قبل أيام، رتب الحزب الشيوعي الصيني زيارة دعائية لشخصيات عربية، تم اختيارهم على معيار موالاة الصين، إلى تركستان الشرقية، وهو تقليد صيني تكرر في السنوات الأخيرة، لكن الزوار هؤلاء الذين يتم استقطابهم يبدو أنهم غير مدركين أنهم يقعون في فخ الدعاية الصينية المزعومة في تركستان.
وسبق أن استقبلت الصين في ديسمبر الماضي وفداً علمائياً موهوماً إلى تركستان الشرقية، وقوبلت هذه الزيارة باستنكار شديد من قبل التركستانيين في المهجر وعلماء الأمة ومنظمات كثيرة.
اللافت هذه المرة في اختيار الشخصيات العربية التي زارت تركستان الشرقية مؤخراً، هو أنهم تم اختيارهم من قبل الصين على معيار موالاة الحزب الشيوعي والاشتراكية؛ للترويج لدعايته الكاذبة في الإعلام العربي وتبرير جرائمه والزعم بالحرية الدينية للمسلمين على عكس الحقيقة في تركستان الشرقية.
يأتي هذا في وقت نعيش بعالم متصارع بين القوى السياسية الفاعلة كالصين والولايات المتحدة وروسيا والهند وغيرها، لتظهر كل منها قوتها تجاه الأخرى للهيمنة وزيادة نفوذها على الأخرى حضاريا وثقافياً واجتماعياً، كما تتزايد محاولات تهميش القضايا العادلة للمسلمين ودفنها إلى الأبد بطرق شتى.
تدرك تلك القوى أهمية العالم العربي والإسلامي من حيث الجغرافيا والثروات والقوة البشرية والحضارية؛ فلذا تستبق إلى اصطفاف الأنظمة العربية والأحزاب والحركات، الإسلامية منها غير الإسلامية إلى جانبها بكل الأشكال الممكنة.
فالحزب الشيوعي الصيني مع اشتهاره بأنه يحارب الإسلام ومبادئ المسلمين وعلى سائر الأديان السماوية تحت شعارات الشيوعية والاشتراكية، بل ويتعدى على كافة القيم الإنسانية المشتركة؛ وهنا تقدمت بشكل كبير إلى تصنيف العالم العربي بصفها للتنافس مع القوى الغربية.
فكثفت الدعايات الحمراء في الوطن العربي واستغلت نفوذها الاقتصادي في الكثير من المواقف التي تحرج قادة العرب، وبهذا قطعت شوطاً في وأد أحد أهم قضايا المسلمين العادلة، وهي قضية تركستان الشرقية.
من جانبها، روجت مواقع الإنترنت الصينية لأخبار حول زيارة الوفد العربي المصنوعة لتركستان الشرقية وتصريحات بعض أعضائه التي تبرر جرائم الحزب الشيوعي الصيني في تركستان الشرقية التي تسميها الصين «شينجيانغ الأويغور الحكم الذاتي»، التي سوف تنعكس على قنوات الأخبار والشاشات العربية بشكل تريده الصين للتغطية على جرائمها ضد مسلمي الأويغور وحربها على الإسلام، وليس لإظهار حقيقة الواقع.
ومن واجبنا الإنساني والإسلامي كشف حقيقة الزيارة لإخوتنا العرب والمسلمين، شعوباً وحكومات؛ فمجمل هذه الأخبار:
إن ما شينغروي، أمين عام لجنة الحزب الشيوعي على تركستان الشرقية، استقبل مندوبين بصفة «فريق التحقيق (الوهمي) من كوادر الأحزاب السياسية» التي تمثل غالبيتها الشيوعية والاشتراكية من بعض الدول العربية في أورومتشي، يوم 27 مارس الماضي.
وتشكل الفريق من ممثلين لأحزاب سياسية من العراق وموريتانيا والأردن وفلسطين والمغرب وتونس واليمن ودول أخرى.
واللافت هنا أن تمثيل وهويات أغلبية أعضاء الوفد التي اختارتها الصين للزيارة هم من الأحزاب الاشتراكية والشيوعية في الوطن العربي، وتتبنى مبدأ الاشتراكية والشيوعية، التي تهدف استيراد نموذج السياسات الفاشية الصينية إلى العرب، ولا يهمهم شأن الإسلام.
وهم بسام زكارنة، عضو اللجنة الثورية الفلسطينية لحركة فتح، وعبدالله خليل، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري، نائب رئيس البرلمان السوري، وحبيبة عين، نائبة رئيس حزب التنمية الاجتماعية اللبناني، وسعيد عبدالله زعير، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري، والأمين العام للمكتب السياسي للجبهة الشعبية الفلسطينية محمد علوش.
