يهتم المسلمون بالسؤال عن أركان الصيام ومبطلاته، إلا أن البعض ينسى أن للصيام آداباً يجب أن يتأدب بها الصائم، وأن التقصير في هذه الآداب قد يُنقِص أجر الصائم الذي تعمد إهمال هذه الآداب.
من آداب الصيام لزوم تقوى الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183)، فالحكمة العظمى التي فرض الله تعالى الصيام من أجلها هي الوصول إلى تقوى الله تبارك وتعالى، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (أخرجه البخاري (1903)، وأبو داود (2362)، والترمذي (707) واللفظ له).
ومن آداب الصوم أن يكثر الصائم من الصدقة، والبر، والإحسان إلى الناس، لا سيما في شهر رمضان المبارك، فقد «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن» (أخرجه البخاري: كتاب الصوم باب أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في رمضان (1902)).
ومن آداب الصوم أن يتجنب الصائم ما حرم الله تعالى عليه من الكذب، والسب، والشتم، والغش، والخيانة، والنظر المحرم، والاستماع إلى الشيء المحرم، وغير ذلك من المحرمات التي يجب على الصائم وغيره أن يتجنبها، ولكنها في حق الصائم أوكد.
ومن هذه الآداب أن يتسحر الصائم، وأن يؤخر السحور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركه» (أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب بركة السحور (1932) ومسلم: كتاب الصيام، باب فضل السحور (1095)).
ومن آدابه، أيضاً، أن يفطر الصائم على رطب، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد فعلى ماء، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء» (أخرجه أبو داود (2356)، والترمذي (696)، وأحمد (12676) باختلاف يسير).
وأن يبادر بالفطر من حين أن يتحقق غروب الشمس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب تعجيل الإفطار (1957)، ومسلم: كتاب الصيام، باب فضل السحور (1098))، وهذا الحديث يؤكد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسلمين لا يزالون على خير وحق وهدى من الله، متمسكين بسُنَّة نبيهم، واقفين عند حدوده، غير مبدلين ولا مغيرين؛ ما عجّلوا بالإفطار من صومهم عند غروب الشمس.
وإنما كان تعجيل الفطر خيراً؛ لأنه أحفظ للقوة، وأرفع للمشقة، وأوفق للسُّنَّة وأبعد عن الغلو والبدعة.
ومن الآداب التي يجب أن يحرص عليها الصائم الدعاء عند الإفطار، فهو موطن إجابة للدعاء؛ لأنه في آخر العبادة، ولأن الصائم أشد ما يكون غالباً من ضعف النفس عند إفطاره، وكلما كان الإنسان أضعف نفساً، وأرق قلباً كان أقرب إلى الإنابة والإخبات لله تبارك وتعالى، ومن الأدعية المأثورة دعاء: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت»، ومنه أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم حين يفطر: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» (أخرجه أبو داود: كتاب الصيام، باب القول عند الإفطار (2357)).
وينبغي للصائم أن يكثر من الدعاء في هذا الوقت الذي لا يرد فيه الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين» (أخرجه الترمذي (3598) واللفظ له، وابن ماجه (1752)، وأحمد (8030)).