يلجأ بعض الناس إلى التدوين اليومي، أو كتابة اليوميات، والمذكرات الشخصية، وهو أمر إيجابي ينعكس على حالتهم النفسية، عبر التخلص من المشاعر السلبية، ومنح الذات وسيلة للتعبير عن نفسها، والتنفيس عنها، وفهم مشاعرها.
ولا يوجد حرج شرعي في تدوين الإنسان مذكرات حياته، ما لم يكن فيما يكتبه شيء محرم، كتدوينه أخبار أعمال محرمة أو ما فيه نيل من عرض إنسان.
وقد كتب عدد من العلماء والمفكرين عن حياتهم، فقد تحدث الشافعي عن رحلته ورواها عنه تلميذه الربيع، وقد دون السيوطي حياته، وكتب ابن بطوطة عن رحلته، ومن المعاصرين رأينا وتصفحنا مذكرات العلامة الراحل د. يوسف القرضاوي، والشيخ أبي الحسن الندوي، وغيرهما.
وربما كانت هذه الكتابات لتوثيق حدث ما، وتأريخ مرحلة مهمة، فهذا بلا شك أمر نافع ومحمود، وقد يكون التدوين لمحاسبة النفس وتقويمها؛ فهذا أمر نافع بالتأكيد.
وينصح العلماء بطرق للتدوين، منها طرح الأسئلة والإجابة عنها، مثل: اكتب 5 أشياء تتمنى تحقيقها يوماً، اكتب 5 كلمات تصف شخصيتك، اكتب قائمة بسلوكيات غير مقبولة منك، اكتب قائمة بأشياء ترفع من حالتك المعنوية؟
السطور القادمة تحدد لك 10 فوائد للتدوين وكتابة المذكرات، يمكن أن تفيدك في حياتك الشخصية والاجتماعية والوظيفية، وتنهض بذاتك ومشاعرك.
أولاً: تعمل كتابة اليوميات أو التدوين على التخلص من الضغوط، والأعباء، والاكتئاب، فهي بمثابة صديق تتحدث إليه، وتبوح له بأسرارك، ما يساعدك على إدارة مشاعرك.
في هذا السياق، تفيد تجربة عملية أجرتها كلية الطب في ولاية بنسلفانيا، عبر إخضاع 70 شخصاً لتجربة التدوين، لمدة 15 دقيقة يومياً، بعدما تراجعت صحتهم العقلية، بأن النتيجة بعد 12 أسبوعاً، كانت تحسن صحتهم البدنية، وتراجع علامات الاكتئاب لديهم بنسب 44%.
ثانياً: تؤكد أبحاث علمية أن قمع الأفكار السلبية بداخل النفس قد يضر بوظيفة الجهاز المناعي، مثلما كان المزاج السيئ سبباً في تفاقم حالة مرضى السرطان وأمراض القلب، بينما تبين في بحث أجراه أساتذة علم النفس بجامعة تكساس الأمريكية، أن الكتابة عن العواطف الذاتية تعزز قدرة الجهاز المناعي، وتساعد على الاسترخاء والتئام الجروح والنوم بشكل أفضل، كما تفيد دراسة نشرتها المجلة الطبية الأمريكية بأن 4 أشهر من الكتابة اليومية عن تجارب الحياة السلبية قد ساعدت مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي على الشفاء.
ثالثاً: يتيح التدوين فرصة ثمينة للعصف الذهني، وطرح الحلول الجديدة والمبتكرة في بيئة آمنة؛ الأمر الذي من شأنه تعزيز التفكير الإبداعي.
رابعاً: يتيح التدوين مساحة للتفكير المعمق، والبحث، واستخدام المنطق بالسؤال عن السبب، والنتيجة، والدروس المستفادة.
خامساً: تحفز كتابة اليوميات المرء على الصدق مع النفس، ومصارحتها بالأخطاء، ومراجعة المواقف، وتقييم الذات، لأنك ستوجه أسئلة لنفسك، من عينة: بماذا شعرت؟ هل تلك المشاعر مناسبة للموقف أم مبالغة؟ وما الحل للخروج من هذا المأزق؟
سادساً: توفر عملية التدوين تجربة حية لاستخلاص الحكمة والعبرة من الأحداث، والدروس المستفادة منها، والتركيز على ما ينمو بوعيك وينهض بك.
سابعاً: تساعد كتابة اليوميات على وقف المماطلة والبدء في اتخاذ القرارات بفاعلية؛ لأن تدوين اليوميات بمثابة ممارسة إيجابية لفعل المراقبة الذاتية، وإيجاد دافع للتغيير.
ثامناً: التدوين يساعد الإنسان على إدارة وقته بفاعلية وكفاءة، وبالتالي ترتيب أفكاره، وجدولة أولوياته، وفق قاعدة الأهم والملح أولاً.
تاسعا: يوثق التدوين وكتابة المذكرات اليومية المعلومات والأحداث المهمة، ويساعد على الرجوع إليها إذا دعت الحاجة، وقد يؤرخ مرحلة مهمة في تاريخ الشخص، خاصة العلماء والمفكرين والساسة ورجال المال والاقتصاد، وغيرهم.
عاشراً: يساعد التدوين اليومي على تنمية مهارة الكتابة، وتأليف الكتب، وإنتاج المقالات، وصناعة المحتوى.