بالرغم من دخول العدوان الصهيوني على غزة شهره الثالث، لا تزال المقاومة الفلسطينية تواجه قوات الاحتلال بضراوة وتثخن بالعدو وتكبده خسائر في عناصره وضباطه ومعداته العسكرية.
فمنذ 7 أكتوبر الماضي وثقت «كتائب القسام»، الجناح العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في معركتها «طوفان الأقصى»، تدمير أكثر من 200 آلية صهيونية ومقتل الآلاف من جنود الاحتلال.
حول معركة «طوفان الأقصى» وما حققته من إنجازات وتحولات إستراتيجية في مسار الصراع، كان لـ«المجتمع» هذا الحوار (الجزء الأول) مع الباحث في العلاقات الدولية أدهم أبو سلمية:
بداية، كيف استطاعت المقاومة الانتصار على قوات الاحتلال بعد شهرين على العدوان؟
– يعني لا شك أن قدرة الفلسطيني على البقاء على أرضه، وإفشال ما يخطط له الاحتلال «الإسرائيلي»، يعد في فهمنا وفهم كل حركات التحرر والمقاومة والشعوب المظلومة انتصاراً على هذا المحتل.
الاحتلال فشل فشلاً ذريعاً في مسألة تهجير أهل قطاع غزة
ودعني هنا أحيلك إلى اليوم الأول الذي تحدث فيه نتنياهو، وضع مجموعة من الأسس التي يريد على أساسها أن يعلن انتصاره في هذه المعركة، وتحدث عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، تحدث عن القضاء على حكم «حماس» في قطاع غزة، وإعادة غزة إلى العصر الحجري، تحدث عن مسألة القضاء على قدرات المقاومة، تحدث أيضاً عن مسألة استعادة الأسرى «الإسرائيليين» بالقوة العسكرية، فكل هذه الأهداف لم يستطع الاحتلال «الإسرائيلي» تحقيقها.
نحن اليوم بعد أكثر من 60 يوماً نلحظ أن الفلسطيني لم يهاجر، الفلسطيني يفضل أن يموت في أرضه على أن يهاجر، وحتى منطقة شمال قطاع غزة التي ركز عليها الاحتلال كأكثر منطقة في هذه المعركة ما زال أكثر من 800 ألف إنسان يعيشون في هذه المنطقة؛ بمعنى أن الاحتلال فشل في مسألة التهجير فشلاً ذريعاً.
على الرغم من الفارق الهائل في الإمكانيات.
كيف انتصرت المقاومة على العدو الصهـ.يوني؟
الصحفي الفلسطيني أدهم أبو سلمية يجيب في لقاء خاص مع مجلة المجتمع.@adham922 #غزة_تحت_القصف pic.twitter.com/xyX1lkPK0S
— المجتمع (@mugtama) December 1, 2023
المسألة الثانية أن الاحتلال خضع في نهاية المطاف وتفاوض مع «حماس» بعد أن قال: إنني لن أتفاوض، تفاوض معها عبر الوسيط القطري المصري الأمريكي، والمسألة الثالثة استجاب لشروط المقاومة فيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى لدى المقاومة بعد أن قال بأنه سيأخذهم بالقوة.
والنقطة الأهم، في تقديري، هو ما رأيناه، عندما قامت المقاومة الفلسطينية بإخراج دفعة من هؤلاء الأسرى لديها في منطقة شمال قطاع غزة، لتضرب بذلك ما كان يروج له نتنياهو خلال الأسابيع الأخيرة بأنه أحكم السيطرة على مدينة غزة وشمالها، وأن شبكة أنفاق المقاومة باتت تحت سيطرة جنوده، ليخرج هؤلاء الأسرى بسلام من هذه المنطقة؛ ما يعني أن الاحتلال فشل في تحقيق كل أهدافه، وهذا الذي يجعل الفلسطيني اليوم يقول: إنه انتصر؛ لأن العدو الصهيوني لم يحقق أياً من الأهداف التي أرادها، غير أنه قتل الأطفال والنساء، ودمر المساجد والمستشفيات.
برأيك، ما تأثير عملية «طوفان الأقصى» على المجتمع الغربي؟
– لاحظنا في هذه المعركة جملة من النقاط التي يمكن أن نرتكز عليها ونتحدث عنها، الأولى: دعني أبدأ بالدائرة الأوسع، وهي الدائرة الدولية، هناك حالة تعاطف كبيرة جداً مع القضية الفلسطينية، وأنا أعتقد أنها اليوم تنتقل من حالة التعاطف إلى حالة المناصرة، وحالة المناصرة هذه رأيناها من خلال تجمع المحامين سواء في كندا أو الولايات المتحدة الأمريكية، الذي بدأ عملياً برفع قضايا على الدول الداعمة للكيان الصهيوني.
