تحقيق: حسن القباني – مجاهد الصوابي:
«الشفافية، والمسؤولية، والمساءلة، والمشاركة، والاستجابة لاحتياجات الناس، هذه معايير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة لإرساء الحكم الرشيد، بينما هي أسس مركزية في تراثنا الإسلامي، استخلصها الغرب من قيم ديننا الخالدة، وتخلَّف عنها ركْب المسلمين والعرب، وهو ما يستدعي، وفق مفكر بارز ومختصين تحدثوا لـ«المجتمع»، السعي إلى إرساء معالم الحكم الرشيد من جديد، مع الاستعانة بدور مدروس للمؤسسات الدعوية.
د. عبدالفتاح: نحتاج إلى 3 مستويات لإرساء معالم الحكم الراشد
في البداية، يوضح أستاذ العلوم السياسية المفكر السياسي الإسلامي د. سيف الدين عبدالفتاح، في حديث لـ«المجتمع»، أن هناك 3 مستويات لقيام المؤسسات الدعوية بدور في إرساء معالم الحكم الرشيد، وهي: إنشاء مؤسسات دعوية حقيقية للأمة، والتمييز بين المجال الدعوي والمسار السياسي دون فصل، وامتلاك رؤية تنفيذية لإرساء تجربة الحكم الراشد.
ويؤكد د. عبدالفتاح، الذي يتولى مسؤولية مركز الحكم الراشد والسياسات العامّة في مؤسسة قطر، أن الأمة الإسلامية تفتقد حالياً المؤسسات الدعوية المعبرة بشكل حقيقي عنها، بينما الموجود أجهزة دعوية ملحقة بكيانات وتكوينات لتيارات دينية وإسلامية مختلفة، تمتلك فيها السلفية على تنوع تكويناتها جهازاً دعوياً، فيما يمتلك الإخوان المسلمون وغيرهم أجهزة أخرى، وكذلك النظم الرسمية لها أجهزة دعوية لم ترتق أيضاً إلى المستوى المؤسسي، حيث تسند إليها أدوار وظيفية تبريرية.
ويوضح أن هناك فارقاً بين مؤسسات دعوية على مستوى الأمة ومستوى الكيانات أو أجهزة ملحقة بها، فالمؤسسة الدعوية المرتبطة بالأمة تعتني بها وبرسالتها وتأصيل المعاني الحضارية التي تتعلق بها، وتدفع الشبهات عنها، لكن الأجهزة الدعوية للكيانات والتنظيمات رغم ما تقوم به من أدوار غاية في الأهمية، فإنها ما زالت محبوسة داخل تنظيماتها، ولم تقم بدورها فيما يتعلق بمفهوم الدعوة الحضارية والإنسانية، الواسعة التي تتعلق بعموم الأمة، وهو ما يتطلب تأسيس مؤسسات وقفية مرتبطة بمؤسسات الأمة الدعوية، كون أن الوقف هو الذي يساهم في أن يمسي عمل هذه المؤسسات للأمة لا للسلطة، وأن تصبح عينهم على الأمة وليست السلطة.
د. فهمي: يلزمنا دعاة مؤثرون واهتمام بالتعليم وإيجاد ظهير نخبوي
ويشدد د. عبدالفتاح على أنه في هذا الإطار لا بد من التمييز بين ما هو دعوي وما هو سياسي، حتى لا يتم حبس الدعوة في قمقم العمل السياسي، مؤكداً أن هذا لا يعني الفصل، ولكن يعني الفصل في الأوان والوصل في المقام، حيث إن العمل الدعوي يمثل مظلة شاملة للعمل التربوي والحضاري والإنساني، بعضها قد يرتبط بالمجال السياسي، وتتميز بالإطلاق والشمول على عكس المسار السياسي الذي ينطلق لأغراض سياسية ويمكن أن يرتبط بمرجعية إسلامية، ولكن له من الآليات ما يختلف، مثل: تكوين الأحزاب ودخول الانتخابات، وهو ما يجب ألا تختلط الدعوة بمثله من أعمال موسمية ترتبط بتنظيمات سياسية، كون أن إلحاق الدعوة بالتنظيمات والشأن السياسي أمر حابس.
