برغم أن المقاومة الإسلامية في غزة كسبت الحرب النفسية ضد جيش الاحتلال مرتين؛ الأولى: عبر فيديوهات المقاومة التي تُظهر تدمير دبابات الصهاينة وقتل ضباطهم وجنودهم، والثانية: عبر فيديوهات تسليم أسرى الاحتلال الذين شكروهم على معاملتهم لهم بأخلاق الإسلام؛ فإن حرباً إعلامية شرسة اشتعلت عبر شخصيات عربية اسماً، موالية للاحتلال، ولجان إلكترونية تتبع أساليب الحرب النفسية للذم في المقاومة الفلسطينية، واتباع كل أساليب الكيد لإثبات أن الفلسطينيين خسروا ولم يكسبوا شيئاً سوى دمار غزة!
وصل غل وحقد «صهاينة العرب» على انتصار المقاومة حد انتقاد المتحدث باسم «كتائب القسام» أبي عبيدة، واستخدام وسوم سب وقذف مثل وسم «جهاد النكاح» للسخرية من إعجاب الشباب والفتيات العرب ببطولة أبي عبيدة كممثل لمقاتلي «القسام»!
هم أخطر من الطابور الخامس؛ لأنهم لا يكتفون ببث اليأس من انتصار المقاومة والسخرية من انتصاراتها بادعاءات كاذبة أن «إسرائيل» سوف تنتصر في النهاية، بل يشجعون الكيان الغاصب على ارتكاب جرائم الإبادة بأكاذيب عن اختباء المقاومة في المستشفيات والمساجد ليقصفها ويقتل المئات! إنهم «صهاينة العرب».
هؤلاء ينتشرون كالذباب في كل المواقع، ووظيفتهم شيطنة المقاومة؛ فيحملونها المسؤولية عن إبادة غزة، ويبررون القصف الصهيوني، رغم أن المقاومين لا يحاربون من أجل كرامة الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما كرامة الأمة العربية والإسلامية كلها.
«صهاينة العرب» يتكلمون بوقاحة منقطعة النظير، تنافس حتى ما يبثه متحدث الجيش الصهيوني «أفيخاي أدرعي» من أكاذيب وانتقادات للمقاومة، لكنه صهيوني يقوم بوظيفته، بينما هم يُطلق عليهم عرب، وهم كالسوس ينخر في صمود الأمة!
لا يكتفون ببث اليأس والسخرية من انتصارات المقاومة بل يشجعون الكيان على ارتكاب جرائم الإبادة
وتعول «إسرائيل» على هذه الأبواق من صهاينة العرب المتخاذلين والمهزومين نفسياً ضمن حربها النفسية لتعويض فشلها العسكري وفشلها في تحقيق أي صورة نصر، رغم أن طائراتها تدك غزة، وطائرات التجسس الأمريكية والبريطانية تجوب أجواء القطاع لتوفير المعلومات لها، لكنهم انهزموا جميعاً بكل جبروتهم في تحرير جندي واحد!
دور «صهاينة العرب»
حين تحدثت الصهيونية «سابير ليفي»، رئيسة مكتب الإعلام العربي بوزارة الخارجية «الإسرائيلية»، المشرفة على حساب «إسرائيل بالعربية» مع موقع «ميديا لاين»، في 30 نوفمبر 2023م، قالت: إنهم يعتمدون على النقل من حسابات عربية مناهضة لـ«حماس» على مواقع التواصل، هذه الصهيونية، التي ظهرت في الخليج عقب اتفاقات «أبراهام»، ذكرت أن دور فريقها الإلكتروني التأثير على الرأي العام في العالم العربي من خلال مواقع التواصل؛ وذلك عبر نقل انتقادات كُتَّاب وإعلاميين عرب للمقاومة الفلسطينية في حساب «إسرائيل بالعربية»؛ لمحاولة إظهار أن العرب، خاصة في منطقة الخليج، يعارضون «حماس»، وفق زعمها.
ويعتمد الاحتلال على هؤلاء الذين يطلق عليهم «صهاينة العرب» لبث الفرقة والشقاق واليأس من انتصار المقاومين وتثبيط الهمم، عبر مساواة الضحية بالجلاد، ويضيف لهم لجاناً إلكترونية صهيونية مزيفة تخترعها مخابرات الاحتلال بأسماء عربية بغرض نشر روايات مفبركة وأخبار كاذبة عن انتصارات الاحتلال وقرب نهاية المقاومة ضمن الحرب النفسية.
