تحدثنا في مقالات سابقة عن بعض وسائل التدريب الآسرة للمتدربين، والجاذبة لانتباههم، وهي: سرد القصص، وسرد الإحصائيات، وعرض لقطات فيديو، وإجراء المسابقات التدريبية، وفي هذا المقال نستمر في عرض وسائل أخرى، ومنها:
– تمثيل الأدوار:
إذا أراد المدرب أن يزرع المفاهيم الإدارية في أذهان المتدربين؛ فيكون ذلك بوساطة «تمثيل الأدوار»؛ حيث يقوم بتقسيم المتدربين إلى فريقين، ويعطي الفريق الأول حالة تم دراستها، وتمثل دور المسؤول، ويعطي الفريق الثاني حالة أخرى تم دراستها كذلك، وتمثل دور الموظف.
مثال (1): في إحدى الدورات للقطاع النفطي، التي عقدت في مدينة الأحمدي، وكانت بعنوان «كيف تحتوي ضغوط العمل؟»، قمنا بتقسيم المتدربين إلى فريقين، وناقش الفريق الأول ظروف العمل لمسؤول اسمه خالد، قد تملكه اليأس من موظف لديه اسمه هاني، لأنه غير محترف في لباسه، وسيئ في ضبط وقته، ومهمل في الاهتمام بسيارته، وخشن في تعامله مع عملائه، وذلك في أثناء عمله بصفته مهندساً في إصلاح المصاعد الكهربائية.
أما الفريق الثاني، فقد ناقش حالة الموظف هاني نفسه، حيث يرى هذا الموظف أنه يؤدي دوره على خير وجه، وفق الصلاحيات الممنوحة له.
وسيلة تمثيل الأدوار أثناء الدورة تساهم في توصيل المفاهيم بصورة أفضل إلى أذهان المتدربين
ويقوم المدرب بمنح الفريق الأول الوقت الكافي للحوار، فيختار واحداً منهم ليمثل شخص المسؤول (خالد)، ويشيرون عليه في كيفية مواجهة الموظف (هاني).
وكذلك يمنح المدرب الفريق الثاني الوقت الكافي للحوار، فيختار واحداً منهم ليمثل شخص الموظف (هاني)، ويشيرون عليه في كيفية مواجهة المسؤول (خالد).
ثم يواجه الفريقان بعضهما بعضاً، في نقاش عملي للوصول إلى حل للمعضلة بين المسؤول (خالد)، والموظف (هاني).
وبعد حوار طويل بين خالد، وهاني -استغرق نحو 10 دقائق- توصل الفريقان إلى الحل التالي: أن يمنح المسؤول خالد مزيداً من الصلاحيات للموظف هاني، ويعينه على العمل بصورة محترفة.
مثال (2): في إحدى الدورات التدريبية لمعهد برستول البريطاني، وكانت بعنوان «سيكولوجية التفاوض الفعال»، تم تقسيم المتدربين إلى فريقين؛ الأول: يمثل إدارة الموارد البشرية في شركة خاصة، والثاني: يمثل الموظف القدير والمتميز حامد، الذي بدوره يفكر في تقديم استقالته من الشركة لشعوره بالغبن، وعدم اهتمام مسؤوله به، وعدم الحرص على تطوير قدراته الإدارية والقيادية، ولقد اتصلت به شركة أخرى، ورشحته لمنصب رفيع فيها.
الهدف من هذا التمرين جلوس كل فريق على حدة، من أجل إقناع حامد بعدم مغادرة الشركة، واستمرار العمل فيها؛ حيث يقوم بدور متميز فيها.
بعد عملية تفاوضية طويلة استغرقت قرابة 10 دقائق، توصّل الفريقان إلى أن أفضل حل هو أن يقوم المسؤول بمنح الموظف حامد مزيداً من الصلاحيات، والحرص على تطوير قدراته الإدارية والقيادية.
مثال (3): في إحدى الدورات التدريبية للجنة النسائية في الأردن، وكانت بعنوان «سيكولوجية التفاوض الفعال»، تم تقسيم المتدربين إلى فريقين؛ الأول: يمثل دور المدير لمصرف بنكي قرر رهن منزل أحد المواطنين ليباع في المزاد العلني، ويبقى المواطن وأفراد عائلته في العراء بلا مأوى، ولا يبطل هذا القرار إلا أن يدفع المواطن 10 آلاف دينار فوراً لدَيْن قد حان أجله.
