مضت 44 يومًا على بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث أسفرت هذه الحرب الوحشية عن أكثر من 12 ألف شهيد، من بينهم نحو 5000 طفل، وأكثر من 30 ألف مصاب، وهم 70% من الأطفال والنساء.
إلى جانب القصف المستمر، يواجه سكان العديد من مناطق القطاع الآن معاناة إضافية، حيث يضطرون إلى النزوح بعيدًا عن منازلهم في ظروف صعبة وكارثية، وتتفاقم الأوضاع مع دخول فصل الشتاء، وارتفاع حالات نقص المواد الغذائية والمقومات الأساسية للحياة.
تتواصل رحلة النزوح منذ 13 أكتوبر الماضي، حيث يسلك الفلسطينيون الطرق من شمال القطاع إلى جنوبه، متجاوزين شارع صلاح الدين سيرًا على الأقدام أو بواسطة عربات تجرها الدواب، وذلك في ظل استمرار القصف الجوي وتقسيم القوات الإسرائيلية للقطاع.
أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في 17 نوفمبر الحالي أن عدد النازحين من منازلهم في جميع أنحاء القطاع بلغ 1.6 مليون فلسطيني، وأشارت إلى وجود نحو 830 ألف نازح في 154 منشأة تابعة لها.
ورغم إعلان “إسرائيل” عن وجود ممر آمن، خاصة على الطريق بين شطري غزة، تظهر الأرقام الرسمية للشهداء أنه لا مكان آمن في القطاع، حيث قتل نحو 3600 شخص في الجنوب والوسط، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
وفي هذا السياق، يشير تقرير إلى أن الكثير من المحال التجارية في جنوب القطاع فارغة من البضائع، ويتحدث تاجر عن نفاد المواد الغذائية وأزمة مواد يواجهها السكان.
مع بداية موسم الشتاء، تتزايد معاناة النازحين الفلسطينيين الذين نزحوا من مدينة غزة وشمال القطاع بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية، وتتسبب الأمطار في خلق صعوبات إضافية مع التشريد والتهجير.
تحذيرات من احتمال حدوث فيضانات وقصور نظام الصرف الصحي في ظل نقص الموارد، وأكدت منظمة الصحة العالمية أن غزة تواجه احتمالات متزايدة لانتشار الأمراض.
وفي محاولة للتصدي لتلك التحديات، تفتح وكالة الأونروا مدارسها ومرافقها الصحية لاستقبال النازحين، لكن هذه المنشآت لم تعد آمنة، حيث شهدت قصفًا متعمدًا من قبل جيش الاحتلال، وتحولت إلى مواقع محتملة للخطر.
تتزايد المشاكل للمنظمات الإنسانية في القطاع مع استمرار القصف على المرافق الصحية والمدارس، وتزايد أعداد القتلى والمصابين بين موظفي الوكالات، وسط تأكيدات بشأن “عدم كفاية” المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى القطاع.
ويقول الجعيدي من باحة إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) في رفح كبرى مدن جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، “أمطرت الدنيا وتبللنا وتبللت كل أغراضنا وملابسنا والفرش والأغطية … هذه العيشة لا تحتملها حتى الكلاب”.
في كل مكان انهمك الرجال في العمل. بعضهم تمكن من العثور على قماش مشمع بلاستيكي استخدموه في تغطية الخيام المصنوعة من القماش. وراح آخرون يثبتون أكياسًا بلاستيكية لتغطية ما قد يصبح مأوى لهم لفترة طويلة، بعد أن أدى القصف الكثيف إلى تدمير نصف منازل قطاع غزة تقريبًا أو إصابتها بأضرار جسيمة.
“اطفال جياع تحت المطر”
وقال أيمن الجعيدي وهو يرتدي قميصا قصير الأكمام فيما تحول الطقس الخريفي إلى البرودة “الاطفال ملابسهم تبللت ولا يوجد لهم غيارات، سيمرضون”، وأضاف غاضبا “أين سننام؟ لم نأكل شيئا منذ ثلاثة أيام. الأونروا تؤمن لنا الطعام المعلب والبسكويت لكن أطفالنا لا يشعرون بالشبع، أعطونا خبزًا، نريد أن نأكل ونطعم أطفالنا”.
ووفقا للأمم المتحدة نزح أكثر من 1,5 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليونا، ويعاني جميع السكان من الجوع.
وقامت الأونروا بتأمين 154 ملجأ لاستيعابهم، إلا أن جميعها تستقبل أعدادًا أكبر بكثير من طاقتها حيث يتقاسم المئات مرحاضا واحدا ودشا واحدا وفق تقارير الوكالة اليومية.