«حلل يا دويري»، بكلمتين تم اختصار المشهد العسكري، لكن تحليل العملية البطولية تحتاج مجلدات لشرحها.
فكيف يحلل اللواء الدويري هذا المشهد الذي أشبه ما يكون بمشهد خيالي.
مشهد لم يدرس في الأكاديميات العسكرية، لا في أكاديمية ساندهيرست البريطانية، ولا في الأكاديمية العسكرية الملكية في كندا، مشهد يصعب وصفه والتعبير عنه، ولكن أبطال غزة علموا العالم دروساً عدة، منها:
1- درس في البلاغة:
إذا كانت البلاغة إيصال معنى الخطاب كاملاً إلى الشخص الآخر فقد اختصرته عجوز غزية عندما سألها صحفي: ماذا تريدين من اجتماع ملوك ورؤساء العرب؟ أجابت بثلاث كلمات فقط: «يكفوا شرهم عنا»، هكذا اختصرت المشهد بثلاث كلمات فقط.
وعندما استشهدت أسرة وائل الدحدوح اختصر المشهد بكلمة: «معلش».
وعندما خذلت الدول العربية أهلنا في غزة قال لهم أبو عبيدة حفظه الله: «لا نريد منكم تحريك الجيوش، لا سمح الله».
وعندما قام أحد المقاومين بمهاجمة هدف للعدو صرخ بكلمتين «حلل يادويري»، وكيف يحلل اللواء الدويري مشهداً لم يتعلمه قط في أي أكاديمية؟ بل لم يقرأ مثل هذا المشهد في أي كتاب من الكتب العسكرية.
2- درس في الاقتصاد:
لقد اختزل هذا المقاوم كلفة تدريس قيادة الأركان العسكرية بنسبة 100%، فتكلفة ابتعاث عسكري لإحدى الأكاديميات العسكرية في الدول الغربية باهظة التكاليف، ثم يتخرج منها ليتم وضع النياشين على صدره لتصدأ بعد ذلك مع مرور الوقت، ثم يحال إلى التقاعد دون خوضه مشهداً واحداً من القتال.
بينما تدريب هذا المقاتل الغزي في ركن من أركان المسجد أو في نفق من الأنفاق يتم بدون كلفة مادية تذكر، مقارنة مع مبتعثي العسكريين العرب إلى الغرب حيث تلقى تعليمه في أكاديمية البطولة والشرف والشجاعة، أكاديمية علمته معنى الإقدام وقوة البأس والصبر في النوازل، أكاديمية مرغت أنف العدو في رمال غزة العزة رغم فارق العتاد، أكاديمية شعارها الجهاد في سبيل الله أسمى أمانينا، أكاديمية غايتها إحدى الحسنين إما النصر أو الشهادة.
3- درس في البطولة:
أي مقاوم هذا الذي يحمل قذيفة ثقيلة الوزن ويركض بها نحو دبابة ذات مجسات واستشعار تجاه أي خطر يحيق بها ثم يضع القذيفة على جسم الدبابة ثم يقوم بتفجيرها! إنها بطولة خارقة! بطولة حطمت كل النظريات العسكرية، بطولة سوف تصبح نموذجاً لأقوى المواجهات العسكرية، بطولة سوف تدرس في الأكاديميات العسكرية، بطولة تذكرنا بمقولة رجل بألف رجل.
4- درس في القيم والأخلاق:
«حلل يا دويري» كلمة وجدت صداها عند شباب الأمة؛ حيث اخترقت حواجز وجدران الفساد التي بنوها أعداء الله من أجل تحطيم القيم والأخلاق لدى شباب الأمة وإشغالهم بتوافه الأمور ومحاربة كل فضيلة؛ كإلغاء حلقات القرآن الكريم وتغيير المناهج وفق المقاييس الغربية والدعوة إلى الجندرة والمثلية.. إلخ.
كي تتخرج أجيال تافهة تهتم بسفاسف الأمور، أجيال قدوتهم أهل الخنوع والفجور، فجاءت كلمة «حلل يا دويري» لتصبح نموذجاً للشجاعة والإقدام في نظر الشباب، لتصبح نبراساً لهم في فضل الجهاد لتوقظ الشباب من غفلتهم.
جاءت كلمه «حلل يا دويري» كمعول هدم لجدران فساد وعهر تم بناؤها بمكر ودهاء.
«حلل يا دويري» صرخة ستجد صداها في كل بيت في كل شارع في كل حارة في كل قلب شاب لتغير حال الأمة من ضعف وهوان وخنوع إلى خير أمة أخرجت للناس.
«حلل يا دويري» فيها دلالة على أهمية الإعلام في نصرة المقاومين وأهلهم المرابطين وتأثيرها عليهم.
«حلل يا دويري» فيها دلالة على حالة الطمأنينة لدى المقاومين ومتابعتهم لما يجري في وسائل الإعلام.
في الختام، «حلل يا دويري» كلمة ستبقى تمثل معنى البطولة والشجاعة، معنى المواجهة، معنى عزة المؤمن، ومذلة أحفاد القردة والخنازير.