ويوضح أن المستوى الثالث في إرساء معالم الحكم الراشد يقوم على 3 مسارات، أولها التأهيل السياسي، وهذا ليس من مهام الرسالة الدعوية، أما المسار الثاني فهو قيام المؤسسة الدعوية الحقة بتنشئة كوادر تربوية، تعنى بالتربية القيمية والحضارية، حتى يكون الساسة الجدد مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالقيم والأخلاق، وليس على غرار «ميكافيلي» الذي فصل بين القيم السياسية والقيم الأخلاقية، فيما يرى د. عبدالفتاح ضرورة أن تسفر هذه العملية الدعوية في نهاية المطاف عن عمل ينظر للإسلام كمنهج حياة شامل، السياسة جزء منه، بما يسمح بتأسيس الحكم الراشد.
مسارات التوعية
بدوره، يوضح الأكاديمي وخبير الإستراتيجيات د. إبراهيم فهمي، في حديثه لـ«المجتمع»، أن مصطلح «الحكم الرشيد» ينتمي إلى التراث الإسلامي، واستخدمه الغرب من استخلاصاته لفترة الحكم الراشد في التاريخ الإسلامي وبالتحديد فترة الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، ما ألهم الغرب للاستفادة من تجربته، وهو ما يحتم على المسلمين استعادة فترة الحكم الرشيد.
د. الحوفي: تثقيف الجمهور بخطاب راشد يساهم في استعادة هذه المعالم
ويرى أن صناعة قيادات ورموز دعوية مبدعة، تعمل من داخل المنظومات الحاكمة، ولا تتصادم معها، قد يساهم في خلق وعي عميق وممتد لقيم الحكم الرشيد بين المحكومين والحاكمين، بما يتيسر لهذه القيادات من حضور رسمي يستوعب وجودها ولا يمنع تأثيرها.
وضرب د. فهمي المثال بالعالِم الشيخ الراحل محمد الغزالي الذي يعتبره مؤسسة دعوية بمفرده، استطاع على مدار عدة عقود وعهود وأنظمة أن يحافظ على تواجده الدعوي في المجال العام، بشكل مؤثر مكنه من تقديم النصيحة لأعلى مستويات الدولة في مصر، وهو ما يعتقد أن الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي صنعه كذلك بحضوره الدعوي عبر تفسير القرآن.
ويشير إلى أن اهتمام المؤسسات الدعوية كالأزهر الشريف والهيئات الدينية القريبة من أطره في دول المنطقة؛ بالتعليم يعد مساراً من مسارات إحياء قيم الحكم الرشيد، عبر التوسع في تطوير المناهج بما يخدم هذه القيم، وإنشاء المزيد من المدارس والجامعات، بما يؤدي إلى تخريج نخبة دينية واعية تساهم في إنجاز المطلوب، مؤكداً أهمية عناية هذه المؤسسات كذلك بحركة النشر وإصدار الكتب، وتكوين ظهور إعلامي ونخبوي في ظهرها لتوصيل رسالتها وتوطين كل القيم المنشودة للحكم في المجتمع ومؤسسات الدولة.
تقديم القدوة الحسنة
من جانبه، يقول النقابي والسياسي المصري د. أحمد رامي الحوفي، في حديث لـ«المجتمع»: إن المؤسسات الدعوية تستطيع إرساء معالم الحكم الرشيد عبر تبني خطاب راشد يقوم على حسن ترتيب الأولويات وفقه الواقع، وتثقيف جمهورها بهذا الخطاب بشكل ممنهج ومدروس، لترسيخ القيم والمرتكزات الأساسية التي يقوم عليها الحكم الرشيد بما يؤدي إلى إنتاج أجيال جديدة تعي المفهوم وتنجح في تقديم ممارسات إيجابية له.
