في مجتمعنا المعاصر، تتزايد العمليات التجميلية، ومع ذلك تظهر تحديات جديدة تتعلق بالشفافية والصراحة بين الزوجين حول هذه الإجراءات.
وقد أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان يجب على الأزواج الإفصاح عن عمليات التجميل قبل الزواج، وما هو تأثير ذلك على العلاقة الزوجية؟!
د. صلاح المهيني، الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف الكويتية، يسلط الضوء على الأبعاد الفقهية والسلوكية لهذا الموضوع، ويقدم رؤى حول كيفية التعامل مع هذه القضايا لضمان استقرار ونجاح الحياة الزوجية.
وقال د. المهيني لـ«المجتمع: إنه من المهم معرفة العيوب التي أشار إليها الفقهاء التي تمنح الزوج حق فسخ عقد الزواج، وعند الرجوع إلى كتب الفقهاء، نجد أن العيوب تنقسم إلى قسمين؛ العيوب التي تمنع استمتاع الزوجين ببعضهما بعضاً؛ مثل الخصاء والعنة بالنسبة للرجال، والرتق والقرن والإفضاء بالنسبة للنساء، وهي عيوب خلقية تعيق أو تصعب عملية الاستمتاع بين الزوجين.
أما القسم الثاني فيشمل العيوب المرضية، مثل الجنون والجذام والبرص.
وتابع المهيني قائلاً: بناءً على نوع عملية التجميل، يختلف الجواب؛ فإذا كانت العملية مثل تصغير الأنف أو تغيير شكل العين، فهذا -والله أعلم- لا يعطي الزوج حق طلب فسخ عقد الزواج من الناحية الفقهية، أما من الناحية السلوكية فكتمان أي أمر من هذا القبيل قد يؤدي إلى إنهاء العلاقة الزوجية، فالحياة الزوجية لا تستقيم بمثل هذه التصرفات، وقد يؤدي الكتمان إلى بغض الزوج لزوجته وعدم رغبته في استدامة الحياة الزوجية.
من جانبه، أكد الشيخ بدر الحجرف، الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف الكويتية، أنه من الضروري إبلاغ الزوج بعمليات التجميل التي أجرتها الزوجة، وخاصة تلك المتعلقة بمعالجة العيوب الخلقية، حتى يكون الزوج على بيّنة ولا يُصدم بعد الزواج؛ مما قد يؤدي إلى مشكلات وربما تصل إلى الطلاق.
وأيّد الحجرف لـ«المجتمع» ضرورة ذكر عمليات التجميل في عقد الزواج لحفظ حقوق الطرفين ومنع الابتزاز بعد الزواج، مشيراً إلى أن بعض الأشخاص قد يقومون بتطليق الزوجة بحجة أنها لم تُبلغه بعمليات التجميل التي أجرتها، وأوضح أن هذا الأمر يسري على الطرفين، فقد يكون الزوج أيضاً قد أجرى عمليات تجميل دون إبلاغ الزوجة.
وأشار الحجرف إلى أن عدم الإبلاغ يُعتبر إثماً على ولي الأمر والزوجة، ومن حق الزوج استرجاع المهر في حال الطلاق إذا كانت العمليات مؤثرة على الحياة الزوجية، مثل إزالة الرحم.
فيما قال د. عوض الله السيد، الأستاذ في كلية الحقوق- جامعة البحرين، في حسابة عبر منصة «إكس»: إن العلاقة الزوجية من أرقى وأهم أنواع العلاقات، فينبغي أن تبنى على أساس من الصراحة والوضوح حتى لا تتعرض لأي اضطراب ولا تنافر ولا مشكلات بين الطرفين، ومن هنا يجب الاهتمام بالصدق والصراحة والوضوح من قِبَل كلا الطرفين قبل العقد.
وتابع: ومن الناحية القانونية، نرى أنه يجوز قانوناً فسخ عقد الزواج إذا تبين أن أحد الطرفين كذب على الآخر في عدم الإفصاح عن عمليات التجميل التي تم إجراؤها سابقاً، أو تغيير الشكل؛ لأن ذلك يعد من الكذب والغش والضرر.
وأضاف السيد: ومن الناحية الشرعية حرمت الشريعة الإسلامية كل ألوان الخداع والغش والتدليس، واعتبرته مؤثراً على صحة المعاملة وخادشاً لشرعيتها، وجاء في الحديث الصحيح: «لا يحل لمسلم أن يبيع لأخيه بيعاً فيه عيب إلا بيّنه».