في الفترة الأخيرة، شهد قطاع التعليم العالي توجهًا متزايدًا نحو دمج التقنيات الحديثة والممارسات المبتكرة بهدف تعزيز التجربة التعليمية الشاملة، وقد تمثل ذلك في استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق متنوعة.
دخل الذكاء الاصطناعي عالم التعليم بمفهوم جديد، حيث أحدث تقدما كبيرًا في طرق التعلم التقليدية، بدءًا من الدورات الرقمية المتنقلة وصولاً إلى المراجع الإلكترونية عبر الإنترنت والفصول الافتراضية.
خلال السنوات الأخيرة، عززت دول مجلس التعاون الخليجي استخدام التكنولوجيا في التعليم، وأدت جائحة «كوفيد-19» دورًا محوريًا في تسريع هذه العملية، ومع تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي زاد الاهتمام بفعاليته في مجال التعليم.
تغييرات في قطاع التعليم
باعتبار الاستخدام المتزايد لتقنية الذكاء الاصطناعي في التعليم، قامت الكيانات العامة والخاصة في مختلف أنحاء العالم بدراسة كيفية تبني هذه التقنية لتحسين جودة التعليم، ومن ثم، بدأت دول مجلس التعاون الخليجي في تغيير أساليب التعليم وتضمين التقنية في البرامج التعليمية.
في نوفمبر 2022م، قامت شركة «أوبن إيه أي» بإطلاق إصدار من «شات جي بي تي» (ChatGPT)، مما أثار الاهتمام بقدرات الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى التعليمي، ومع ذلك، تم عمل بعض التدابير لمنع استخدام الذكاء الاصطناعي في التزوير الأكاديمي.
تحركات حكومية
لتعزيز دمج التقنية في التعليم، أصدرت الكويت قرارًا يقضي بتشكيل لجنة لدمج تقنية الذكاء الاصطناعي في منهج الحاسوب، كما أعلنت قطر في يونيو 2023م عن تطوير بيئة التعليم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي كجزء من إستراتيجيتها التعليمية.
في السعودية، أطلقت وزارة التعليم مبادرة «ساعة الذكاء الاصطناعي» لتعزيز الوعي بالتقنية بين الطلاب، وهي خطوة نحو دمج التقنية في التعليم.
تحسين النتائج التعليمية
نتيجة لاستخدام التقنية في التعليم، شهدت الجامعات في دول مجلس التعاون الخليجي تقدمًا ملحوظًا، مما أدى إلى ارتفاع تصنيف الجامعات الخليجية على المستوى العالمي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتوقعت الدول الخليجية مساهمة كبيرة في الاقتصاد الرقمي عبر استثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي؛ مما يعزز التنمية المستدامة ويعمل على تحسين جودة التعليم وتطوير المهارات لمواجهة متطلبات سوق العمل المستقبلية.
تصريحات وزير التربية الإماراتي
ففي دولة الإمارات العربية المتحدة أكد وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد بالهول الفلاسي أن استخدام «ChatGPT» قد يكون طريقة ممتعة للطلاب للتكامل مع الذكاء الاصطناعي؛ إذ إنهم يتعاملون معه بشكل يومي بمجرد تخرجهم، معتبراً إياه أمراً مهماً لدمج الطلبة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع مراعاة أن نكون أذكياء عند التقييم.
وقال في تصريحاته بمنتدى دافوس: إن الإمارات تواكب متطلبات المهارات المستقبلية، وتدعم آليات تحفيز ريادة الأعمال في قطاع التعليم عبر تطوير الكوادر وتعظيم الاستفادة من رأس المال البشري، فضلاً عن ترسيخ مفهوم التعلم المستدام من أجل تحقيق المستهدفات التنموية.
وشدد على أهمية إتاحة الفرص لطلبتنا لتجربة تطبيقات الذكاء الصناعي مثل ChatGPT وغيرها، فهي ستكون حاضرة بقوة في المستقبل، مع ضرورة عدم الاعتماد بشكل مفرط على بعض الأدوات، للقيام بالمهام التعليمية بحسب الخليج.
تعزيز الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي في الكويت
أصدر وزير التربية ووزير التعليم العالي والبحث العلمي د ..عادل العدواني قرارا يقضي بتشكيل لجنة لدمج تقنية الذكاء الاصطناعي ضمن منهج الحاسوب برئاسة د ..عبدالله المطوع عضو هيئة التدريس بقسم هندسة الكمبيوتر بكلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت وعضوية الوكيل المساعد للتعليم العام، والوكيل المساعد لقطاع البحوث التربوية والمناهج، والموجه العام للحاسوب. وتتلخص مهام اللجنة في تحديد الصفوف الدراسية التي سيتم دمج تقنية الذكاء الاصطناعي ضمن منهج الحاسوب المقرر لها، وإعداد المادة العلمية لتقنية الذكاء الاصطناعي المزمع تدريسها لكل صف دراسي بحسب الأنباء.
أنظمة بيئة التعليم الإلكتروني
أما قطر فقد أعلنت، أكدت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، أن تطوير أنظمة بيئة التعليم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي، وتعزيز التحول الرقمي للبيئة التعليمية، أصبح جزءا لا يتجزأ من أي خطة استراتيجية تعليمية في قطر، منوهة بحرص الدولة، منذ وقت مبكر، على دمج التكنولوجيا في مختلف عمليات التعليم والتعلم، لجعل المتعلم متهيئا لمواجهة كافة متطلبات الحياة العملية الحديثة.
وأوضحت سعادتها، في كلمة ألقتها أمام المؤتمر الثالث عشر لوزراء التربية والتعليم العرب الذي نظمته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، واستضافته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمملكة المغربية تحت عنوان /مستقبل التعليم في الوطن العربي في عصر التحول الرقمي/، أن التطورات الهائلة والمتلاحقة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي، قد أدت إلى إحداث تغيرات اقتصادية وتربوية وثقافية في كافة المجالات، لا سيما بعد التحديات التي فرضتها جائحة /كوفيد – 19/، مستعرضة، في سياق متصل، عددا من الممارسات التعليمية الجيدة في دولة قطر بمجال التحول الرقمي للارتقاء بجودة التعليم بحسب الشرق.