السفير عبدالله الأشعل، أحد خبراء الإستراتيجية والدبلوماسية المصرية، المتعمقين في القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني، وكان سفيراً لمصر في عدة دول، ومساعد سابقاً لوزير الخارجية المصري، وأحد أبرز أساتذة القانون الدولي، عمل في وقت سابق أستاذاً للقانون الدولي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
في هذا الحوار الذي تجريه «المجتمع» مع السفير الأشعل حول القضية الفلسطينية ومشروعية المقاومة، يضع الكثير من النقاط على حروف المشهد الذي يحاول فيه صهاينة العرب والغرب التشويش وشيطنة المقاومة وتقويض منجزاتها الكبيرة منذ 7 أكتوبر 2023م، متوقعاً أن تنتصر المقاومة الفلسطينية في معركة «طوفان الأقصى»، أو أن تخرج ألف حركة كحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تواصل طريق الجهاد حتى التحرير الكامل لفلسطين من البحر إلى النهر.
3 طرق لمحاكمة قادة الكيان الصهيوني على جرائمهم دولياً
يحاول صهاينة العرب والغرب التشويش على حق المقاومة الفلسطينية في الكفاح المسلح، ما مشروعية المقاومة الفلسطينية طبقاً للمعايير الدولية والقوانين الأممية؟
– المقاومة دائماً مشروعة، ومشروعيتها تنبع بالأساس من عدم مشروعية الاحتلال والاستعمار، وطالما هناك احتلال فلا بد أن يكون هناك مقاومة، وكي ينضج المركز القانوني للمقاومة، مرت بحوالي 200 سنة حتى الاحتلال الألماني لفرنسا في يونيو 1940م، حيث بدأ العالم يعترف بالمقاومة، مقاومة الرجل الأبيض للرجل الأبيض، وليس الرجل الملون للرجل الأبيض، والآن المقارنة بين ما يحدث من دعم لمقاومة أوكرانيا يفضح العالم الغربي المتواطئ مع دولة الاحتلال الصهيوني.
والقانون الدولي أقر بوضوح حق كل شعب محتل في إنهاء الاحتلال بكل السبل المتاحة بما فيها الكفاح المسلح، وقرارات الأمم المتحدة رقم (2649) لسنة 1970م، ورقم (2787) لسنة 1971م، ورقم (3236) لسنة 1974م، تتضمن تأكيد شرعية نضال الشعوب في سبيل تقرير المصير والتحرر من الاحتلال بما في ذلك الشعب الفلسطيني، بجانب القرار الأممي رقم (1514) لسنة 1960م، الذي نص على حق الاستقلال التام للبلدان والشعوب المستعمرة، وإنهاء الاستعمار.
ما رأيكم في مواصلة المقاومة الفلسطينية الصمود في الميدان رغم شعورهم بالخذلان العربي والإسلامي الرسمي، وفق بعض تصريحاتهم؟
هذه طريقة فتح ملف نووي الاحتلال بعد اعتراف وزيره
– هناك تواطؤ رسمي عربي وإسلامي ضد المقاومة، للأسف، لصالح أمريكا والكيان الصهيوني، وبعض الحكومات العربية تعاقب المقاومة كونها تنتمي للتيار الإسلامي، الذين كانوا يحاربونه في بلدانهم، رغم أن التجارب السابقة أنضجت عقلية التيار الإسلامي، وقدمت المقاومة الفلسطينية نموذجاً ملهماً، ورغم ذلك فإني أعتقد أن صمود المقاومين في غزة في ظل واقع الخذلان العربي الحالي باتت «مسألة إلهية»، ينطبق عليهم قوله تعالى: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى {13} وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ) (الكهف).
