يحاصر الجوع والعطش في شهر رمضان سكان قطاع غزة، مع مواصلة الصهاينة عدوانهم للشهر السادس على التوالي، ويعيش القطاع فصول نكبة جديدة، فطقوس رمضان المبارك مؤلمة لنحو مليوني فلسطيني باتوا يعيشون مرارة التشرد والتهجير بعد أن هدم الاحتلال قرى ومدناً ومخيمات بأكملها.
رمضان في خيام النزوح
يقول شادي قاسم الذي نزح هو وأسرته المكونة من 7 أفراد ويقيم في خيمة في منطقة المواصي غرب مدينة رفح لـ«المجتمع»: نستقبل رمضان هذا العام في ظل كارثة يعيشها كل واحد منا، فقدنا منازلنا وهجرنا من ديارنا حتى ملابسنا لم نستطع حملها، نقيم هنا في خيمة نزوح ونعيش أجواء رمضان في ظل ألم يعتصرنا على حالنا الكارثية التي تسبب بها الاحتلال الصهيوني.
وتابع: لا يتوفر طعام للنازحين، نتضور جوعاً وعطشاً، أغلب الناس في خيام النزوح يفطرون على كسرة خبز وما توفر من معلبات لا تسمن ولا تغني من جوع، دموع المنكوبين محبوسة في عيونهم، قتل الاحتلال في جرائم الإبادة الجماعية كل مقومات الحياة عندنا، فلا طقوس لرمضان التي اعتدنا عليها موجودة، النساء والأطفال يحاولون عيش طقوس رمضان بأقل الإمكانات، لكن لا جدوى في ظل انعدام مقومات الحياة.
1000 مأذنة هدمت في غزة ولن تصدح بصلاة التراويح في رمضان
من جانبه، يؤكد محمد الأسطل، وهو نازح أيضاً من مدينة خان يونس، أن رمضان هذا العام يحل في ظل فصول نكبة جديدة يعيشها الشعب الفلسطيني؛ لا منازل ولا أسواق ولا طرقات، حتى المدارس تحولت لمراكز إيواء لمئات آلاف النازحين والمنكوبين الذين يحاصرهم الجوع والعطش حتى ملابسهم فقدوها.
ويضيف لـ«المجتمع» أن طقوس ومائدة رمضان لم تعد موجودة عند أهالي قطاع غزة الذين فتك بهم الجوع والعطش ولم يجدوا ما يسد جوعهم.
مراكز الإيواء ورمضان
ولأول مرة منذ النكبة الفلسطينية عام 1948م، يعيش الفلسطينيون في غزة فصول نكبة جديدة ويقيمون في مئات مراكز الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أو حتى مدارس حكومية، يعيشون ظروفاً حياتية قاهرة، لا طعام ولا شراب، وقد تفشت فيهم الأمراض والأوبئة، ويأتي عليهم رمضان في ظل ظروف الجوع والعطش والحرمان، فلا أدوات مطبخ يضعون بعض الطعام في حال توفر، ولا مكان يتناولون فيه طعام إفطارهم، غرف صفية في المدرسة مكتظة يقيم في الفصل الواحد نحو 50 شخصاً.
ويقول محمد أبو عودة، النازح من مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة إلى مدينة رفح أقصى الجنوب ويقيم في مدرسة رابعة العدوية في وسط مدينة رفح لـ«المجتمع»: إن كل سكان قطاع غزة يعيشون مأساة التشرد والتهجير.
ويضيف: رمضان نعيشه في ظل ظروف قاهرة داخل مركز الإيواء لا نستطيع تحضير طعام الفطور ولا السحور، لا يوجد مكان نطهو فيه بعض ما يتوفر من طعام، وغالباً ما يكون عبارة عن معلبات، حتى مكونات الطحين والسكر غير متوفرة، نحن نعيش مجاعة حقيقية حتى في ظل شهر رمضان المبارك، والعالم صامت على معاناتنا ومأساة الجوع والعطش التي عصفت بكل سكان قطاع غزة.
1000 مسجد لم تصدح بصلاة التراويح
وخلال العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة للشهر السادس على التوالي، هدم وقصف وفجر الصهاينة أكثر من ألف مسجد في مدينة غزة وشمال قطاع غزة ومدينة خان يونس جنوب القطاع، وفق إحصاءات لوزارة الأوقاف الفلسطينية، وحول الاحتلال الغاشم معظم المساجد خاصة التاريخية منها لكومة من الركام بعد أن كانت تعج بمئات آلاف المصلين خلال شهر رمضان المبارك.
مليونا نازح في غزة بفعل العدوان الصهيوني يقضون رمضان في الخيام
ويقول الفلسطينيون: إن أذان الصلوات المعتادة لم يرفع منذ 6 أشهر، خاصة في مدينة غزة وشمال القطاع، ولم تقم الصلوات فيها، وذلك في دليل على إجرام الاحتلال الصهيوني بحق دور العبادة التي دمر معظمها، ولم يبق للغزيين مساجد يقيمون فيها الصلوات.
ويشير الشيخ محمد نصار، إمام مسجد النصر في بيت حانون شمال قطاع غزة، في حديث لـ«المجتمع»، إلى أن الصهاينة دمروا كل مساجد المنطقة، وأنا هنا في مدينة رفح جنوب قطاع غزة نقيم صلاة التراويح مع المصلين في باحة مركز الإيواء.
إحصاءات وأرقام عن العدوان
وتؤكد وزارة الأشغال الفلسطينية أن الاحتلال الصهيوني دمر وفجر وجرف مدناً سكنية كاملة في قطاع غزة، مثل: بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا ومدينة الشيخ زايد ومدينة حمد والزهراء وخان يونس ومخيمات الشاطئ وجباليا والبريج والمغازي، وقد تجاوزت عمليات الهدم الهمجية ما نسبته 60% من منازل قطاع غزة، بما يشكل نحو نصف مليون وحدة سكنية ما بين تدمير كلي وجزئي، يضاف لذلك هدم كامل للبنية التحتية والمرافق العامة والمدارس والأسواق.
وتشير مؤسسات حقوقية وأممية إلى أن الاحتلال الصهيوني حول قطاع غزة لكومة من الركام وبات غير صالح للسكن مع حجم الدمار الهائل بفعل عشرات آلاف الصواريخ والقذائف الصهيونية التي تساقطت عليه.