فتحت عملية قتل زعيم المعارضة الروسي البارز أليسكي نافالني في سجنه الحصين «الذئب الفضي»، بعد اتهامات لروسيا بتعذيبه ثلاثة تساؤلات مهمة:
الأول: ما علاقة قتله بالقرآن؟ وهل أسلم وهو يقرأ القرآن ويدرسه ليتعرف على «عدوه»؟
في 13 أبريل 2021م، كتب نافالني، على «إنستغرام»، يقول: إنه قدم شكوى ضد السجن لعدم تلبية طلبه الحصول على نسخة من «القرآن» بمناسبة بدء شهر رمضان، وكان حينها مضرباً عن الطعام، بحسب موقع «أخبار المحكمة» أو «كورت هاوس نيوز» الأمريكي.
وكتب نافالني، على حسابه على «إنستغرام» يقول حينئذ: من كان يظن أن المرة الأولى التي سأقاضي فيها سجني ستكون بسبب القرآن؟ وأضاف ساخراً من منع إدارة السجن تسليمه نسخة طلبها من القرآن: هل سيتحققون مما إذا كان القرآن متطرفًا؟ إنه أمر أحمق وغير قانوني، لذلك كتبت طلبًا للمدير وتقدمت بشكوى.
وكان يشير إلى أن الكتب التي أحضرها قبيل اعتقاله في أوائل مارس 2021م لم تُسلم إليه بعد لأنه يتعين «مراقبتها»، وهو إجراء يستغرق 3 أشهر.
وقد أثيرت تكهنات حول سبب طلب نافالي، المعارض الروسي، نسخة من القرآن في سجنه وقوله: إنه يدرس القرآن، وإن كثيرين لا يفهمونه بعمق، حيث اعتبر محللون ذلك ربما توجهاً منه للاقتناع بالإسلام والرغبة في معرفته أكثر، وقال آخرون: إن الأمر لا يعدو أن يكون محاولة منه للتعرف على الإسلام؛ لأنه كان يهاجمه دون أن يعرف عنه شيئاً.
وكان نافالني قد تعرض لانتقادات في وقت مبكر من حياته السياسية، لإدلائه بتعليقات ساخرة وذات طابع قومي من المهاجرين في روسيا، القادمين من البلدان ذات الأغلبية المسلمة في آسيا الوسطى.
فقبل حوالي 15 عامًا، تحدث نافالني، وهو مسيحي، ضد المهاجرين المسلمين في روسيا، وظهر في مظاهرات مرتبطة باليمين المتطرف ضد المسلمين، كما أدلى في أحد مقاطع الفيديو، بتعليقات بدا أنها تقارن المهاجرين بالصراصير!
وقد اعتبر منتقدوه أن تعليقاته السابقة المعادية للأجانب دليل على أنه ليس السياسي المؤيد للديمقراطية كما تصوره وسائل الإعلام الغربية، كما أنه معادٍ للإسلام.
اليكسي نافالني المعارض الروسي اللي مات انهاردة في السجن هو انسان عنصري قذر كاره للعرب وللاسياويين وللمسلمين الروس حتى وبيشبههم بالصراصير وشارك في حملات ومظاهرات للنازيين عيني عينك.#نافالني #روسيا pic.twitter.com/JXc1KVcign
— Andy (@andyovich) February 16, 2024
ولكن حين أوضح نافالي لاحقاً أنه قرر دراسة القرآن بتعمق وفهمه أثناء احتجازه، كتب يقول: الجميع من حولي يتحدثون باستمرار عن الإسلام والمسلمين، وبالطبع 99% منهم لا يعرفون عنه شيئًا، لكنني قررت أن أصبح ضليعاً بالقرآن بين السياسيين الروس غير المسلمين.
وأضاف: كنت قد قررت بغرور أنني سأحفظه عن ظهر قلب! ولكن اتضح لي أن ذلك مستحيل بالنسبة لي، بل إنه لا معنى لذلك، إذ إن أي دراسة جادة للقرآن ينبغي أن تكون باللغة العربية فقط، فكيف لي أن أتعلمها هنا؟ إذن الخيار الوحيد المتاح هو شراء مجلدين أو 3 مجلدات من القرآن مع تفاسير لأشخاص مختلفين وقراءتها بتمعن.
وجاءت وفاة نافالي لتسدل الستار حول نواياه الحقيقية، وهل كان ينوي دراسة القرآن ليشهر إسلامه؟ أم لمجرد التعمق فيه كي يمكنه الرد على المسلمين وغير المسلمين حول القضايا الإسلامية.