النادي: مطالبون بتقديم الصورة المصغرة لما نريد داخل الأطر الحالية
ويشير الحوفي إلى أن مرتكزات الحكم الرشيد كانت واضحة منذ بداية الدعوة الإسلامية، لذلك جاءت النتائج إيجابية في مراحل الخلافة الراشدة، بسبب وضوح المعالم في أذهان الصحابة، مؤكداً أن التحدي الكبير أمام المؤسسات الدعوية، في هذا المسار حالياً، هو تقديم النموذج والقدوة في تبني قيم الحكم الرشيد مثل العدالة وتداول السلطة والحرية الراشدة والكرامة الإنسانية، لأن نجاحها سيؤثر في تقبل المجتمع والمؤسسات الأخرى لمنظومة الحكم الرشيد، كونهم شاهدوا رأى العين نموذجاً حياً نقل القيم من واقع الكلام إلى مساحات التنفيذ الفاعلة.
ويتفق الباحث في الفكر الإسلامي محمد فتحي النادي مع الرأي السابق، مؤكداً، في حديثه لـ«المجتمع»، أهمية أن تقدم المؤسسات الدعوية الصورة المصغرة للحكم الرشيد داخلها، قبل أن تدعو له، فالعديد منها لديها خلل في رؤية الحكم والإدارة وينتشر فيها النظام الأبوي وعدم المحاسبة وإبعاد الكفاءات، وفق رأيه.
ويضيف النادي أن إصلاح هذه المؤسسات الدعوية لنفسها مقدمة لازمة لإرساء أي معالم للحكم الرشيد في المجتمعات، وهو ما يتطلب الابتعاد عن أي اختيارات أثقلت كاهلها وأفقدتها إطارات فاعلة وكفاءات ذات ثقل، لبعث المشروع الإسلامي من جديد.
أبو الحسن: الخطوة الأولى تتطلب تمتع المؤسسات الدعوية بالاستقلالية التامة
ويقول د. أحمد بكار أبو الحسن، عضو المجلس الإسلامي السوري، مدير أكاديمية القرآن الكريم بإسطنبول، لـ«المجتمع»: إن المؤسسات الدعوية كل مؤسسة تعتني بنشر الدعوة الإسلامية، وتقوم على أساس الدعوة والإرشاد والنصح، ضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لإخراج جيل صالح ومصلح، وأن مفهوم الحكم الرشيد تحقيق التوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية، واستقلال القضاء، وتفعيل المراقبة الشعبية، وعدم فصل الدين عن الدولة.
ويضيف أنه بناء على ما تقدم، فلا بد من إيجاد مؤسسات دعوية مستقلة عن الأجسام والكيانات الأخرى، حتى لا تكون حبيسة جهة ضد جهة أخرى، وتتمتع باستقلالية المؤسسات الدعوية، تخدم مصالح الأمة، وتجمع الناس على حفظ ما يضمن تماسكها؛ كالحفاظ على الدين والهوية، ونشر الدعوة، وهذا يحتاج إلى دعاة مؤثرين، يلتزمون نهجاً عاماً، يجمعون الأمة على المتفق عليه.
كما يمكنهم إرجاع الدعوة على ما كان عليه الدعاة أيام الخلافة الراشدة، بحيث تتولى تقويم ولاة الأمور من قبل جميع الأمة الذين يسعون للإصلاح، على تحكيم شرع الله وتقديمه على كل رأي، وتقويم الخطأ وإن كان من رأس الحكم والدولة، واستقلال القضاء وتحريره من التبعية، وضمان تنفيذ ما شرعه ضماناً لمصالح العباد والبلاد.
