العلاقات الخليجية التركية تتجه نحو مرحلة جديدة ومتقدمة، حيث يسعى الطرفان إلى إقامة إحدى أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم، هذا يعكس قوة الشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا، إذ تهدف الدول الخليجية إلى تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وتوسيع قاعدة الأسواق لتحقيق تنويع اقتصادي شامل.
في العامين الأخيرين، شهدت العلاقات بين الخليج وتركيا تطورًا كبيرًا مع حل الخلافات السياسية وتوقيع سلسلة من الاتفاقيات لتعزيز التعاون في مختلف المجالات، وفي 21 مارس 2024م، وقع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ووزير التجارة التركي إعلانًا مشتركًا لبدء مفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين العواصم الخليجية وأنقرة.
وتم، كذلك، توقيع إعلان مشترك بين الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، ووزير التجارة التركي عمر بولات، لبدء مفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين العواصم الخليجية وأنقرة.
وعبر البديوي عن أهمية الإعلان المشترك عقب توقيع الاتفاقية في أنقرة، مؤكداً الحاجة الماسة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين تركيا ودول المجلس وتوسيع آفاق التجارة والاستثمار للجانبين.
وأشار إلى أن التوقيع يُعتبر إشارة قوية لتحقيق دول المجلس لمكانة إقليمية ودولية بارزة، خاصة في المجال الاقتصادي، مؤكداً استمرار مساعي المجلس في التفاوض لإقامة اتفاقيات تجارية حرة مع دول أخرى، بحسب «كونا».
من جانبه، أكد وزير التجارة التركي أن الاتفاقية ستسهم في تحرير التجارة في السلع والخدمات، وتسهيل الاستثمارات وزيادة مستويات الاستثمار بين تركيا ودول الخليج بشكل كبير، مشيراً إلى أهمية إنشاء إحدى أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم بقيمة 2.4 تريليون دولار، بحسب «الأناضول».
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود مستمرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، حيث بدأت الخطوط الأولى لإقامة منطقة التجارة الحرة بينهما قبل نحو 20 عامًا، وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات الخليجية التركية نموًا ملحوظًا، مما أدى إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما.
ومنذ عام 2002م، ارتفع حجم التجارة بين الطرفين بشكل كبير، حيث أصبحت تركيا تاسع أكبر مورد لدول مجلس التعاون في عام 2022م، وفي العام الماضي، بلغ حجم التبادل التجاري بين الخليج وتركيا أكثر من 26 مليار دولار، مما يؤكد الازدهار الاقتصادي والتجاري بين الطرفين.
تعكس هذه الاتفاقية الجديدة التزام الطرفين بتعزيز التعاون وتوطيد الروابط الاقتصادية، ومن المتوقع أن تحقق نتائج إيجابية على المدى الطويل في تعزيز النمو الاقتصادي وتوطيد العلاقات بين الخليج وتركيا.
ومنذ ما يقرب من 20 عامًا، بدأت فكرة إنشاء منطقة تجارة حرة بين تركيا ودول الخليج تأخذ شكلها، حيث وافق المجلس الوزاري لمجلس التعاون في يونيو 2004م على إبرام اتفاقية إطارية للتعاون الاقتصادي مع تركيا، وبدأت بعدها المفاوضات لتأسيس منطقة تجارة حرة بين الطرفين، في مايو 2005م، تم توقيع الاتفاقية الإطارية في مملكة البحرين، وتمت المفاوضات لإنشاء منطقة التجارة الحرة، حيث تم عقد 4 جولات لمناقشة الملفات ذات الصلة.
تطورت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول الخليج وتركيا على مدى السنوات الماضية، مع تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أهمية تعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية في جولته في يوليو الماضي التي شملت المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، والإمارات العربية المتحدة.
وفي نوفمبر الماضي، استضافت إسطنبول أول منتدى اقتصادي خليجي تركي، جمع مسؤولين ورجال أعمال من البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي ورفع قيمة التبادل التجاري، تناول المنتدى مجالات متعددة من بينها التجارة، والاستثمار، والطاقة، والبنية التحتية، والصناعة، والنقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والزراعة والغذاء.
وفي مارس 2023م، تم اعتماد خطة عمل مشتركة للفترة من عام 2023 إلى 2027م، في إطار استئناف الحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون وتركيا، بهدف توسيع نطاق التعاون في مختلف القطاعات.
وشهدت حركة التبادل التجاري بين دول الخليج وتركيا نموًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، حيث وصلت الأرقام إلى مستويات غير مسبوقة، مما يعكس رغبة الجانبين في تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية بينهما.
ويرى المحلل التركي محمد رقيب أوغلو أن هذه الخطوة، التي بدأت في العام 2005م، تعتبر مهمة لتركيا ودول الخليج، حيث يسعى كلا الطرفين إلى تعزيز العلاقات بينهما، وخاصة في المجال الاقتصادي.
ويضيف أوغلو أن هذه الاتفاقية ستساهم في زيادة حجم التجارة بين الدول، ودعم السوق والبضائع التركية في دول الخليج، متوقعًا أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 40 مليار دولار أمريكي، بحسب مقال نشر في «الأناضول».
وبالنسبة لإمكانية مساهمة هذه الاتفاقية في خفض التضخم في تركيا، يرى أوغلو أن الأمر غير محتمل نظرًا للمشكلات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها تركيا، ولكنه يشير إلى أهمية التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وبريطانيا، والتي يتم العمل على تحديثها في الوقت الحالي.
منذ عام 2002م، شهد حجم التجارة بين الطرفين ارتفاعًا كبيرًا، حيث ارتفعت قيمته من 2.1 مليار دولار أمريكي إلى 22.7 مليار دولار في عام 2022م، مما جعل تركيا تحتل المرتبة التاسعة كأكبر مورد لدول مجلس التعاون في ذلك العام.
وفي العام الماضي 2023م، ارتفع حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وتركيا إلى أكثر من 26 مليار دولار، بينما احتلت الإمارات المرتبة الأولى، تلتها السعودية في المرتبة الثانية، ثم عُمان، والبحرين، وقطر.