أما الثاني: فيمثل دور القاضي في محكمة التمييز، الذي قرر سجن أحد المواطنين، إن لم يدفع 10 آلاف دينار فوراً لسداد شيك بنكي من غير رصيد، كان قد حرره لمؤسسة عظمى.
هنا يبرز أحد التجار المقتدرين، ويتبرع بـ10 آلاف دينار فقط لأحد هذين الشخصين المتورطين، ولكنه فرض شرطاً واحداً؛ وهو أن يأخذ المبلغ شخص واحد منهما فقط ليفك أزمته!
ويقوم هنا المدرب المتألق بجمع الفريقين؛ فريق المصرف البنكي مع فريق إدارة محكمة التمييز، لإجراء عملية تفاوضية ناجحة، من أجل إنقاذ هذين الشخصين المتورطين، بحيث يُعطي المبلغ لواحد منهما فقط بناء على شرط التاجر، على أن يقوم بفك أزمة صاحبه.
لعلك، أيها القارئ، تود معرفة أفضل حل طُرح في لعبة الأدوار هذه لإنقاذ هذين الشخصين المتورطين، وقد كان أحد الحلول المطروحة أن يقوم التاجر بإعطاء المبلغ كاملاً لإدارة محكمة التمييز، لإنقاذ صاحب الشيك البنكي بلا رصيد، ثم يقوم صاحب الشيك بلا رصيد تطوعاً بإيواء صاحب البيت الذي سيباع منزله في المزاد العلني، ويقوم القائمون على المصرف ببيع بيته في المزاد العلني، ويأخذ ما تبقى من مال بيته، ويشتري به بيتاً صغيراً لعائلته خلال عدة أشهر.
خلاصة ذلك، على المدرب المتألق أن يستخدم أسلوب أو وسيلة تمثيل الأدوار في دوراته التدريبية؛ وذلك لتوصيل المفاهيم بصورة أفضل إلى أذهان المتدربين.
عملية العصف الذهني وسيلة قوية وجاذبة لاهتمام المتدربين وتشجعهم على الحوار والنقاش
– العصف الذهني:
يمثل العصف الذهني وسيلة قوية وجاذبة لاهتمام المتدربين، وتشجيعهم على الحوار والنقاش؛ لذلك يحرص المدرب على استخدام هذه الوسيلة المهمة لنجاح دورته، حيث يقوم بنفسه بإدارة عملية العصف الذهني؛ من خلال طرح مشكلة، ويطلب من المتدربين طرح حلول لها، ويقوم هو بكتابة كل ما يصل إليه من حلول، سواء أكانت منطقية أم غير منطقية.
وهذا مثال على ذلك: في دورة «التفكير الإبداعي في بيئة العمل» لشركة أوج القابضة، طرح المدرب هذا السؤال: كيف تكون دولة الكويت متميزة على مستوى العالم؟ ومن ثَمَّ اشترك جميع المتدربين في الإدلاء بأفكارهم، وكان المدرب يكتب جميع الأفكار التي يسمعها بلا حدود ولا قيود، حتى بلغت 100 فكرة، كان بعضها منطقياً، وبعضها الآخر غير قابل للتطبيق.
بعد طرح المشكلة وجمع الحلول من المتدربين، يأتي دور المدرب في اختيار أفضل الحلول، فيشكل نحو 5 فرق، ويوزع الحلول المطروحة عليها، فيكون هناك 20 فكرة لدى كل فريق، ثم يطلب منهم مناقشتها واختيار أفضل 3 حلول.
ثم يكتب المدرب 15 حلاً التي وصلت إليه من الفرق الخمسة على لوح ورقي، وهنا يقترح المدرب طريقة مشهورة في عالم التدريب تعرف باسم «الثلث + واحد» لاختيار أفضل 3 حلول، وهي طريقة لطيفة في توزيع الأوزان على الحلول التي وصلت إليه، حيث يطلب من كل متدرب اختيار ثلث الحلول المطروحة ويزيدها حلاً رابعاً؛ أي يختار 6 حلول في هذه الحالة، ثم يختار الحل الذي رصد الوزن الأعظم من تلك الأوزان، فيكون هو الحل الأفضل.
إنها طريقة رائعة وممتعة في اتخاذ القرار، أليس كذلك؟!