يتهاون البعض في صيام رمضان بلا عذر شرعي!
وقد نسي هؤلاء أن صيام رمضان أحد الأركان التي بني عليها الإسلام؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان» (رواه البخاري (8)، ومسلم (19)).
وقال الإمام الذهبي رحمه الله: «وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا عذر يبيح ذلك، أنه شر من الزاني، ومدمن الخمر، بل يشكّون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال»(1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إذا أفطر في رمضان مستحلًا لذلك وهو عالم بتحريمه؛ استحلالًا له، وجب قتله، وإن كان فاسقاً عوقب عن فطره في رمضان»(2).
ومما صح من الوعيد على ترك الصوم، ما رواه أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً، قلت: من هؤلاء؟ قالا: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم» (رواه ابن خزيمة (1986)، وابن حبان (7491)، وصححه الألباني في الصحيحة (3951)).
وقال الألباني رحمه الله: هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمداً قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلاً؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة(3).
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: «الكبيرة الأربعون والحادية والأربعون بعد المائة: ترك صوم يوم من أيام رمضان، والإفطار فيه بجماع أو غيره، بغير عذر من نحو مرض أو سفر»(4).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟! فأجاب: «الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره»(5).
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: أيها الغافل عن الثواب الكبير، والساهي عن الملك الكبير، واللاهي عن لباس السُّنْدُس والحرير.. أتاك شهر رمضان، المتضمن للرحمة والرضوان، وأنت مُصِرٌّ على الذنوب والعصيان، مقيم على الآثام والعدوان، متمادٍ في الجهالة والطغيان، متكلم بالغيبة والبهتان، متعرض لسخط الرحمن، قد تمكن من قلبك الشيطان، فألقى فيه الغفلة والنسيان، فأنساك نعيم الخلد والجنان، فظللت تعمل أعمال أهل النيران فإن كنت كذلك، فكيف ترجو الفوز بالرضوان، والحلول في دار الخلد والأمان، والخلاص من دار العقوبة والهوان(6)؟!
نصيحة واجبة
وننصح كل من تسول له نفسه الإفطار في نهار رمضان بلا عذر شرعي، أن يتقي الله تعالى، ويحذر نقمته وغضبه وأليم عقابه، وليبادر إلى التوبة قبل أن يفاجئه هادم اللذات ومفرق الجماعات، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل، ومن تاب تاب الله عليه، ومن تقرب إلى الله شبراً تقرب إليه باعاً، فهو الكريم الحليم الرحيم سبحانه، ولو جرب هؤلاء المتهاونون الصوم وعلموا ما فيه من اليسر، والأنس، والراحة، والقرب من الله؛ ما تركوه، ولنتأمل قول الله تعالى في ختام آيات الصوم: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة: 185)، وقوله تعالى: (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185)؛ لندرك أن الصوم نعمة تستحق الشكر، ولهذا كان جماعة من السلف يتمنون أن يكون العام كله رمضان، نسأل الله أن يوفق هؤلاء لصيام رمضان، وأن يهديهم، وأن يشرح صدرهم لما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة.
______________________
(1) الكبائر، ص64.
(2) مجموع الفتاوى (25/ 290).
(3) سلسلة الأحاديث الصحيحة (10/ 19).
(4) «الزواجر»، ابن حجر الهيتمي (1/ 323).
(5) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (19/ 89).
(6) كتاب «بستان الواعظين ورياض السامعين»، مجلس في فضل الصيام (1/ 213).