«صهاينة العرب»، ولجان «إسرائيل» الإلكترونية هؤلاء يقومون بالترويج لادعاءات عن هزيمة «حماس»، وأن مقاومة الاحتلال لا تساوي تدمير غزة، وأنه لكي تنعم غزة بالسلام على المقاومة أن تُلقي سلاحها، هدفهم إجهاز الصهاينة على المقاومة وفتح الطريق على مصراعيه للتطبيع، ونشر الخلاعة ونمط الثقافة الغربية بدعاوى أن المقاومة الإسلامية تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ويروجون أن انتصارهم في غزة يمكن أن يؤثر على استقرار الدول العربية، بينما انتصار «إسرائيل» يعني القضاء على «الإرهاب»!
الاحتلال يعتمد على «صهاينة العرب» لبث الفرقة والشقاق واليأس من انتصار المقاومين وتثبيط الهمم
من هؤلاء كُتَّاب كبار، أحدهم كان رئيساً سابقاً لمؤسسة «الأهرام»، الذي كتب سلسلة مقالات استهدف بها إهالة التراب على المقاومة وانتقادها، فعاب على «حماس» أنها تستخدم الدين في عملية تحرير الأرض، متجاهلاً حديث «نتنياهو» باسم الدين عن «نبوءة إشعياء» لذبح الفلسطينيين والمصريين، وفتاوى الحاخامات بقتل أطفال فلسطين! ولم يكن الأمر مستغرباً، فهو من أبرز مؤسسي «جماعة كوبنهاجن»، وهي جماعة من المصريين و«الإسرائيليين» تأسست في عام 1995م لتطبيع العلاقات بين مصر و«إسرائيل».
لم يقتصر دور بعض صهاينة العرب على بث روح اليأس والتخاذل والتحريض على قتل الفلسطينيين بدل إنقاذهم من آلة القتل الصهيونية، ولكنهم ظهروا على القنوات «الإسرائيلية»، واستضافتهم مراكز أبحاثهم لبث خبثهم.
ناشطة مصرية مجهولة استغلت ذلك كي ترفع أسهمها في عالم الغرب الموالي للصهاينة وتحظى بمنح ومساعدات، فقامت بالظهور مع معهد الأمن القومي التابع لجهاز «الموساد» الصهيوني كي تؤيد ما يقوم به جيش الاحتلال في غزة، وحين هربت من مصر بعد ادعاء أنها في خطر لأن المصريين انتقدوها بعنف، سعت لعقد لقاء مع «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، وهدفها تحسين صورة «إسرائيل»، لشيطنة «حماس» ووصف ما فعلته من هجوم على «إسرائيل» بـ«الإرهاب»!
كيف يتم إعدادهم؟
ينقسم هؤلاء الصهاينة العرب إلى قسمين؛ الأول: يخدم الاحتلال عن جهل، بسبب تربيته الثقافية المنحلة، عبر تغريدات تمجد في «إسرائيل» وتشيطن المقاومة والفلسطينيين.
أما الفريق الثاني فهو الأخطر؛ لأنه يجري إعدادهم داخل دولة الاحتلال وعبر استضافتهم في «إسرائيل» ودول غربية، وتوفير فرص عمل لهم في الغرب بمقابل من أجهزة الاستخبارات الصهيونية، وهؤلاء تحرص «إسرائيل» على استضافة بعضهم في مجموعات للدعاية بأنهم أصدقاء «إسرائيل».
بعضهم يجري إعدادهم داخل دولة الاحتلال وتوفير فرص عمل لهم بالغرب من قبل أجهزة الاستخبارات
وهذا النموذج الذي يقدمه المتصهينون العرب الإعلاميون نوع من الدعاية لنموذج الحياة في «تل أبيب»، وكيف أنها دولة متقدمة، وبعضهم نشر عقب عودته مقالات بعنوان «إسرائيل التي لا يعرفها العرب»، يفتخر فيه بأن «إسرائيل» هي الديمقراطية الوحيدة والحقيقية في منطقة الشرق الأوسط بالكامل!
وقد فضح طريقة تدريب وتلقين الاحتلال لهؤلاء الصهاينة العرب د. رامي عزيز، الذي سبق أن وقع في الفخ الصهيوني وزار «إسرائيل» وعاد يمتدح فيها كأحد هؤلاء الصهاينة العرب، لكنه تاب وكتب يشرح ألاعيب «إسرائيل» لاستدراج المطبعين العرب.
وشرح، في مقال نشره بجريدة «رأي اليوم» اللندنية، في 7 ديسمبر 2022م، كيف يجري تجنيدهم لخدمة أهداف الكيان الصهيوني، وقيادة حملات إلكترونية لصالح الاحتلال؛ هدفها بث التخاذل بين العرب والتشاؤم، وترسيخ أكاذيب بأن «إسرائيل» ولدت لتبقى، وأنها أفضل دولة في المنطقة، والمقاومة إرهاب يجب اجتثاثه!