كاتب المدونة: علي فاضلي
يعتبر جون ميرشايمر من أشهر المفكرين الواقعيين المعاصرين، وهو ينتمي للمدرسة الواقعية في صيغتها الهجومية، ويعتبر مرجعًا مهمًا في السياسة الخارجية، بحيث تنشر مقالاته وتستضيفه كبريات مراكز الأبحاث ومجموعات التفكير المختلفة بما فيها تلك التابعة للحزبين الأمريكيين، الديمقراطي والجمهوري.
يحظى ميرشايمر بمكانته العلمية المرموقة بحكم توقعاته السابقة انطلاقًا من افتراضاته النظرية، وأهم توقعاته تحذيره في بداية تسعينيات القرن الماضي من تخلي أوكرانيا عن سلاحها النووي بضغط أمريكي، ومعارضته للحرب على العراق عام 2003م التي اعتبرها كارثة إستراتيجية على السياسة الخارجية الأمريكية، وحديثه المبكر منذ تسعينيات القرن الماضي عن تنامي النفوذ الصيني وضرورة نقل الاهتمام الأمريكي نحو احتواء الصين، وتوقعه للأزمة الأوكرانية والحرب الدائرة هناك.
بطبيعة الحال، فهدف ميرشايمر توجيه السياسة الخارجية الأمريكية لخدمة المصالح الأمريكية، عوض تضييع الموارد الأمريكية على أزمات لا تخدم أمريكا من الناحية الإستراتيجية.
وعند بداية العدوان على غزة، برز اسم ميرشايمر من جديد، وأصبح كثير الظهور عند مراكز الأبحاث وفي برامج إعلامية، وخلاصة آرائه في الحرب الدائرة الآن في فلسطين ما يلي:
يعتبر ميرشايمر أن هجوم 7 أكتوبر أمر طبيعي في ظل الحصار المطبق على قطاع غزة، والجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين.
كما يرفض الأطروحة التي تعتبر أن هدف 7 أكتوبر قطع الطريق على التطبيع بين السعودية ودولة الاحتلال «الإسرائيلي»، ويؤكد أن الاستعداد لهجوم 7 أكتوبر كان قبل سنتين أو أكثر، وأن هجومًا بهذا الحجم ليس وليد اللحظة، بل يتطلب إعدادًا كبيرًا ولمدة طويلة بدأت قبل بداية الحديث عن التطبيع السعودي مع دولة الاحتلال.
لم يشر ميرشايمر، في مجموعة من لقاءاته لهجوم 7 أكتوبر كهجوم إرهابي، ولا يصف حركة «حماس» بالحركة الإرهابية، بل يعتبر هجوم الحركة أمرًا طبيعيًا ردًا على سياسات دولة الاحتلال.
ويعتبر أن حركة «حماس» بالرغم من خطابها المعلن، فإن هدفها السلام، واعتبر أن خطابها الرافض لوجود دولة الاحتلال نابع من سياسات دولة الاحتلال، وبأن الحركة تسعى للسلام وهدفها هو إنهاء الاحتلال.
كما يعتبر دولة الاحتلال دولة فصل عنصري، وهو توصيف أصبحت تطلقه المنظمات الحقوقية الدولية وعلى رأسها «العفو الدولية»، و«هيومن رايتس ووتش»، وتقول: إن «إسرائيل» ترتكب جرائم بحق الفلسطينيين منذ عقود.
ويؤكد ميرشايمر استحالة القضاء على حركة «حماس»، وأن هدف القضاء عليها مجرد وهْم يسوقه قادة دولة الاحتلال، فالحركة نتاج طبيعي لدولة الاحتلال، وحتى لو تم القضاء على الحركة فستولد حركات مشابهة ما دام الاحتلال مستمرًا وجرائمه مستمرة.
أما بالنسبة للدور الأمريكي في دعم سياسات دولة الاحتلال نتيجة للضغط اللوبي «الإسرائيلي»، فيعتبره ميرشايمر نتيجة للضغط الممارس من قبل اللوبي «الإسرائيلي» في واشنطن، وهو الموقف الذي ضمنه في كتابه حول هذا اللوبي الذي ألفه رفقة ستيفن والت، وهو الكتاب الذي أثار ضجة كبرى عندما نشر عام 2006م، وجلب للرجلين عداوة ذلك اللوبي الذي حاول محاصرتهما، مع الإشارة إلى أن آراء ميرشايمر حول هذا اللوبي ليست كما هي متداول حول الأمر في الكثير من الأوساط العلمية والشعبية.
كما يؤكد أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة الانخراط في الصراع ودعم دولة الاحتلال، فانخراطها في الصراع يضر بتوجهاتها ومصالحها الإستراتيجية خصوصًا في احتواء الصين باعتباره الهدف الرئيس لأمريكا في المرحلة المقبلة.
وفي نظره لحل الصراع، يعتبر ميرشايمر أن الحل سياسي، وأن لا حل عسكرياً للصراع، وأن الحل كامن في منح الشعب الفلسطيني حقوقه في إقامة دولته الخاصة، وعلى ضرورة الضغط الأمريكي على دولة الاحتلال لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.