كن بلسماً فالجارحون كثيرُ ومواسياً إنّ الزمانَ مريرُ
كن طيِّبَ الآثارِ إنك راحلٌ فلعلها يومَ النشور تُجيرُ
إن من أسباب التوفيق في الأعمال والأقوال نيتك الصادقة وقلبك المعطاء، يقول ابن القيم رحمه الله: «نظرتُ في توفيق الناس فإذا هو معقودٌ بالقلب»، وهو موضع نظر الرب، فما عليك إلا أن تتأمل بقوله تعالى: (إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً) (الأنفال: 70).
نعم إنه القلب، وما أدق من وصف النبي ﷺ له حين قيل لرسول الله ﷺ: أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان»، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل، ولا حسد» (صححه الألباني).
ومن أسباب سرور القلب بذل المعروف ورسم الابتسامة في وجوه الغير، فقد كـان علـي بن الحـسين إذا أتاه الـفقـيـر والسائـل والمحتاج استبشر ورحّب به وقال: «مرحبًا بمن يحمل زادي إلى الآخرة».
واستمع إلى ما يرويه أبو الدرداء رضي الله عنه حين قَالَ: أتَى النَّبيَّ ﷺ رجلٌ يشكو قسوةَ قلبِه! قال: «أتحِبُّ أن يلينَ قلبُك وتُدرِكُ حاجتَك؟ ارحَمِ اليتيمَ وامسَحْ رأسَه وأطعِمه من طعامِك؛ يلِنْ قلبُك وتُدرِكْ حاجتَك».
كيف لا تدخل السرور في قلوب الغير وأنت ترى وتلمح فضله مِن خالقك؟! فقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: «من أدخل على أهل بيتٍ من المسلمين سروراً لم يرضَ الله له ثواباً دون الجنة».
وما أصدقها من عبارة قالتها فتاة صغيرة أهدى لها أحد المتبرعين كرسياً طبياً للمشي فتعلقت برِجل المتبرع وهي تنظر إليه وقالت: أريد أن أتذكر وجهك جيداً لكي أراك في الجنة وأشكرك عند ربي مرة أخرى!
نعم، إنها عبارة تكفيك لإدخال السرور إلى قلبك وقلب من أهديته وتبرعت له.
فاجعل روحك ممتدة.. واجعل فرحتك فرحتين.. واصنع بسمةً لا تُمحى من الذاكرة.
وليكن نصب عينيك قول الشاعر:
تَعَوَّد بّسطَ الكَفِّ حتى لو أنـه ثناها لقَبْضٍ لم تُطعْهُ أناملُه
تـراه إذا مـا جـئتَه مُتـهلِّلاً كأنَّك تُعطيه الذي أنت سَائلُهْ
ولو لم يكن في كفِّه غير رُوحه لجاد بها فليتق اللهَ سائلُهْ
فاللهم اجعلنا من المحسنين، واجعلنا ممن أدخل السرور في قلوب الغير؛ فتسعد قلوبنا وقلوبهم في الدنيا والآخرة.