تواصل تداعيات هجمات جماعة الحوثي على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر تأثيرها على دول المنطقة، لا سيما الدول الخليجية، حيث تعقد الأمور مع مرور الوقت، وتمتد تأثيراتها إلى قطاعات جديدة.
التوترات أثرت على شركات الصناعات الدوائية حول العالم، فضلاً عن شركات الشحن العالمية، التي توقفت عمليات النقل مؤقتاً أو قامت بتغيير المسارات، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتأخر مدة الشحن، مما يُعد تحدياً كبيراً في عملية نقل الأدوية نظراً لحساسيتها.
وتخشى الدول الخليجية من مواجهة أزمة في توفير الأدوية، خاصة أن الصناعة الدوائية المحلية تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الخام، وتتأثر سلباً مع أي تداعيات على سلاسل الإمداد والنقل البحري واللوجستي بشكل عام.
وباعتبار المملكة العربية السعودية أكبر سوق في المنطقة لصناعة المستحضرات الدوائية، بدأت بدراسة تعزيز الإجراءات اللوجستية لضمان استمرار سلاسل إمداد الصناعات الدوائية، وأوصت بدعم سلاسل الإمداد في الصناعات الدوائية المحلية.
وتعتمد دولة الإمارات المتحدة على عوامل متعددة لزيادة الاستثمار في قطاع الأدوية، مما دفع الشركات العالمية لاستقطاب شركات الأدوية وإنتاجها في الدولة، وتعمل الحكومة على تشجيع الاستثمار في القطاع الطبي والدوائي لتوفير الرعاية الصحية بأعلى المعايير.
فيما تواجه الحكومة الكويتية تحديات فيما يتعلق بنقص الأدوية، لذا قامت بإعداد منظومة لوجستية متكاملة لتوفير مخزون إستراتيجي للبلاد، وتعمل على تدعيم سلاسل الإمداد في الصناعات الدوائية المحلية.
وفي دولة قطر، تتميز بقدرتها على التعامل مع التحديات الصحية، وتحرص على جذب الاستثمارات في قطاع الأدوية.
بهذه الجهود المستمرة، تسعى دول المنطقة إلى ضمان توفير الأدوية والرعاية الصحية بأعلى المعايير والجودة، والاستعداد للتعامل مع أي طارئ قد يصيب القطاع الصحي.
وتعرضت مملكة البحرين لأزمة في نقص الأدوية، مما يجعلها موضع اهتمام خاص؛ حيث تتساءل الجهات المعنية عن قدرتها على التعامل مع تداعيات التوترات في البحر الأحمر على هذا القطاع الحيوي.
وتحدث خبير في القطاع الصحي بالبحرين عن تحديات الإنتاج بسبب مساحة المملكة الصغيرة، حيث يرون الشركات أن حجمها يعيق الإنتاجية ويجبرها على تصنيع كميات متواضعة، مما دفع بعض الشركات الكبيرة للتقليل من إنتاجها، وهو ما يمثل تحدياً في تأمين الأدوية.
وفي مسعى للتعامل مع هذا الوضع، منحت الحكومة التراخيص لمصانع جديدة لإنتاج الأدوية والمكملات الغذائية، وقامت بتعزيز جهودها لتفادي الأزمات المحتملة في المستقبل.
وبالنسبة لسلطنة عُمان، فإن توفير الأدوية بجودة عالية وبكميات كافية يشكل تحدياً رئيساً، خاصة مع القيود المفروضة على شحن البضائع والتأخر في تسليم الأدوية، وتعمل الحكومة على تشجيع المستثمرين المحليين للمشاركة في صناعة الأدوية وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص لضمان استدامة توفير الأدوية.
تأتي هذه الجهود ضمن «رؤية عُمان 2040» وإستراتيجيتها لتطوير الصناعات الدوائية، وشهدت السلطنة تقدماً ملحوظاً مع افتتاح مصانع جديدة للأدوية واللقاحات؛ الأمر الذي يعزز قدرتها على مواجهة التحديات الصحية في المستقبل.
بهذه الجهود والاستثمارات المستمرة في صناعة الأدوية، تسعى البحرين وعُمان إلى ضمان توفير الأدوية بكميات كافية وبجودة عالية، وتحقيق استقلالية أكبر في هذا القطاع الحيوي.