بدأت الامتحانات النهائية لبعض المراحل الدراسية، وبدأت الأسر تستنفر لدعم أبنائها نفسياً واجتماعياً، وبدأ عدد لا محدود من الأبناء والبنات الاستنفار دينياً، بالالتزام بأداء جميع الصلوات في وقتها، مع التدبر والخشوع، والإطالة في السجود والدعاء، وترى على وجوههم الانكسار والذلة، ويحرص الشباب على الصلاة في المسجد، حتى صلاة الفجر.
هذه الظاهرة السنوية تتجدد وتتكرر كل عام، أذكرها منذ كنّا صغاراً، وأذكر التعليقات السلبية حينها من الكبار ورواد المسجد: الحين عرفت ربك؟! الآن بدأت تصلي؟! بس تخلص الامتحانات تنسى الصلاة! وغيرها من التعليقات الساخرة، التي تجعل الطلبة ينفرون من المساجد ومواجهة أولئك المعاتبين.
أعتقد أن هذه الظاهرة طبيعية للمقصرين بشكل عام، ولأصحاب الحاجات بشكل خاص، فكلنا يذكر فترة الاحتلال العراقي الغاشم للكويت، وكيف امتلأت المساجد حينها بالمصلين من جميع الأطياف، بالإضافة إلى صلاة القيام، وصيام يومي الإثنين والخميس، وغيرها من الطاعات، طلباً للرحمة والتحرير من الاحتلال.
وكذا حال جميع الطلبة، يتجهون إلى الله عز وجل، طمعاً بأن يوفقهم للنجاح، ولهذا دلالة إيمانية عالية لديهم، فلولا الإيمان بأن الله غفور رحيم، لما اتجهوا للصلاة، ولولا اليقين بأن الله مجيب الدعاء، لما ألحوا بالدعاء له عز وجل، وهذا ما أردت الإشارة إليه، وما ينبغي تعزيزه لديهم، من خلال تشجيعهم واستيعابهم والدعاء لهم، وتمني التوفيق والنجاح لهم، وعدم استذكار سلبياتهم أو السخرية منهم، ومن ثم إحباطهم.
هي فترة وستنتهي، فلنكن عاملاً إيجابياً لا سلبياً، ولنكن محفزين لا محبطين، ولنعزز الثقة بالنفس لدى أبنائنا، وعدم التخوف من الاختبارات، فهي ليست آخر المطاف، ولا نهاية العالم.
أسأل الله عز وجل أن يوفق أبناءنا في امتحاناتهم، وأن يوفقهم وينجحهم بأعلى الدرجات.
*****
«اصْدُق مع الله، فاذا صدقت عِشت بين عطفه ولطفه، فعطفهُ يقيك ما تحذرهُ، ولطفه يُرضيك بما يُقدره» (ابن القيم).
_____________________
المصدر: الوطن، 16/ 5/ 2015م.