الثاني: أيهما أفضل للمعارض؟
التساؤل الثاني الذي طرحه مقتل نافالني داخل سجنه كان حول: أيهما أفضل للمعارض في الأنظمة الاستبدادية التي تقتل معارضيها مثل روسيا غيرها؛ هل المعارضة من الخارج أفضل، أم أن العودة والمعارضة من الداخل، كما فعل نافالي حتى لو قُتل؟
وكتب الإعلامي حافظ المرازي يقول: إن درس موت المعارض الروسي نافالني بسجنه بعد سنوات من عودته طواعية لبلده لمواجهة بوتين على أرضه يثبت سذاجة وحدود معارضة المستبدين من الداخل خشية المزايدات عليهم لو عارضوا من الخارج، مؤكداً أن رموز المعارضة في الداخل ستبقى هشة محدودة الحركة ومحاصرة رهن قبضة الجلاد، وهو ما أثبتته تجربة نفالني.
https://twitter.com/HafezMirazi/status/1758578526502916150/history
وطرح القضية ذاتها الملياردير ورجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، منتقداً قتل الدكتاتور بوتين المعارض المسجون في سيبيريا نافالني؛ لأنه خائف منه لدرجة أنه قتله في سجنه، وفق قوله.
ساويرس طرح، عبر «إكس»، فتح باب النقاش حول أيهما أفضل؛ أن تعارض (مثل نافالي) من الخارج، أم تعود لبلادك وتعارض من الداخل وأنت تعلم -مثل نافالي- أنك لو رجعت روسيا سيتم اعتقالك وقتلك؟ وفق قوله.
عايز اسألكم سؤال و افتح باب مناقشة : لو انا معارض زي نفاتالى و عارف اني لو رجعت روسيا بوتين هيحبسنى و ممكن يقتلني .. كنت ارجع موسكو رغم الخطر ده…و ما هو الفرق بين الشجاعة و الحكمة و اين المبدأ من الاتنين ؟؟
— Naguib Sawiris (@NaguibSawiris) February 17, 2024
نفاق الغرب.. بين نافالني وغزة
الثالث: ما الفرق بين الشجاعة والحكمة؟ وأين المبدأ من الاثنتين؟
التساؤل الثالث الذي طرحه مقتل المعارض الروسي وانتفاض أمريكا وأوروبا وحديثهم عن معاقبة القاتل بوتين، هو: لماذا انتفض الغرب لمقتله بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان؟ ولم ينتفض لمقتل 30 ألف فلسطيني في غزة وقتل سجناء فلسطين في سجون الاحتلال؟
السعودي سعيد بن ناصر الغامدي كتب يتساءل عن سبب حزن رئيس أمريكا والغرب على موت أو اغتيال المعارض الروسي نافالني المفاجئ في السجن، بينما مذابح فلسطين التي بلغت نحو 30 ألفاً من المدنيين الأبرياء ليست إلا مجرد أرقام!
موت أو اغتيال المعارض الروسي أليكسي نافالني المفاجئ في السجن.. يبعث الحزن في رئيس أمريكا أما مذابح فلسطين التي بلغت نحو ثلاثين ألفاً من المدنيين الأبرياء فهي عنده وعند جميع صهاٰينة الحزبين ليست إلا مجرد أرقام !!
لا غرابة !
فالأمة المحكومة بالعملاء أناسها أصفار !!— سعيد بن ناصر الغامدي (@saiedibnnasser) February 17, 2024
انتخابات شكلية!
أيضاً أثارت وفاة أو قتل المعارض الروسي تساؤلات حول: لماذا يقتل بوتين خصومه وآخرهم نفالي وهو شبه ضامن لفوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تم منع نفالي من المشاركة فيها؟
ويترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة في 17 مارس 2024م، حسبما ذكرت وكالة «تاس» الروسية، في 11 فبراير 2024م، الرئيس فلاديمير بوتين، و3 سياسيين آخرين، يوصفون بأنهم «كومبارس» مؤيدين لبوتين؛ لذا متوقع فوزه.
وخلت قائمة المرشحين من معارضين، مثل نافالي الذي توفي، وبوريس ناديجدين، بعد أن منعتهم لجنة الانتخابات المركزية من الترشح.
ويرى محللون أن الانتخابات الرئاسية الروسية القادمة التي يتنافس فيها 4 مرشحين لن تأتي بجديد، وسيبقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سدة الحكم.
وأعلنت مصلحة السجون الروسية وفاة الصحفي الروسي المعارض أليكسي نافالني (47 عاماً) في السجن من دون الكشف عن سبب الوفاة.
وكان نافالني، العدو اللدود لبوتين، ناشطاً في قضايا مكافحة الفساد، ويقضي عقوبة بالحبس 19 سنة لإدانته بتهمة «الفساد».
ولم يُقنع إعلان مصلحة السجون الروسية حول أسباب وفاة زعيم المعارضة البارز نافالني بأنه «شعر بتوعك بعد الفسحة اليومية، وفقد وعيه على الفور ولم يتمكن الطاقم الطبي من إنعاشه»، لم يُقنع أحداً بسبب تاريخ الرئيس الروسي القمعي واشتهاره بقتله خصومه.
أيضاً لم يُقنع البيان الرسمي أحداً بالنظر لتاريخ المعتقل الذي كان المعارض الروسي محبوساً فيه واسمه «الذئب القطبي» الذي يعرف بـ«المستعمرة العقابية رقم 3»، ويشتهر بالتعذيب الوحشي وضرب المساجين بخراطيم المياه كأداة للتعذيب.