المستوطنة، أو ما يُسمى المغتصبة وفق المسمى الفلسطيني، عبارة عن تجمع سكاني يهودي في منطقة ما من مناطق أرض فلسطين، تم الاستيلاء عليها من قبل اليهود لأجل إقامة تجمع سكاني عليها.
وهناك ما يسمى بالبُؤَر الاستيطانية، وهي مستوطنات صغيرة غير معتَرف بها رسمياً من قبل حكومة الاحتلال الصهيوني، رغم إقامتها بمساعدة منهم.
جذور الاستيطان
الاستيطان في أرض فلسطين بدأ مبكراً كخطوة أولى ومرحلة من مراحل تثبيت أقدام اليهود على أرض فلسطين، وتوطئة لإنشاء كيانهم الغاصب، وقد بدأ منذ عام 1859م عندما اشترى اللورد موزس مونتفيوري مساحة من الأرض خارج أسوار القدس، وبدأ البناء فيها لتكون حياً لليهود، وسُمِّي هذا الحي باسمه، ثم تمكَّن بعد ذلك من بناء 7 أحياء أخرى حتى عام 1892م.
الاستيطان في أرض فلسطين بدأ منذ عام 1859م كخطوة أولى ومرحلة من مراحل تثبيت أقدام اليهود
ومع صدور قانون عثماني عام 1867م يبيح للأجانب تملك الأراضي في الدولة العثمانية، تمكن اليهود، وبطرق ملتوية، من بناء العديد من المستوطنات.
وبسبب ضعف الخلافة العثمانية، ووجود وُلاة مرتشين، وبدعم وتشجيع من حكومتي بريطانيا وفرنسا، زادت وتيرة بناء المستوطنات في فلسطين، لا سيما بعد منح الاستعمار البريطاني أراضي وقفية لليهود.
وبعد قيام دولة الكيان الصهيوني عام 1948م، وبعد احتلالهم للضفة الغربية عام 1967م، اتجهت أنظار اليهود لضم الضفة الغربية لكيانهم الغاصب؛ فالضفة الغربية بالنسبة لهم تعد جزءاً لا يتجزأ من أرض الميعاد.
ووفق تاريخهم، فقد قامت دولة «إسرائيل» القديمة عليها، حيث قامت مملكة «إسرائيل» في شمال الضفة، وعاصمتها آنذاك نابلس (شكيم)، ويطلق عليها اسم السامرة، فيما قامت مملكة «يهودا» في جنوب الضفة، وعاصمتها القدس، ويطلق عليها اسم «يهودا» ليصبح اسم الضفة الغربية وفق معتقداتهم «يهودا والسامرة».
لذلك شرع اليهود منذ استيلائهم على الضفة الغربية عام 1967م ببناء العديد من المستوطنات، حيث بلغ عددها 189 مستوطنة، إضافة إلى أكثر من 250 بؤرة استيطانية.
تصاعد وتيرة الاستيطان
ومع استمرار معركة «طوفان الأقصى»، تصاعدت وتيرة الاستيطان، حيث ازدادت زيادة كبيرة، وتشير بعض الدراسات إلى وجود مخطط لبناء أكثر من 25 ألف وحدة استيطانية على أكثر من 13 ألف دونم.
كما صاحب معركة «طوفان الأقصى» عنف المستوطنين واعتداؤهم على أهالي الضفة الغربية بالسلاح الناري، والاعتداء الجسدي، في خطوة همجية، من أجل دفع المواطنين الفلسطينيين لترك أراضيهم، والهجرة للخارج، وإحلال قطعان المستوطنين مكانهم.
اليهود استغلوا معركة «طوفان الأقصى» لمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية واعتقال وقتل أبناء الضفة الغربية
ومن أجل تحقيق ذلك، تم توزيع السلاح على المستوطنين بأمر وتشجيع وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، وتم منحهم صلاحيات إطلاق الرصاص على الأهالي، واقتحام منازلهم، وتخريب ممتلكاتهم، كل ذلك يتم تحت حماية شرطة الاحتلال ورعاية جيشهم.
وعلى سبيل المثال، فقد اعتدى قطعان المستوطنين على بلدة قُصرة قرب مدينة نابلس؛ مما أسفر عن استشهاد 5 مواطنين، وجرح نحو 20 فلسطينياً.
كما تم تهجير العديد من العائلات من منطقة مسافر يطا جنوب الضفة الغربية.
وتم كذلك تهجير نحو 22 عائلة من الأغوار الشمالية، وتهجير تجمُّعات بدوية من مساكنهم، كل ذلك ضمن سياسة تضييق الخناق على السكان من أجل تهجيرهم.
هكذا يخطط اليهود؛ اتّباع سياسة الاستيلاء على الأرض، وذلك ببناء المستوطنات حول التجمعات الفلسطينية من أجل إحكام الطوْق عليها ومصادرة أكبر مساحة ممكنة من أراضيهم، بحجة زيادة مساحة المستوطنات، وبناء طرق حولها، ومن أجل فرض واقع يجعل من المستحيل قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً في الضفة الغربية والقدس الشرقية، إضافة إلى محاولة تهويد الضفة الغربية باعتبارها جزءاً من أرض الكيان الصهيوني، ودفع الفلسطينيين للهجرة إلى الأردن.
في الختام، فقد استغل اليهود معركة «طوفان الأقصى» لمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وبناء مستوطنات عليها، واعتقال وقتل أبناء الضفة الغربية، وتسليح قطعان المستوطنين ليعيثوا فساداً في الضفة، بعد أن تم تسليحهم وحمايتهم من قِبل الجيش والشرطة في خطوة لضم الضفة الغربية لكيانهم، ودفع الفلسطينيين للهجرة إلى الخارج.