وبالرجوع إلى تصريحاتهم، فقد زعموا أن الحزب الشيوعي الصيني حقق تقدماً غير مسبوق في التنمية الاقتصادية في شينجيانغ، ويتمتع الناس من جميع الأعراق بشكل كامل بحرية المعتقد الديني في حياة سعيدة، وليس هناك سبب يدعو الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى إلى ابتزاز الصين بحجة سياساتها في شينجيانغ.
وبالطبع، إنهم سوف يقومون بنشر الدعايات الصينية حول ظروف شعب تركستان الشرقية بقلب الحقيقة، أو على أنهم ينشرون ما سمحته الصين أو بحسب الإمكان، دون انتباه إلى كونهم آلات الدعاية الصينية.
فنحن كتركستانيين بهذا المقام، نعتبر تصريحاتهم خلال زيارتهم إلى تركستان الشرقية خيانة إنسانية، تلك الزيارة التي لا تعدو أن تكون تجميلاً لوجه الصين القبيح على حساب معاناة المسلمين في تركستان الشرقية، وهو ما تؤيده تصريحات المسؤولين التي تشيد بالإنجازات الصينية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وضرورة صهر القوميات المختلفة في بوتقة واحدة.
في تجاهل غريب للحقائق التي تؤكد عكس ذلك وتؤيدها الأدلة والتقارير الصادرة عن مختلف المحافل والمنظمات الدولية حول الوضع الإنساني المؤسف في تركستان الشرقية، والممارسات الصينية التي ترقى لكونها الإبادة الجماعية تمارس بصورة ممنهجة ومستمرة ضد المسلمين في تركستان.
كما ندعو كافة الجهات في العالم العربي والإسلامي إلى إجراء زيارات مستقلة من وفود العلماء والساسة والكتاب والصحفيين لتركستان الشرقية، وذلك لتفقد أحوال المسلمين، وزيارة المعسكرات والسجون التي تسمى مراكز التأهيل، والقيام بجولات ميدانية حرة والتواصل مباشرة مع أهل البلد، وكذلك إجراء مقابلات مع الجالية الأويغورية في المهجر، للوقوف على الأوضاع الحقيقية للمسلمين في تركستان الشرقية.
وبتذكير المسلمين جميعاً بأن الصين تمارس الخداع والكذب وإخفاء الحقائق لإقناع العالم الإسلامي بترتيب مثل تلك الزيارات وعلى العالم الإسلامي ألا ينخدع بأكاذيب الحزب الشيوعي، وعليه بذل جهود حقيقية للوقوف على الحقائق ومساعدة المسلمين الذين يتعرضون لإبادة جماعية، وفق أدلة ثابتة وتقارير وثقتها منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات الحقوقية.
أي وفد يزور المنطقة يجب عليه ألا يتورط في حسابات سياسية تجعله يغض الطرف عن معاناة أهل تركستان الشرقية والمظالم التي يعيشونها، لأن الإدلاء بتصريحات تجمل وجه الصين القبيح، وتبرر الجرائم الصينية بحق شعب الأويغور مشاركة في الجريمة، وذلك لا يليق بإنسان حر فضلاً عن كونه عالِماً مسلماً.
ويجب على الهيئات العلمائية والمنظمات استنكار إخضاع الإسلام للمبادئ الشيوعية الصينية ومحاولة القضاء على الهوية الإسلامية للشعب التركستاني، والاعتراف بأن أرض تركستان الشرقية أرض محتلة من قبل الصين الشيوعية، وعلى أصحاب الضمائر الحية العمل الجاد للمساهمة في حل هذه القضية المعقدة.
وأخيراً؛ نقول لهؤلاء وأمثالهم: إن ما تقومون به جريمة بحق شعب تركستان الشرقية، ونذكركم بإنسانيتكم تجاه تلكم الجرائم الحكومية على شعب بأكمله، رغم كونكم متبنين مبادئ الاشتراكية والشيوعية ومعجبين بالحزب الشيوعي الصيني، فتطبيقات الصين غير ما تعرفونه كمبدأ.
ونقول للعالم العربي والإسلامي وجميع أفراد الإنسانية: إن مأساة تركستان الشرقية مستمرة، والملايين ما زالوا في معسكرات الاعتقال الصينية، والمساجد هدمت وبعضها حولت إلى مراقص ومقاهٍ، والمصاحف حرقت، وكل مظاهر الإسلام أصبحت محظورة، لا نساء بالحجاب الشرعي، ولا صلاة الجنازة على الأموات، ولا عقد نكاح شرعياً بين الأزواج، ومع هذا النزيف تشتد الحرب الشعواء لمحو الهوية الإسلامية لشعب تركستان الشرقية، فالهدف هو تصيينهم وسلخهم عن عقيدتهم وثقافتهم.