عندما جاء «الربيع العربي» بدا أنه بداية التمكين للمشروع الإسلامي ولحركته التي ظهرت في أوج قوتها وحضورها، لكن بعد تآمر الداخل والخارج على هذا الربيع، ولما انقلبت الصورة؛ دخل المشروع الإسلامي وحركته في أتون محنة جديدة، فتعرضت الحركة الإسلامية إلى تآمر إقليمي ودولي لم يحدث من قبل، ودبرت لها بعض الأنظمة المجازر واعتقلت منها عشرات الآلاف.
وتراجعت الحركات الإسلامية في البلاد المختلفة خطوات للخلف؛ حفاظاً على أفرادها وكيانها، وتراجع معها بالطبع المشروع الإسلامي عن الطرح كمنهاج لنهوض الأمة من جديد.
لكن عندما نشبت معركة «طوفان الأقصى» المباركة -التي ما زالت تدور رحاها لما يقرب من 6 أشهر- أعادت الحياة للحركة الإسلامية، وعاد الزخم لمشروعها الإسلامي.
لذلك، ومن واجبها الرسالي تجاه أمتها، أفردت «المجتمع» ملف عددها لهذا الشهر حول «المشروع الإسلامي.. والحكم الرشيد»؛ في محاولة لتأصيل معالم هذا الحكم، واستشراف ملامح المستقبل للمشروع الإسلامي.
والمستقبل للإسلام ديناً لا يقلق عليه أحد، فهو وعد الله الحق كما جاء على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، حيث يقول: «لَيَبلُغَنَّ هذا الأمرُ ما بلَغَ اللَّيلُ، ولا يَترُكُ اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخَلَه اللهُ هذا الدِّينَ، بعِزِّ عزيزٍ، يُعَزُّ به الإسلامُ، وبذُلِّ ذليلٍ يُذَلُّ به الكُفرُ» (صحيح مسلم).
والمستقبل لدولة الإسلام القوية القائمة على منهاج النبوة، لا يخاف عليه أحد، فقد أخبرنا الله تعالى به أيضاً على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد قال: «تكونُ النُّبُوَّةُ فيكم ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ خلافةٌ على مِنهاجِ النُّبُوَّةِ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ مُلْكاً عاضّاً، فتكونُ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فيكونُ ما شاء اللهُ أن يكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ خلافةً على مِنهاجِ نُبُوَّةٍ، ثم سكت» (رواه النعمان بن بشير).
أما مستقبل الحركة الإسلامية فمرهون بالعمل وفق الثوابت والسنن التي يتحقق بها الوعد الإلهي بالتمكين، ولن يكون مشرقاً إلا بجهد أبنائها في لملمة الخلافات ورأب الصدع وتجديد الأفكار والوسائل والأُطر، وتلافي الأخطاء، حتى تكون انطلاقة جديدة وبعثاً جديداً، لعل الله يكتب فيه لهذه الحركة وعلى يديها المستقبل المشرق للإسلام ديناً ودولة وشريعة.