الكاتب: الشيخ نادر النوري يرحمه الله
التعاهد على المناصرة بين المؤمنين بأمور الدين وحفظ حدود الله تعالى وتطبيق شرعه ثابتة بالكتاب والسُّنة والقيام بما توجبه من الحقوق الإيمانية التي تجب المؤمن على المؤمن؛ «فهذه الحقوق واجبة بنفس الإيمان والتزامها بمنزلة التزام الصلاة والزكاة والصيام والحج والمعاهد طبعاً كل معاهدة على ما أوجب الله ورسوله، وهذه ثابتة لكل مؤمن على مؤمن وإن لم يحصل بينهما عقد مؤاخاة؛ أي بيعة» (الفتاوى 11 / 100 – 101).
وبالجملة فجميع ما يقع بين الناس من الشروط والعقود والمحالفات في الأخوة وغيرها ترد إلى كتاب الله وسُنة رسوله، فكل شرط يوافق الكتاب والسُّنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة شرط».
فمتى كان الشرط يخالف شرط الله ورسوله كان باطلاً؟ مثل أن يعاونه على كل ما يريده وينصره على كل من عاداه سواء أكان بحق أو باطل، أو يطيعه في كل ما يأمره به ونحو ذلك من الشروط، وإذا وقعت هذه الشروط ومنها بما أمر الله به ورسوله ولم يوف منها بما نهى الله عنه ورسوله، وهذا متفق عليه بين المسلمين، وكذا في شروط البيوع والوقوف والنذور وعقود البيعة للأئمة، وعقود المشايخ، وعقود المتآخين، وأمثال ذلك، فإنه يجب على كل أحد أن يطيع الله ورسوله في كل شيء، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ويجب أن يكون الله ورسوله أحب إليه من كل شيء، ولا يطيع إلا من آمن بالله ورسوله. (الفتوى 35/ 97).
فمن كان قائماً بود الإيمان كان أخاً لكل مؤمن، ووجب على كل مؤمن أن يقوم بحقوقه، وإن لم يجر منها عقد خاص (الفتاوى 35/ 91)، أما التعاقد على أن وليهما واحد كائناً من كان، وعددهما واحد كائناً من كان، فهذه موالاه محرمة طبعاً لضمنها معاداة المؤمنين (البحر الزخار، 6/ 503).
ومن لم يكن خارجاً عن حقوق الإيمان وجب أن يعامل بموجب ذلك، فيحمد على حسناته، ويوالي عليها، وينهى عن سيئاته ويجانب عليها، بحسب الإمكان إذا كان كل الناس يستحقون للثواب والعقاب والموالاة والمعاداة والبغض والحب بحسب ما فيهم من البر والفجور، فإن (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة)، وهذا مذهب السُّنة والجماعة، وبخلاف الخوارج والمعتزلة وبخلاف المرجئة والجهمية، فإن هؤلاء ينتمون إلى جانب، وهؤلاء إلى جانب، وأهل السُّنة وسط، ونحن منهم إن شاء الله.
________________________
المصدر: «المجتمع»، العدد (789)، السنة (17)، 28 أكتوبر 1986م.