هناك «لوبي» مناصر للقضية الفلسطينية تشكَّل انطلاقاً من شعوره بالظلم الواقع على الفلسطينيين بهذه المنطقة
ونحن رأينا الرئيس الأمريكي جو بايدن وهو يعتذر للقادة المسلمين أنه شكك حتى في أرقام الشهداء، هذا الأمر لم يكن ليحدث لولا حالة الضغط الذي يمارس اليوم، هناك «لوبي» مناصر للقضية الفلسطينية، هذا «اللوبي» تشكَّل انطلاقاً من شعوره بأن هناك ظلماً واقعاً على الفلسطينيين في هذه المنطقة.
على البعد الدولي، المنطقة عبرت خلال العامين الآخرين، بين ازدواجية معايير حقيقية، لا يمكن أن تفصل بينهما، وهو ما حدث في أوكرانيا وروسيا، وما حدث في فلسطين العالم رأى كيف تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية مع هذه الحالة، وكيف يتم التعامل مع الحالة الفلسطينية عندما تصل في روسيا بأنها قوة احتلال غاشم إرهابي إلى آخره، ثم تصف الأوكرانيين بأنهم مجموعة من الضحايا، ثم تنقلب الحال عندما تأتي إلى المحتل الذي تقول لك كل الدنيا والأعراف والقوانين الدولية بأنها قوة احتلال (إسرائيل)، وتتعامل مع هذا المحتل، وتمده بالسلاح، ولا تقبل بأن تعترف بما يرتكب من جرائم وعدوان على الفلسطيني.
كيف أثرت عملية طوفان الأقصى في المجتمع الغربي؟
يجيب الصحفي أدهم أبو سلمية في لقاء خاص مع مجلة المجتمع. @adham922 #غزه_تقاوم_وستنتصر pic.twitter.com/UtCDLL8SQl
— المجتمع (@mugtama) December 1, 2023
ثم تصف الفلسطيني، الذي هو ضحية هذا الاحتلال، وضحية إرهاب هذا الاحتلال، بأنه هو الإرهابي المجرم، هذه الازدواجية من المعايير دفعت الشباب تحديداً في العالم الغربي إلى إعادة قراءة القضية الفلسطينية من جديد، وإعادة النظر فيها مرة أخرى، والالتفات إلى مظلومية الشعب الفلسطيني من جديد، ونحن نلحظ أن هناك تحولاً كبيراً في الرأي العام الدولي، وليس أدل على ذلك من هذا السعار «الإسرائيلي» الذي نراه اليوم من خلال جلب رؤساء ومؤسسي وأصحاب شركات مواقع التواصل الاجتماعي، كان آخرهم إيلون ماسك، إلى الكيان الصهيوني وإقناعهم بمحاربة المحتوى الفلسطيني.
كيف ترى الدور الذي تقوم به دولة الكويت تجاه القضية الفلسطينية؟
– نوجه، من خلال منبركم تحية خاصة للكويت؛ أميراً وحكومة، وبرلماناً وشعباً، أنا أسميها كويت الفزعة، كويت السند، والإسناد، الشعب الكويتي منذ اللحظة الأولى كان متفاعلاً، كان يتحرك، في تقديري، مستنداً إلى حقيقة فهمه لما يحدث في فلسطين، وهذا ليس غريباً على الكويت، ولا على شعب الكويت الشقيق، ولا على دولة الكويت رسمياً.
ازدواجية المعايير دفعت الشباب الغربي إلى إعادة قراءة القضية الفلسطينية من جديد
الذي رأيناه من الكويت خلال الأيام الماضية بهذا الحراك السياسي والدبلوماسي، وعلى صعيد البرلمان، وخطاب رئيس الوزراء العظيم، الذي كان في بداية هذه المعركة، ثم بعد ذلك الفزعة التي رأيناها من الشعب الكويتي، وهذا الجسر الجوي الذي لا يتوقف، وحملة «سفينة غزة» التي ستنطلق بعد أيام.
كويت الفزعة والسند والإسناد.
رسالة شكر من الناشط الفلسطيني أدهم أبو سلمية من خلال لقاءه بمجلة المجتمع.@adham922 #الهدنة#سفينة_غزة#غزة_انتصرت#غزة_تحت_القصف pic.twitter.com/7punzrOIe4— المجتمع (@mugtama) December 2, 2023
أمام كل هذا الإحسان، وأمام كل هذا الإسناد وأمام كل هذا الدعم، لا أجد من كلمات حقيقة إلا أن أقول لشعبي وأهلي في الكويت: جزاكم الله خيراً، كتب الله أجركم وتقبل منكم.
وأيضاً لا أنسى حقيقة كل أبناء أمتنا العربية والإسلامية، التي أيضاً قامت بحملات وفزعات، ربما لا يتسع المجال لذكرها، وكل دولنا العربية والإسلامية كانت سباقة في إسناد غزة، إسناداً إنسانياً، فجزاكم الله ألف خير، ونسأل الله عز وجل أن يكون فيه الخير والبركة للصابرين المرابطين في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس.