الكذب خلق ذميم وانحراف مدمر ومرض خطير، ولطالما اتصف اليهود بالكذب في حياتهم وأحوالهم حيث كذبوا على الله وعلى الأنبياء وعلى الأعداء وعلى الجميع، فهم كاذبون في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية.. إلخ؛ لذلك وصفهم الله تعالى بقوله: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) (المائدة: 42)، وصيغة المبالغة في الآية القرآنية تدل على تمكن الكذب فيهم.
كما أنهم يتخذون الكذب ذريعة لتحقيق أهدافهم وفق قاعدة «الغاية تبرر الوسيلة».
وهذا ما حدث بعد يوم السابع من أكتوبر يوم «طوفان الأقصى» المجيد، حيث زعم اليهود افتراءً وكذباً أن رجال المقاومة في «حماس» قاموا بذبح 40 طفلاً، واغتصبوا العديد من النساء في محاولة منهم لشيطنة «حماس» ووصفها بـ«الداعشية».
والذي تولى كِبر ذلك كبيرهم الذي علمهم الكذب نتنياهو، حيث لقن هذا الافتراء والبهتان للرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي راح بدوره يردده كالببغاء دون تثبُّت أو تحرٍّ.
كما قام الكيان الصهيوني بتزييف صور لفرية قطع رؤوس أطفال واغتصاب نساء وأرسلوها لوسائل إعلام غربية منحازة بالأصل للكيان الصهيوني من أجل نشرها.. وهكذا تم النشر دون تثبُّت أو تمحيص.
كل ذلك تم بهدف تأليب الرأي العام العالمي على المقاومة الإسلامية وشيطنتها بدعاية قاتمة سوداء من أجل التحريض عليها والتخلص منها.
إضافة إلى تحقيق هدف آخر، يتمثل بزيادة تعاطف الرأي العام العالمي مع اليهود والوقوف بجانبهم في محنتهم كما صوروها ومساعدتهم، لأنهم ضحايا العنف والإرهاب.
ولقد أثمر هذا الافتراء وانطلى على كثير من الدول، بما في ذلك بعض الدول العربية والإسلامية؛ مما جعلهم يتعاطفون مع اليهود، ويلومون المقاومة الفلسطينية وبعضهم هاجمها.
لكن كما يقال: «حبل الكذب قصير»، فبعد التقصي والتحري من بعض الصحفيين –وبعضهم يهود- أكدوا عدم عثورهم على أطفال مقطوعي رؤوسهم أو نساء تم اغتصابهن، وهذا ما أكده الصحفي «الإسرائيلي» مايل بنو ليئيل، حيث قال: إنه لم ير أطفالاً يقتلون أو قطعت رؤوسهم، كما أقر متحدث باسم الجيش «الإسرائيلي» بذلك، وعند الطلب من أي مسؤول صهيوني دليل على ما حدث من قتل أو اغتصاب، تجده يجيب بأنه سمع بذلك دون تقديم أي دليل.
وعندما تم كشف زيف ذلك الادعاء وعدم وجود أي دليل عليه -الذي استغله اليهود باقتراف جرائم ضد أطفال غزة، وشن حرب إبادة شاملة على المدنيين وتدمير البيوت على قاطنيها وتدمير دور العبادة والمستشفيات والمدارس بطريقة همجية نازية، وتم توثيق هذه المجازر بالصوت والصورة- بدأ الرأي العام العالمي يتحول ضد اليهود، وتمثل ذلك في مظاهرات شارك فيها ملايين البشر في العديد من العواصم الغربية منددين بجرائم اليهود، كما تمخض عن تلك الجرائم تبني دولة جنوب أفريقيا رفع دعوى قضائية ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وذلك بإدانة الكيان الصهيوني باقتراف إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وعلى إثر هذه الجرائم بحق أطفال غزة، والدعوى القضائية ضد الكيان الصهيوني، تراجعت كثير من الدول عن تأييدها للكيان الصهيوني، متهمة إياه باقتراف جرائم حرب إبادة بحق المدنيين الفلسطينيين، وزادت نقمة شعوب العالم على الكيان الصهيوني.
ومن الشواهد على تغيير الرأي العام العالمي تجاه الكيان الصهيوني، نذكر ما يلي:
1- تقرير منظمة العفو الدولية، حيث أشار إلى أن «إسرائيل» دولة تمارس سياسة فصل عنصري.
2- تبني مجلس حقوق الإنسان قراراً يدعو إلى إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة تحقق في انتهاكات «إسرائيل» وتجاوزاتها للقانون الدولي في تعاملها مع الفلسطينيين.
3- اقتراح عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي سنَّ قانون لحجب مبيعات أسلحة دقيقة التوجيه لـ«إسرائيل».
4- تصريح لوزير خارجية فرنسا لودربان بأن «إسرائيل» ستصبح دولة عنصرية.
5- تراجع شعبية الكيان الصهيوني في دول أوروبا الغربية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، وفق استطلاعات أجريت في تلك الدول.
6- مظاهرات شعبية كبيرة شهدتها مدن غربية وأمريكية تندد بجرائم الكيان الصهيوني، وحملت شعارات تعاطف مؤيدة للفلسطينيين.
هكذا حقق «طوفان الأقصى» نتائج إيجابية لصالح قضية فلسطين؛ بسبب جرائم اليهود، وزيف كذبهم.
ولعل مواقع التواصل الاجتماعي أماطت اللثام عن كثير من الحقائق، وكشفت بطلان ادعاءات اليهود الكاذبة، التي طالما عبَّرت عنها صحف غربية موالية لهم.
في الختام، يبقى الحق أبلج والباطل لجلج.