خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة 10 مايو الجاري، صوتت الهند لصالح مسودة قرار تقول: إن فلسطين مؤهلة ويجب أن تُقبل كعضو كامل في الأمم المتحدة، وأوصت بأن يعيد مجلس الأمن النظر بإيجابية في المسألة.
اجتمعت الجمعية العامة المؤلفة من 193 دولة، لعقد جلسة طارئة خاصة، تم خلالها تقديم مشروع قرار مجموعة الدول العربية «قبول أعضاء جدد في الأمم المتحدة»، الذي يدعم عضوية دولة فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، بدلاً من صفتها كمراقب.
وجاءت نتيجة التصويت على مشروع القرار بموافقة 143 صوتاً بما فيها الهند، ورفض 9 دول، وامتناع 25 دولة عن التصويت، ونص القرار أن «دولة فلسطين مؤهلة للعضوية في الأمم المتحدة»، وفقًا للمادة (4) من ميثاق الأمم المتحدة، و«يجب بالتالي أن تُقبل للعضوية في الأمم المتحدة»، وأوصى بأن يعيد مجلس الأمن «إعادة النظر في المسألة بصورة إيجابية، في ضوء هذا القرار».
كانت الهند أول دولة غير عربية تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني في عام 1974م، كما كانت الهند واحدة من أولى الدول التي اعترفت بدولة فلسطين في عام 1988م، وفي عام 1996م افتتحت دلهي مكتبها الرسمي للسلطة الفلسطينية في غزة، الذي تم نقله لاحقًا إلى رام الله في عام 2003م.
في وقت سابق من هذا الشهر، قالت المندوبة الدائمة للهند في الأمم المتحدة السفيرة روشيرا كامبوج: إنه على الرغم من عدم موافقة مجلس الأمن على طلب فلسطين للعضوية في الأمم المتحدة بسبب «الفيتو» في مجلس الأمن، أود أن أقول هنا في بداية المطاف: إنه وفقًا للموقف الطويل الأمد للهند، نأمل أن يتم إعادة النظر في هذا في الوقت المناسب، وأن جهود فلسطين لتصبح عضوًا في الأمم المتحدة ستحظى بالتأييد.
وأضافت مرفقة للقرار أن الحقوق والامتيازات الإضافية لمشاركة دولة فلسطين ستكون سارية المفعول اعتبارًا من الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة التي تبدأ في سبتمبر من هذا العام.
تشمل هذه الحقوق الحق في الجلوس بين الدول الأعضاء بالترتيب الأبجدي؛ والحق في إصدار بيانات نيابة عن مجموعة، بما في ذلك بين ممثلي الجماعات الرئيسة؛ وحق أعضاء وفد دولة فلسطين في انتخابهم كضباط في الجلسات العامة واللجان الرئيسة للجمعية العامة؛ والحق في المشاركة الكاملة والفعالة في مؤتمرات الأمم المتحدة والمؤتمرات الدولية والاجتماعات التي تعقد تحت رعاية الجمعية العامة.
في حالتها كدولة مراقبة، لا تملك فلسطين الحق في التصويت في الجمعية العامة أو تقديم ترشيحاتها لهيئات الأمم المتحدة.
تعد خطوة الهند للتصويت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة خطوة حاسمة تجاه تعزيز العلاقات الهندية العربية، وتأكيد دعم الهند للقضية الفلسطينية، وهو موقف يعكس التزام الهند التاريخي بدعم العدالة الدولية وحقوق الشعوب.
تعود علاقات الهند مع العالم العربي إلى فترة طويلة، حيث تعتبر الهند شريكًا إستراتيجيًا للعديد من الدول العربية، ومن خلال تاريخها العريق في دعم القضايا العربية، يُعتبر تصويت الهند لصالح فلسطين استمرارًا لتقديم الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني في سعيهم للحصول على حقوقهم الشرعية.
تتجلى أهمية هذه الخطوة في تعزيز الروابط الثقافية والاقتصادية بين الهند والدول العربية، فالتضامن في المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة يعزز الثقة المتبادلة ويعزز الشراكات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي هذا النوع من الدعم الدولي إلى زيادة الضغط على المجتمع الدولي للتصرف بشكل أكثر حزمًا لحل النزاع الفلسطيني «الإسرائيلي» وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
تأكيدًا على أهمية وإيجابية تصويت الهند لصالح فلسطين، فإن استحسان وتقدير المسلمين في الهند وفي جميع أنحاء العالم يعكس قيمة هذه الخطوة ومدى تأثيرها الإيجابي.
فعندما تقف دولة مهمة مثل الهند بجانب القضية الفلسطينية، فإن ذلك يُشعر المسلمين في الهند وخارجها بالدعم والتضامن والتقدير.
إن تفاعل المسلمين في الهند وحول العالم مع هذه الخطوة يعكس الروح الإنسانية والأخلاقية التي تربط شعوب العالم في نضالهم المشترك لدعم العدالة والحقوق الإنسانية، فالتضامن مع القضية الفلسطينية ليس مسؤولية محصورة للمسلمين فحسب، بل هو تعبير عن قيم العدل والإنسانية التي يجب أن توحّد البشرية بأسرها.
يجسد استحسان المسلمين للهند وتقديرهم لتصويتها لصالح فلسطين فرصة لتعزيز التضامن بين الشعوب والثقافات، وتعزيز الحوار والتعاون المشترك لبناء عالم أكثر عدلًا وسلامًا، وبهذه الطريقة، يمكن أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز التفاهم والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف والمجتمعات في الهند وفي جميع أنحاء العالم.
تصويت الهند لصالح فلسطين يأتي كخطوة مهمة لتعزيز العلاقات بين الهند والعالم العربي، وفي سياق دعم القضية الفلسطينية؛ يُعتبر هذا التحرك أيضًا ردًا على القلق الذي أثاره عدم مشاركة الهند في التصويت في الشهر الماضي، الذي أدى إلى توتر في العلاقات مع الفلسطينيين ومع المجتمع العربي عمومًا.
ولأن إرسال العمالة الهندية إلى «إسرائيل» للعمل هناك قد أثار قلقًا بين المسلمين والدول العربية، خاصةً في ظل الظروف الراهنة والصراعات المستمرة في المنطقة.
يُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها عملية تعاون اقتصادي مع دولة الاحتلال، وهو ما قد يفهم على أنه تأييد غير مباشر للسياسات «الإسرائيلية»، بما في ذلك السياسات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مع أن الهند تعتبر من بين أكبر مزودي القوى العاملة للخارج، وإرسال العمالة إلى دول أخرى للعمل جزء أساسي من اقتصاد البلاد.
لكن على الرغم من الجوانب الاقتصادية الإيجابية لهذه الخطوة، فإنها قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على العلاقات الدولية والسياسية للهند، خاصةً مع الدول العربية والمسلمين الذين يرون فيها تأييدًا غير مباشر لسياسات «إسرائيل» المثيرة للجدل.
وخلاصة القول: إن الهند تعبر بالتصويت لصالح فلسطين عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وتأكيد دعمها لحقوقهم الشرعية وتطلعاتهم في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على أرضها التاريخية، كما أن هذه الخطوة تعكس الالتزام الهندي بالمبادئ الأساسية للعدالة الدولية.