بينما كان الأطباء والممرضون في قسم الطوارئ بمجمع الشفاء الطبي بغزة يستعدون لاستقبال الجرحى والشهداء جراء العدوان الصهيوني المتواصل؛ إذا بعشرات الفلسطينيين الذين يعانون من الانهيار جراء سوء التغذية يصلون إليه غير قادرين على الوقوف على أقدامهم.
تداعى جميع الأطباء والممرضين لاستقبال هؤلاء المرضى وتركيب المحلول المحلي لهم لحين عمل التحاليل المخبرية اللازمة.
وقضى عدد من المدنيين جراء سوء التغذية التي بات يعاني منها معظم مواطني مدينة غزة وشمالها في ظل التجويع الذي يضرب تلك المناطق، بحسب الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة.
يضاف سوء التغذية والمجاعة إلى القصف والعدوان الذي أدى إلى ارتقاء نحو 30 ألف شهيد، إضافة إلى نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الذي بات يهدد حياة الآلاف من المرضى لا سيما أصحاب الأمراض المزمنة؛ مثل السرطان والفشل الكلوي والسكري والضغط وغيرها من الأمراض.
لقد أطبق ثالوث الموت (العدوان، الجوع، المرض) على 700 ألف نسمة بقوا في مدينة غزة وشمالها ورفضوا مغادرتها إلى جنوب القطاع، رغم تهديد الاحتلال لهم وتشديد الحصار.
ومع اقتراب الحرب على غزة من دخولها شهرها السادس، فإن كل مقومات الحياة نفدت من مواد غذائية وعلاج، وذلك بعد أن دمر الاحتلال كل شيء في القطاع.
صعبة تلك التفاصيل التي يعيشها أهل غزة في ظل حصار مطبق وعدوان حرق الأخضر واليابس ومرض ينهش تلك الأجساد النحيفة، حيث إن أقل واحد من سكان غزة خسر من وزنه نحو 20 كيلوجراماً وتحولوا الى هياكل عظمية!
كل هذا يحدث في القرن الحادي والعشرين، ويسقط ضحايا العدوان والجوع والمرض على شاشات التلفاز وعلى الهواء مباشرة دون أن يحرك أحد بخلاف التنديد والحديث عن الطلب بزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة في ظل مواصلة الاحتلال عدوانه ورفضه تخفيف الحصار ومراوغته في الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم.
تعمق المجاعة
من جانبه، شدد مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة على أن المجاعة تتعمّق في القطاع لا سيما في الشمال؛ الأمر الذي يتطلب تحركاً عاجلاً.
وقال الثوابتة لـ«المجتمع»: نُحذر من كارثة إنسانية عالمية يروح ضحيتها مئات آلاف الأطفال والنساء.
وأضاف: تتعمَّق يوماً بعد يوم المجاعة في قطاع غزة الذي يقطنه قرابة 2.4 مليون نسمة، ولكنها تتعمّق بشكل أكبر في محافظة غزة وشمالها؛ مما ينذر بوقوع كارثة إنسانية عالمية قد يروح ضحيتها أكثر من 700 ألف مواطن فلسطيني ما زالوا يتواجدون في المحافظتين المذكورتين تحديداً.
وتابع: الاحتلال بدأ في تنفيذ سياسة التجويع والتعطيش وصولاً إلى المجاعة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي يشنها ضد المدنيين والأطفال والنساء في جميع محافظات قطاع غزة، وبشكل مُركَّز أكثر على محافظتي غزة وشمال غزة، وذلك من خلال منعه لإدخال المساعدات إلى محافظات القطاع.
وطالب الثوابتة بشكل فوري وعاجل بوقف حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين والأطفال والنساء، ورفع الحصار وإدخال 10 آلاف شاحنة مساعدات خلال اليومين القادمين وبشكل مبدئي وفوري وعاجل قبل وقوع الكارثة الإنسانية، وخاصة إدخال المساعدات إلى محافظتي غزة وشمال غزة.
وحمَّل المسؤول الفلسطيني الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي، إضافة إلى الاحتلال، المسؤولية الكاملة عن هذه المجاعة التي تجري فصولها على مرأى ومسمع كل العالم دون أن يحرِّك أحد ساكناً، وهم الذين منحوا الاحتلال الضوء الأخضر للعدوان المتواصل.