إن معركتنا الشرسة القادمة مع اليهود تقوم على مرحلتين:
الأولى: التي تحدثت عنها آيات سورة «الإسراء»، التي توجه إلى كيان اليهود على أرض فلسطين لتدميره، وإلى إفسادهم الثاني لإزالته، التي تنتهي بانتصار المسلمين المجاهدين على اليهود، ويتحقق فيها تدمير كيانهم وإزالة إفسادهم واسترداد فلسطين كلها منهم، وتحويل اليهود بعدها إلى قوم أذلاء مستضعفين ومجموعات مشتتة في مختلف أنحاء البقاع.
الثانية: التي تتم فيها إبادة اليهود تماماً، وإفناؤهم نهائياً، وإراحة البشرية من وجودهم، بحيث لا يبقى بعدها يهودي حياً، وهذه المرحلة متأخرة لعلها لا تأتي إلا في اللحظات الأخيرة من عمر الدنيا، حيث سيظهر الدجال وهو يهودي من جهة الشرق، وحيث سيتبعه من يهود أصفهان وحدها من إيران سبعون ألف يهودي، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «يَتْبَعُ الدَّجّالَ مِن يَهُودِ أصْبَهانَ، سَبْعُونَ ألْفًا عليهمُ الطَّيالِسَةُ» (صحيح مسلم، 2944)، والآن لعله لا يوجد فيها خمسة أفراد يهود، ثم يحارب عيسى ابن مريم عليه السلام الدجال ومن معه من اليهود، ويقتل الدجال بيده الشريفة عليه السلام، وفيها سيقضي المسلمون على كل يهودي، وفيها سيتحقق قول رسول الله صلى الله عليه سلم: «لن تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فتقتلوهم حتى ينطق الشجر والحجر فيقول: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي ورائي تعال فاقتله»، نرى أن هذا الحديث الصحيح، يتكلم عن الجولة الأخيرة من الجولات العديدة، للحرب الطويلة بيننا وبين اليهود، تلك الجولة التي يكون فيها المسلمون مجاهدين مع عيسى عليه السلام، ويكون فيها اليهود جنوداً مع المسيح الدجال، التي تنتهي بإفناء كل يهودي، التي تقوم بعدها الساعة.
أما قوله: (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً) (الإسراء: 7)، فهو يتحدث عن إزالة الإفساد الثاني لليهود، ويكون قبل الجولة الأخيرة من المعركة بزمن طويل، وتحقيق هذا قريب بعون الله تعالى، فالحرب التي بيننا وبين اليهود طويلة مديدة، بدأت منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وسوف تستمر حتى خروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، والقضاء على آخر يهودي، هذه المعركة الطويلة لها جولات وجولات وفيها كر وفر يغلبنا فيها اليهود مرة، ونغلبهم مرات، ويهزموننا مرة، ونهزمهم مرات.
وإن أشد وأعتى وأعنف وأقسى جولات هذه المعركة، هي هذه الجولة، التي نعيش فيها في هذا الزمان التي تحققت فيها غلبة اليهود علينا، وهزيمتهم، ولكنها جولة تتبعها جولات لنا فيها الظفر والغلبة والنصر بإذن الله.
_____________________
المصدر: كتاب «حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية».