أ.د. علي بن محمد عودة الغامدي
بعد نهاية الهدنة التي عقدها السلطان الكامل محمد مع الإمبراطور فردريك الثاني، وسلمه بموجبها القدس عام 626هـ، ومدة الهدنة 10 سنوات، دعا البابا جريجوري التاسع الغرب الصليبي إلى شن حملة صليبية جديدة ضد المسلمين في بلاد الشام، وقد وجدت تلك الدعوة قبولاً لدى ثيبوت الرابع، ملك نافار وأمير شامبني، الذي أبحر بجيشه إلى فلسطين، فوصلها عام 637هـ، بصحبة صديقه القديم بطرس موكليرك دوق بريتاني.
وتم عقد مجلس حربي بين هذين القائدين وقادة مملكة عكا الصليبية، وتقرر فيه الزحف إلى عسقلان لبناء تحصيناتها المهدمة منذ زمن الحملة الصليبية الثالثة في عهد صلاح الدين، والهدف اتخاذ عسقلان قاعدة متقدمة لمهاجمة مصر وبقية بلاد الشام التي بأيدي المسلمين، وخلال ذلك سمع هؤلاء الصليبيون أن قافلة تجارية كبيرة تسير في غور الأردن في طريقها إلى مصر، فاعترضوا طريقها ونهبوها وقتلوا رجالها.
وكان يرابط في غزة أحد قادة العسكر المصري، وهو ركن الدين الهيجاوي، وكان ضمن فرسانه فارس مغوار هو شجاع الدين عثمان الكردي -اسم على مسمى- فتقدم ركن الدين برجاله من غزة والتقوا بهؤلاء الصليبيين القتلة في منتصف ربيع الآخر 637هـ/ نوفمبر 1239م قرب غزة، وأنزلوا بهم هزيمة ساحقة ماحقة، وقتلوا منهم 1800 رجل، وأسروا 80 فارساً، و250 راجلاً، وسيق الأسرى يجرون أذيال الخيبة والندامة إلى القاهرة.
وقد استشهد في هذه المعركة البطل شجاع الدين عثمان الكردي، فبنى أهل غزة في مكان المعركة حياً سموه «حي الشجاعية»؛ تخليداً لذكرى البطل الشهيد شجاع الدين عثمان الكردي.
وأجزم أن الجيش الصهيوني لن يخرج من هذا الحي الماجد إلا بهزيمة مذلة، وسوف يلحق، إن شاء الله تعالى، بهذا الجيش الصليبي الذي سُحِقَ في هذا المكان قبل بنائه.
__________________________
أستاذ متخصص في تاريخ الحروب الصليبية وتاريخ العدوان الفكري الغربي على الإسلام.