هناك اتفاق على ارتكاب قادة الكيان الصهيوني جرائم إبادة، كيف نحرك تلك القضايا دولياً؟ وهل يمكن رؤية محاكمة دولية لهم؟
– الجهة المختصة هي المحكمة الجنائية الدولية، ويمكن عقد اختصاصها بـ3 طرق، أولها: اقتناع المدعي العام للمحكمة بأن يبدأ التحقيق الأولي في الجرائم التي يمكن أن تشكل جرائم حرب، أو عن طريق مجلس الأمن الدولي، وبالتشكيل الحالي بات هذا الطريق مستحيلاً؛ لأن أمريكا وفرنسا وبريطانيا سيلجؤون إلى حق «الفيتو» لتعطيل القرار، والطريق الثالث أن دولة عضوة في المحكمة تقدم طلباً للتحقيق مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني «بنيامين نتنياهو» وكبار قادة الحرب العسكريين المسؤولين عن تلك المجازر.
وهناك عدد كبير من المحامين، يتقدمهم صديقي المحامي الفرنسي «جيل ديفيز»، اتجهوا هذه الأيام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقدموا طلباً للمدعي العام؛ للنظر في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب، بالإضافة إلى جريمة العدوان التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكنها جريمة سياسية.
اعترف الوزير الصهيوني «عميحاي إلياهو» بامتلاك الكيان المحتل سلاحاً نووياً، ما تبعات ذلك الاعتراف دولياً وقانونياً في ظل مطالبة الجامعة العربية ودول كتركيا ببدء الملاحقة والتحقيق؟
حل الدولتين مسرحية وضرورة دعم المقاومين لإنهاء الاحتلال
– المفترض أن تقدم الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا طلباً كي تقوم الوكالة بتوجيه تنبيه إلى الكيان الصهيوني؛ لأن دولة الاحتلال لم تنضم إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وليست طرفاً فيها، وبالتالي لا تستطيع الوكالة الدولية القيام بالتفتيش.
يتحدث البعض الآن عن حل الدولتين كخيار سياسي دولي، ما رأيكم في هذا المسار؟
– الدول الغربية التي تؤيد شكلياً في العلن مشروع حل الدولتين الذي تطرحه الدول العربية، لا تستطيع الموافقة عليه، أبداً؛ لأنها مؤيدة للمشروع الصهيوني الذي يعمل على تهجير قسري للفلسطينيين، وإحلال يهود العالم مكانهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وبالتالي أعتبر هذا الحل مسرحية الغرض منها صرف الأنظار عما تقوم به دولة الاحتلال الصهيوني، وصولاً إلى تفريغ فلسطين من أهلها، والأَوْلى إنهاء الاحتلال، فهذا هو الطريق الصحيح، ولكن يجب أن نعلم أن انتهاء الاحتلال لا يتم بقرار من الأمم المتحدة، وإنما بإرغام الكيان الصهيوني على ذلك عن طريق دعم المقاومة الفلسطينية.
أتوقع انتصار المقاومة أو يخرج ألف حركة كـ«حماس»
ما نصيحتك للمقاومة لاستكمال مكتسبات انتصارها التاريخي في 7 أكتوبر؟ وما توقعاتكم للوضع الراهن؟
– المقاومة تعرف طريقها جيداً، وأنا أقل من أنصح المقاومة، ولقد اكتسب أبطالها مكتسبات كبيرة لا رجعة فيها، منذ 7 أكتوبر الماضي، والمشهد، في رأيي، يتجه إلى مسارين؛ هما: تحقيق خطة الاحتلال بالقضاء على المقاومة، وخاصة حركة «حماس»، ورغم صعوبة ذلك فإنه في هذه الحالة ستنشأ آلاف من حركات المقاومة كـ«حماس»؛ لأن الشعب الفلسطيني من حقه أن يدافع عن أرضه ويستعيدها من اليهود.
والاحتمال الثاني أن تنجح المقاومة في إجبار الكيان الصهيوني على الاعتراف بالهزيمة؛ وبالتالي سيؤدي ذلك إلى الهجرة العكسية ووقف التطبيع وإجهاض «صفقة القرن» تماماً، وبداية مرحلة جديدة في عمر القضية الفلسطينية.