ضوينا: من أهداف المؤسسات الدعوية صناعة الداعية المدرك لمتطلبات الحكم الرشيد
ويؤكد د. أبو الحسن أنه لا بد أن تأخذ المؤسسات الدعوية دورها في تثقيف الجمهور بخطاب راشد يسهم في صناعة قيادات ورموز دعوية مبدعة، وهذا يساهم في خلق وعي عميق يجسّد القيم التي كانت في الحكم الراشد بين المحكومين والحاكمين، وهؤلاء هم الذين يقودون المؤسسات الدعوية، التي تستطيع إرساء معالم الحكم الرشيد، عبر تبني خطاب راشد على حسب ترتيب الأولويات وفقه الواقع، وتثقيف جمهورها بهذا الخطاب بشكل ممنهج، لترسيخ القيم والمرتكزات الأساسية التي يقوم عليها الحكم الراشد.
ويشدد د. أبو الحسن على أن الحكم الرشيد مرتكزاته واضحة، منذ بداية الدعوة الإسلامية، ولذلك جاءت نتائجه إيجابية في مراحل الخلافة الراشدة، بسبب وضوح المعالم في أذهان الصحابة، فلا بد من تقديم النموذج والقدوة في تبني قيم الحكم كالعدالة والكرامة الإنسانية.
ويقول د. محمد أحمد ضوينا، أستاذ اللغة العربية والعلوم الشرعية بالجامعات السودانية، لـ«المجتمع»: إن من أهم أهداف المؤسسات الدعوية صناعة الداعية المدرك لمتطلبات الحكم الرشيد، وكما تنتج الداعية المهندس والداعية الطبيب كذلك نجد الداعية الإستراتيجي الذي يؤسس لتأصيل الحكم الذي يعتمد في مرجعيته للقرآن الكريم والسُّنة النبوية.
ويضيف د. ضوينا، الشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الداعية الأعظم الذي بنى دولة العدالة والحرية والمساواة والقانون والأخوة، وكل هذه معانٍ وأركان يقوم عليها الحكم الرشيد الذي يبني الإنسان على أسس علمية سليمة وبه يتشكل المجتمع الفاضل المكون للدولة الواعية، والمتكاملة في القيم والسلوك والمنهج.
الشريف: الشفافية والمسؤولية والمساءلة والمشاركة خصائص أساسية للحكم الرشيد
ويؤكد الباحث الإسلامي الليبي خالد الشريف لـ«المجتمع» أنه لا بد من تعريف الحكم؛ بداية حيث يُقصد بالحكم كل عمليات الحكم والمؤسسات والعمليات والممارسات التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك وتنظيمها، فالحكم الرشيد صفة معيارية وتقييمية لعملية الحكم تلك.
ويضيف أن الخصائص الأساسية للحكم الرشيد، هي: الشفافية، والمسؤولية، والمساءلة، والمشاركة والاستجابة لاحتياجات الناس، وتعتبر المؤسسات الدعوية ركيزة من ركائز الحكم الرشيد، فهي تؤدي دوراً كبيراً ومهماً في توعية المجتمع ونشر ثقافة الحكم الرشيد بين أفراده التي تعتمد على التوعية بمبادئه التي من أهمها:
– المؤسسات الديمقراطية (أو الشورية): وهي طرق تسمح للرأي العام بالمشاركة في وضع السياسات سواء من خلال المؤسسات الرسمية أو المشاورات غير الرسمية، كما تنشئ آليات لإدماج فئات اجتماعية متعددة في عمليات اتخاذ القرارات، لا سيما على الصعيد المحلي، وقد تشجع كلاً من المجتمع المدني والمجتمعات المحلية على صياغة مواقفه بشأن قضايا تهمّه والتعبير عنها.
– تقديم الخدمات العامة: تؤدي الإصلاحات التي يفرضها الحكم الرشيد، في مجال توفير الخدمات الحكومية للناس، بحسب قدرات الدولة على الوفاء بمسؤوليتها في توفير المنافع العامة الأساسية؛ مثل الحق في التعليم والصحة والغذاء، وقد تتضمن مبادرات الإصلاح آليات متعلقة بالمساءلة والشفافية وأدوات السياسة العامة التي تراعي الاعتبارات الثقافية من أجل ضمان توفر الخدمات للجميع وقبولهم لها، علاوة على سبل مشاركة الرأي العام في اتخاذ القرارات.
