطين الإنس وهم الحكام البغاة والعلماء المضللين ولم يكون خوفه من الله وحده فقد الإيمان قال تعالى (إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
3- المؤمنين الخبثاء: قال تعالى (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) وهم المنافقين من الحكام والعلماء والشعوب.
4- الذين يقولون آمنا بأفواههم: قال تعالى لنبيه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ) وهؤلاء موجودون بيننا.