عند تولي وظيفة جديدة، أو الانضمام إلى شركة أخرى خلال مسيرتك الوظيفية، قد تشعر بمخاوف عدة، تتعلق بالخوف من الفشل، أو عدم نيل رضا المسؤولين في العمل، كذلك مدى قدرتك على التكيف مع مهام وظيفتك، والاندماج مع فريق العمل.
وفي الأيام الأولى تحديداً، تترقب العيون أداء هذا الوافد الجديد، ومدى كفاءته في دولاب العمل، وما إذا كان يحقق إضافة نوعية أم لا، في وقت يشعر هو فيه بذلك، وبالتالي يخشى ارتكاب الأخطاء، أو الصدام مع أحد.
لكن من الأهمية القول: إن هذا الشخص بإمكانه النجاح وتقديم الأفضل، وكسب ثقة زملائه في العمل، من خلال عدة أساليب، يمكن أن تكون منهاجاً لمن يتولى وظيفة جديدة.
أولاً: من المهم أن يكون الموظف مثالاً للأمانة والصدق والتفاني في العمل، يقول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء: 58)، وقال سبحانه في وصف المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) (المؤمنون: 8).
والمسلم أينما حل في مكان فهو نموذج يحتذى به، يؤدي عمله بأمانة وإخلاص وإتقان، متجنباً خصال أهل النفاق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (متفق عليه).
ثانياً: إتقان العمل، وتمامه، والتجويد فيه، وهو عنصر مهم في عملية التقييم الوظيفي، وكذلك عنصر مكمل لخلق الأمانة والإخلاص، فليس من المنطقي أن يكون الموظف أميناً، ثم لا يتقن عمله، كذلك عليه أن يكون متقناً، ولو تساهل رئيسه، بل ينبغي أن يجتهد حتى يكون قدوة حسنة لغيره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، وقال الصنعاني في «التنوير شرح الجامع الصغير»: إن الإتقان هو الإحسان والتكميل؛ أي يحسنه ويكمله.
ثالثاً: التواضع وعدم الغرور، أو ادعاء الثقة المفرطة، وأنك تعرف كل شيء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضعَ أحدٌ لله إلا رفعه الله».
يقول خبراء التنمية البشرية: إن الثقة المفرطة في خبراتك الشخصية لن تُظهر كفاءتك، لكنها ستكسبك أعداء أكثر من الأصدقاء، ومن الحكمة وفق غوريك إن جي، المستشار المهني بجامعة هارفارد، أن تظهر أنك سريع التعلم والتأقلم، وأنك منفتح، ومتحمس بشأن معرفة طبيعة العمل الجديد، دون تكلف أو مبالغة، لكن هذا لا يمنع من أن يعرف رئيسك بعض مهاراتك الإضافية، ليضع ذلك في اعتباره عند التقييم أو تحديد راتبك الشهري.
رابعاً: إدارة الوقت بكفاءة، وتجنب الهدر، والثرثرة، ومكالمات الهاتف، وتصفح مواقع التواصل، والمرء مسؤول عن وقته بين يدي الله يوم القيامة، كما في الحديث: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عن عمره فيم أفناه..» (أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح).
تقول خبيرة تنمية المهارات القيادية ماري أباغاي: إن التذرع بأن العثور على مواصلات للوصول إلى مكان العمل الجديد احتاج بعض الوقت، لن يشفع لك إذا وصلت إلى عملك متأخراً أكثر من مرة، وسيترك انطباعاً سيئاً عن شخصيتك.
خامساً: المظهر الحسن، واختيار الملابس المناسبة التي تناسب المكان، والوظيفة التي تقوم بها، اقتداء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال»، فقد يكون للشركة التي تعمل بها زي خاص، أو زي مفضل؛ لذلك من الأفضل أن تسأل رئيسك في العمل عن قواعد الزي المعتمد، فما نرتديه في الأوقات العادية قد لا يناسب تلك الشركة، خاصة إذا كنت تعمل في دولة أخرى، أنت في حاجة لفهم قواعدها والنظم المعمول بها، ومن ذلك الملبس المفضل لدى إدارة العمل.
في هذا الصدد، ينصح نائب الرئيس التنفيذي بإحدى شركات التوظيف الكبرى أوميش راماكريشنان، الوافد الجديد لتولي وظيفة ما، مخاطباً إياه: «اجلس مع رئيسك الجديد واسأله عن الأشياء التي تزعجه، وأسلوب العمل، وشكل التواصل المفضل، وأي تفاصيل بخصوص عملك«.
ختاماً، من المؤكد، أن خماسية الأمانة والإتقان والتواضع والحفاظ على الوقت والمظهر الحسن، ستضمن لك تميزاً في ميدان العمل، وارتقاء في السلم الوظيفي، فضلاً عن ابتغاء رضا الله قبل الناس.