– سيادة القانون: حيث تساهم المؤسسات الدعوية في إصلاح التشريعات، بهدف تحسين تنفيذ هذه التشريعات ورفع مستوى التوعية العامة بشأن الإطار القانوني الوطني والدولي وبناء القدرات وإصلاح المؤسسات.
اللافي: ضرورة التغلب على مشكلات الانقطاع عن المحيط وانعدام الرؤية الشاملة
– مكافحة الفساد: فيما يتعلق بمكافحة الفساد، تعتمد جهود الحكم الرشيد على مبادئ مثل المساءلة والشفافية والمشاركة لإعداد تدابير مكافحة الفساد، وقد تتضمن المبادرات إنشاء مؤسسات مثل لجان مكافحة الفساد، وإيجاد آليات لتبادل المعلومات، ورصد استخدام الحكومات للأموال العامة وتنفيذها للسياسات.
وللمؤسسات الدعوية دور مهم في مكافحة الفساد عبر تقديم النماذج الجيدة في تولي المناصب وأداء المهام، وكذلك نشر الوعي المستند إلى ثقافة المجتمع الإسلامي في محاربة الفساد؛ لذلك نجد أن المؤسسات الدعوية عليها دور كبير في إرساء معالم الحكم الرشيد من خلال نشاطها الدعوي في المجتمع وذلك عبر الآتي:
1- نشر الوعي المجتمعي من خلال المحاضرات والدروس عن أهمية الحكم الرشيد ومتطلباته.
2- المساهمة في إعداد القوانين واللوائح المنظمة للحكم الرشيد عبر مؤسسات الدولة.
3- إعداد قيادات في كل المستويات لكي تتولى المناصب في الدولة وتستطيع تنفيذ مبادئ الحكم الرشيد.
4- المساهمة في تقديم الخدمات العامة للمجتمع سواء عبر المؤسسات الدعوية أو مؤسسات الدولة، بحيث تتميز هذه الخدمات بتحقق شروط الشفافية والأمانة والحرص على استفادة المواطن بأكبر صورة ممكنة.
من جانبه، يقول د. سعيد محمود اللافي، رئيس رابطة أئمة وخطباء ودعاة العراق، لـ«المجتمع»: إنه لكي تضطلع المؤسسات الدعوية والشرعية والعلمية بدورها الريادي في البناء المعرفي والفكري والعلمي، لا بد لها من أمرين أساسيين لنجاحها؛ أولاً: الرؤية الواضحة في كل شيء إجمالاً وتفصيلاً، وثانياً: القيادة الواعية المتناغمة المنسجمة مع بعضها، ثم تأتي بعد ذلك الخطة المرسومة للوصول إلى الهدف المنشود، والأفراد المقتنعين وما يستلزم معرفته في العمل البنائي.
ويضيف أن ذلك يتمثل في تحديد الأهداف القريبة والبعيدة، مشيراً إلى أن الواقع الذي تعيشه المؤسسات الدعوية، وانغلاقها أو انقطاعها عن محيطها، وانعدام الرؤية الشاملة، وتصدر النفعيين والمصلحيين أو المأزومين نفسياً وفكرياً على رقاب تلك المؤسسات.
وهذه الإشكاليات بمثابة عراقيل تمنعها من أخذ دورها الريادي والقيادي في إرساء معالم الحكم الرشيد المنشودة في أمتنا، ولذلك لا بد من مراجعة تلك المؤسسات لأهدافها وطريقة عملها للبحث عن القواسم المشتركة بينها لصالح المجتمع الذي يُحتم تشارك الجميع أو على الأقل الشعور بذلك بأن كل صغير جهد أو كبيره هو يصب في الحوض الكبير لهذه الأمة وإرساء معالم الحكم الرشيد فيها.
ويؤكد اللافي أن تجارب كثيرة نجحت كلياً أو جزئياً حسب ظروفها حينما وُجدت فيها قيادة ورؤية وخطة ورجال وكانت مشاركة في قرارات مصيرية تخص بلدانها وأمتها.