قد يدفع نمط الحياة المادية، والشره الاستهلاكي، وصيحات الموضة، المرأة المسلمة لتقليد كل ما هو غريب في عالم الزينة والتجميل، دون ضابط شرعي، أو التزام بالآداب القرآنية والنبوية الواردة في ذلك.
السطور القادمة تسلط الضوء على 5 أمور كفيلة بمنح كل امرأة مسلمة صالوناً تجميلياً، يراعي احتياجاتها كأنثى، ويحفظ لها عفتها، ويحقق لها السعادة الزوجية مع زوجها، ويغنيها عن صالونات وعمليات التجميل.
أولاً: التبرج هو إظهار المحاسن والمفاتن، ولا يكون ذلك إلا للزوج، وليس أمام الغرباء والأجانب وغير المحارم، كما يحدث في بعض المجتمعات، لقوله جل وعلا: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (الأحزاب: 33).
يقول ابن باز: إن الواجب على النساء تقوى الله سبحانه وتعالى، والحذر مما حرم الله من إبداء الزينة لغير المحارم والتبرج الذي حرمه الله، يجب الحذر من ذلك؛ لأن هذا أطهر للقلوب وأسلم للمجتمع من الفتن وأبعد عن وقوع الفواحش.
ثانياً: على الزوجة أن تتجمل لزوجها، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى في يديَّ فتخات من ورق، فقال: «ما هذا يا عائشة؟»، فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول اللَّه. (صحيح أبي داود).
وعن أسماء بنت يزيد قالت: إني قيَّنت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئته، فدعوته لجلوتها، فجاء، فجلس إلى جنبها، فأتي بعسِّ لبن، فشرب ثم ناولها النبي صلى الله عليه وسلم، فخفضت رأسها واستحيت. (رواه أحمد)؛ ومعنى قيَّنت: أي زينتها للنظر إليها مجلوة مكشوفة، وكان من عادة العرب ما يسمى بالجلوة؛ أي أن النساء يزين العروس قبل دخول زوجها عليها، حتى تظهر في أحسن زينتها، حتى يرغب بعلها فيها.
ثالثاً: العمل بالوصية الشهيرة لواحدة من فصيحات العرب أمامة بنت الحارث، التي قالت لابنتها قبل زواجها: «.. يا بنية، احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرًا وذكرًا، الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضوع أنفه؛ فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود..».
وتوافق الوصية ما وصى به عبدالله بن جعفر ابنته، قائلاً: «وعليك بالكحل، فإنه أزين الزينة، وأطيب الطيب الماء»، ووصية أبي الأسود لابنته: «وعليك بالزينة، وأزين الزينة الكحل، وعليك بالطيب، وأطيب الطيب إسباغ الوضوء».
رابعاً: المواظبة والمداومة على النظافة والزينة والتجمل، يقول أبو الفرج ابن الجوزي، في كتابه «أحكام النساء»: «إن المرأة تحظى عند زوجها -بعد تمام خُلقها، وكمال حسنها- بأن تكون مواظبةً على الزينة والنظافة، عاملة بما يزيد في حسنها من أنواع الحلي، واختلاف الملابس، ووجوه التزيين بما يوافق الرجل ويستحسن منها ذلك، ولتحذر كل الحذر أن يقع بصرُ الرجل على شيء يكرهه من وسخ أو رائحة مستكرهة أو تغير مستنكر».
خامساً: الحذر من الروتين، والبحث عن التجديد، والتزين بكل ما هو نافع ومفيد، يقول في ذلك الشيخ ابن باز: «المرأة يشرع لها التزين لزوجها، بما شرعه الله، وبما أباحه الله، تتزين بالملابس الحسنة عنده، والنظافة بالصابون وغيره، الصابون مما يحسنها وينظفها، ويزيل الأوساخ عنها، وإذا كان هناك مساحيق مباحة، ليس فيها محرم ولا نجاسة، ولا شيء يضر الوجه، ولا يسبب عاقبة وخيمة، فلا بأس، نأخذ من الغرب والشرق ما ينفعنا، وندع ما يضرنا، إذا جاء من الغرب أو الشرق شيء ينفعنا نأخذه ونستفيد منه، كما نأخذ منهم ما أخذنا من سلاح، ومن طائرات، ومن سيارات، ومن بواخر، وغير ذلك، نأخذ منهم من الدواء ومن غير الدواء، ومن وجوه الزينة ما ينفعنا، ولا يكون فيه مشابهة لغيرنا من أعداء الله، بل نأخذ الشيء الذي ينفع وندع ما يضر، والزينة مطلوبة منها لزوجها، لا في الخروج بين الرجال الأجانب، بل في بيتها وعند زوجها والله المستعان»(1).
_______________________
(1) مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (21/ 222).