دوام الحال من المحال، ومن الصعب استمرار وهج الحب بين الزوجين، مقارنة بما كانت عليه الحال خلال السنة الأولى للزواج، لكن ذلك لا يعني التفريط في السعادة الزوجية، أو التقاعس عن استرداد ما بين الزوجين من مودة ورحمة وسكن، في علاقة وصفها القرآن الكريم بالميثاق الغليظ، في قوله عز وجل: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) (النساء: 21).
وينصح خبراء الاجتماع والأسرة بالعمل على إنقاذ الزواج، والحفاظ على تماسك الأسرة، وتقدير العِشْرة، والعيش تحت سقف واحد، وتذكر المعروف بين الطرفين، وعدم الانسياق وراء صوت الشيطان، الذي يفرح لخراب وتفكك الأسرة.
فعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت» (رواه مسلم).
ويوصي موقع «Marriage» بإصلاح الزواج، والعمل على تصويب المسار، وتجاوز الخلافات الزوجية، من خلال عدة نصائح، نوجزها فيما يلي:
1- تذكّر البدايات:
من المهم استعادة بدايات الزواج، وأجواء الحب والسعادة بين الزوجين، والعمل على تذكر كل ما هو إيجابي في الزوج أو الزوجة، دون نفور أو تمدد لشعور البغضاء، عملاً بقول النبي ﷺ: «لا يَفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر» أو قال: «غيره» (رواه مسلم).
قال النووي: أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ أَوْ جَمِيلَةٌ أَوْ عَفِيفَةٌ أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
ومن كان منصفاً ووازن بين صفات المرأة فغلبت سيئاتها حسانتها، فلا حرج عليه في بغضها حينئذ، قال الشيخ ابن عثيمين: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر؛ الفرك: يعني البغضاء والعداوة؛ يعني لا يعادي المؤمن المؤمنة كزوجته مثلاً، لا يعاديها ويبغضها إذا رأى منها ما يكرهه من الأخلاق، وذلك لأن الإنسان يجب عليه القيام بالعدل، وأن يراعي المعامل له بما تقتضيه حاله، والعدل أن يوازن بين السيئات والحسنات، وينظر أيهما أكثر، وأيهما أعظم وقعاً، فيغلب ما كان أكثر وما كان أشد تأثيراً، هذا هو العدل.
2- تحديد الأولويات:
من الخطأ الذي تقع فيه الزوجة إهمال الزوج بعد مرور السنوات الأولى من الزواج، خاصة مع قدوم الأبناء، وتراجع الاهتمام به إلى المرتبة الرابعة مثلاً في سلم أولوياتها بعد البيت والأطفال والعمل إذا كانت موظفة.
ومن أجل تجاوز ذلك، يجب تخصيص وقت للزوجين، للتناقش في أمر الأسرة، وتجديد الألفة بينهما، وإشعار الزوج بالاهتمام والتبعل له، وإعفافه، فحين يكون هو أولوية سيشعر بالتقدير تجاهك، كذلك هو عليه أن يكرم زوجته وأن يحسن معاشرتها، عملاً بقوله جل وعلا: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء: 19).
3- التواصل الإيجابي:
من المهم التواصل الإيجابي بين الزوجين، بعيداً عن ضغوط الحياة، والمهام اليومية الوظيفية، وتبادل أطراف الحديث بشكل لطيف، والاطمئنان على حال كل طرف، والدعاء له، وتمني الخير له، وذكر مآثره، والثناء عليه، فتلك أمور ترسخ الحب والتقدير بين الزوجين، ففي الحديث النبوي: «استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمه كسرته»، دعوة للين واللطف والحوار.
4- تجنب المشكلات:
من الضروري التغافل عن الزلات والصغائر، وتجنب التركيز على الأمور السلبية، والنظر إلى الأمور الإيجابية، والبعد عن اللوم والتوبيخ، ومحاولة التحكم في كل شيء، وتذكر فضائل الزوج والزوجة، والنعم التي يحظى بها المرء، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أُرِيت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن»، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط» (متفق عليه).
إذا ركز الزوجان على الأمور الأربعة السابق ذكرها، سيتمكنان بإذن الله من استعادة روح المودة والألفة، وتعزيز التواصل العاطفي والنفسي، بل تجديد الحياة الزوجية، وإنعاش الحب بينهما.