انطلقت، اليوم الأحد، فعاليات المؤتمر التاسع للشراكة الفعالة الذي تنظمه الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في فندق كراون بلازا، تحت شعار «إحنا سندكم» لدعم غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة وبحضور كبرى المنظمات الإنسانية المحلية والعالمية.
موقف كويتي ثابت
وقال د. بدر المطيري، وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ممثل رئيس مجلس الوزراء راعي المؤتمر: إن دولة الكويت؛ قيادة وشعبًا ومؤسسات، كانت وستظل سبّاقة في دعم القضايا العربية والإسلامية، ومناصرة الحقوق المشروعة والعادلة لشعوبها، وعلى رأسها قضية فلسطين، تلك القضية التي شكّل الدعم الكويتي لها، على مدى أكثر من 7 عقود، تاريخًا من التضامن والوفاء والارتباط الوجداني بأحداثها ومقدساتها وفي القلب منها المسجد الأقصى المبارك.
وأضاف، في كلمة له: واكب هذا الموقف التاريخي الثابت والمبدئي التزام الكويت الأخلاقي بتقديم جميع أشكال الدعم السياسي لقضية فلسطين وشعبها ومقدساتها عبر المحافل والمنابر الدولية.
وأشار إلى أنه في ظل السياسات الاستيطانية والعدوان «الإسرائيلي» على أهلنا في فلسطين، ازداد الوعي الشعبي الكويتي عمقًا ورسوخًا ودعمًا لنضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف.
وتابع: تكتمل صورة دعم الكويت لفلسطين بريادتها في المجال الإنساني، وتكامل أدوار المؤسسات الخيرية الكويتية، وجمعيات النفع العام، وتناغمها مع الدور الحكومي الذي يستلهم رؤية القيادة السياسية الحكيمة في وقوفها إلى جانب الحق الفلسطيني، لتلتقي جميعًا في بوتقة الإجماع والثبات على مواصلة تبني دعم القضية الفلسطينية كقضية محورية ومركزية، وبذلك أصبحت القضية الفلسطينية تمثل حالة إجماع لدى جميع المكوّنات الفكرية والاجتماعية والسياسية في المجتمع الكويتي.
وأوضح المطيري أنه مع اندلاع الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، كانت الكويت من أُولى الدول التي طالبت المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وسرعة إنهاء العدوان الغاشم.
وجدد الدعوة للمجتمع الدولي بسرعة التحرك وتحمل المسؤولية في حماية المدنيين وإيقاف هذه الانتهاكات الخطيرة للقوانين الدولية، والحيلولة دون استمرار الاجتياحات العدوانية في مدينة رفح المكتظة بالنازحين.
وذكر أن المؤسسات الخيرية الكويتية تواصل إطلاق حملات الإغاثة العاجلة لإخواننا الفلسطينيين برًا وبحرًا وجوًا؛ لمواجهة تداعيات العدوان الوحشي على غزة، وإرسال الوفود الإنسانية والطبية لأداء واجبهم تجاه إخوانهم الفلسطينيين رغم التحديات.
وأكد أن دولة الكويت انطلاقًا من قيمها الإسلامية الأصيلة وتراث الآباء والأجداد ودبلوماسيتها الإنسانية الناجحة، تحرص أشد الحرص على دعم ومساندة القضايا الإنسانية في العالم، ومناصرة قيم الكرامة الإنسانية، والوقوف إلى جانب المعوزين والمنكوبين من دون أي تمييز.
مبادرة «سند»
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية د. عبدالله المعتوق: وسط الظروف الاستثنائية بالغة الخطورة والدقة، التي يشهدها قطاع غزة على مدى أكثر من 7 شهور، تأتي أهمية هذا المؤتمر الإنساني الدولي، الذي تعقده الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، لبحث أبعاد الأزمة الإنسانية في القطاع المدمر بفعل آلة الحرب، والتشارك في دعم عملية التعافي المبكِّر في مرحلة ما بعد الكارثة، وابتكار حلول ناجعة، وآليات مستدامة للإعمار، للإسهام في تمكين نحو مليونين و400 ألف فلسطيني من العودة إلى حياتهم الطبيعية.
وأضاف: كما ينطلق هذا المؤتمر بشراكة إستراتيجية مُقدّرة مع جمعية السلام للأعمال الإنسانية والخيرية الكويتية، وجمعية قطر الخيرية، وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية، والإغاثة الإسلامية في برمنجهام، ومؤسسة الخير بالمملكة المتحدة، وذلك في إطار سلسلة من مبادرات الهيئة الخيرية وبرامجها الداعمة لجهود الاستجابة الإنسانية للأزمة الفلسطينية، التي تُوجت حتى اليوم بـ54 مشروعًا إغاثيًا وتنمويًا وصحيًا واجتماعيًا، تقدر مخصصاتها بـ5.4 ملايين دولار، وذلك بالشراكة مع الجمعيات الخيرية الكويتية والدولية والمنظمات الفلسطينية.
وأعلن المعتوق، خلال المؤتمر، عن إطلاق مبادرة إنسانية دولية، تحت اسم «سند»، للإعلان عن البرامج الإنسانية، التي تنوي كل منظمة إنفاذها في غزة خلال العامين المقبلين، في شراكة جادة وفاعلة للإسهام في تعزيز التدخلات الإنسانية والتعافي المبكر في مجالات الإغاثة والإيواء وإعادة الإعمار والصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي.
وثمن الجهود الإنسانية للوكالات الأممية المتخصصة، وعلى رأسها موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وقال: لقد اتسمت مواقفه بالإنصاف والتوازن والإيجابية تجاه أهل غزة، رغم تعقيدات المشهد السياسي الدولي.
وأعرب المعتوق عن أمله أن يستكمل غوتيريش جهوده الحثيثة في حشد المجتمع الدولي لإيقاف هذا العدوان الغادر، والعمل على إجراء تحقيق دولي مستقل وشفاف في تلك الجرائم ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
إشادة أممية بدعم الكويت
بدوره، ألقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كلمة قال فيها: تتسبب الحرب في غزة في معاناة إنسانية مروعة تزهق الأرواح وتشتت شمل العائلات وتجعل أعداداً هائلة من الناس بلا مأوى، يعانون من الجوع والصدمة.
وأشار إلى أن التزام المجتمع الإنساني بمساعدة الناس ودعمهم هو بصيص نور وسط الظلمة.
وشكر غوتيريش حكومة الكويت والجمعية الخيرية الإسلامية العالمية وشركاءهما الإستراتيجيين على كل ما يبذلونه لتعزيز ودعم الشراكات الفعالة في مجال المساعدة الإنسانية، مؤكداً أنه لطالما كانت الكويت منارة للمساعدة الإنسانية.
وجدد دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وزيادة فورية في المساعدات الإنسانية.
وأضاف غوتيريش أن سكان غزة سيحتاجون إلى شراكات أقوى وأعمق للحصول على المساعدة الإنسانية والتنمية على المدى الطويل، للوقوف على أقدامهم مجدداً وإعادة بناء حياتهم.
ولفت إلى أن العديد من سكان الكويت يشعرون بهذا، بعد أن شهدوا أزمة عميقة وعاشوا تجربة التعافي منها.