تزخر القدس بمظاهرها وعاداتها العربية والإسلامية، وهي جزء من هوية المدينة وهوية سكانها الأصليين، ومع حلول المناسبات والأعياد الإسلامية، تصطبغ القدس برونق خاص، وتشكل ما يرافق هذه المناسبات من زينة وطعام وطقوس عبادية، فرصة لتنفض المدينة عن كاهلها حملات التهويد، ويُعدّ شهر رمضان أبرز مناسبات القدس الإسلامية، فهو أطولها مدة، وترافقه مظاهر عديدة، ويحاول الاحتلال خنق المظاهر الإسلامية في رمضان، عبر جملة من الاعتداءات، أبرزها:
1- أمام مركزية المسجد الأقصى في رمضان خاصة، وفي كل السنة عامة، واحتضانه عبادات المسلمين، يستهدف الاحتلال هذا المسجد من خلال استمرار اقتحامه بشكل شبه يومي، ومشاركة عتاة المتطرفين في هذه الاقتحامات، وما يرافقها، من أداء الطقوس اليهوديّة العلنية، وخاصة في ساحات الأقصى الشرقية، وقرب مصلى باب الرحمة.
2- وفي سياق حصار المسجد المبارك، وتقليل أعداد المصلين داخله، وخاصة القادمين لأداء صلاة التراويح، تفرض قوات الاحتلال القيود المختلفة أمام أبواب المسجد وفي أزقة البلدة القديمة، ومحاولة تقليل أعداد المصلين، وهي سياسة تصاعدت في الشهر الفضيل، على أثر قرارات أصدرها المستوى السياسي، في سياق العدوان على قطاع غزة، وشهدت البلدة القديمة منع آلاف الشبان من الدخول إلى الأقصى.
3- تُشير سياسات الاحتلال في السنوات الماضية إلى محاولات الاحتلال ليفرض نفسه المتحكم الوحيد بـ«الأقصى» وخاصة في ليالي شهر رمضان، إذ تسعى إلى التحكم بمن يستطيع الاعتكاف في «الأقصى»؛ إنْ من حيث الأعداد، أو الوقت، وتقوم قواته باقتحام المسجد ليلًا وإخراج المعتكفين منه بالقوة، فقد سعت في العام الماضي أن تفتح أبوابه أمام المعتكفين في الليالي التي لا تشهد في الصباح التالي اقتحامات؛ أي ليلتي الجمعة والسبت من كل أسبوع، وفي هذا العام، عملت قوات الاحتلال على ترهيب الشباب الفلسطيني لئلا يُشارك في الاعتكاف في «الأقصى»، وتكرر توزيع مخابرات الاحتلال إخطارات تحذر الشباب الفلسطيني من الاعتكاف فيه.
4- إفراغ ساحات القدس من وجود الفلسطينيين ليلًا، وخاصة ساحة باب العمود، ففي عامي 2019 و2021م، ومنذ انطلاق العدوان على غزة، نصبت قوات الاحتلال حواجز حديدية على مدرجات باب العمود في القدس المحتلة، لمنع الشبان من الجلوس عليها، حيث جرت عادة المقدسيين على تنظيم العديد من الفعاليات في هذه الساحة.
5- فرض الحصار على التجار والباعة في القدس المحتلة، ومن عادات القدس الرمضانية بسطات الباعة في أزقة البلدة القديمة، التي تبيع منتجات وعصائر رمضانية للمقدسيين، ففي السنوات الماضية ازدادت هجمات شرطة الاحتلال وطواقم بلديته في القدس على بسطات الباعة والفلاحات في شوارع القدس القديمة، وصادرت عددًا منها وحررت مخالفات للبائعات، وهو إلى جانب تعكير الأجواء الرمضانية في القدس، التي تستطيع تحريك العجلة الاقتصادية لهؤلاء الباعة، تفاقم هذه الغرامات من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الباعة البسطاء.
6- يعدّ المسحراتي واحدًا من أبرز مظاهر الشهر الفضيل، وهو من التقاليد المميزة في مدينة القدس المحتلة، وتحول عمل المسحراتي إلى عمل شديد الخطورة، نتيجة استهدافه من قبل سلطات الاحتلال، حيث تعتقل قوات الاحتلال المسحراتية، وتصدر ضدهم مخالفات مالية بذريعة تسببهم بإزعاج المستوطنين داخل البلدة القديمة، وتعمل قوات الاحتلال على ملاحقتهم وتعرقل عملهم.