ارتكب الاحتلال الصهيوني الليلة الماضية مجزرة مروعة في مخيم للنازحين غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، راح ضحيتها العشرات معظمهم من الأطفال والنساء.
وقالت وزارة الصحة في غزة: إن المجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال برفح، مساء الأحد، راح ضحيتها 35 شهيداً وعشرات المصابين حتى اللحظة معظمهم من الأطفال والنساء.
وأكدت الوزارة، في بيان لها، أنه لم يسبق أن تم في التاريخ تحشيد هذا الكم الكبير من أدوات القتل الجماعي وتوظيفها مجتمعة أمام ناظري العالم كما يحدث الآن في غزة؛ حيث حرمان السكان من الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود وسحق البنية التحتية وتدمير جميع المؤسسات وتعطيل الصرف الصحي وانتشار الأوبئة وسحق المنظومة الصحية وإطباق الحصار وإغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات والوفود الطبية، ومنع تحويل المرضى للخارج، واستخدام أعتى الأسلحة ضد المدنيين العزل، واستهداف الطواقم الإنسانية وفرق الإسعاف، ومنع معدات الإنقاذ وإخلاء الجرحى والقتل الجماعي وإجبار السكان على إخلاء بيوتهم قسراً مرات عديدة ومن ثم تدميرها بكل مقدراتها وترك السكان دون مأوى أو أي مكان آمن.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: إن الاحتلال «الإسرائيلي» ارتكب مجزرة مروّعة من خلال قصف مُركّز ومقصود لمركز نزوح بركسات وكالة «أونروا» شمال غرب محافظة رفح، حيث قصفت المركز بأكثر من 7 صواريخ وقنابل عملاقة تزن الواحدة منها أكثر من 2000 رطل من المتفجرات، الأمر الذي أدى إلى استشهاد 30 شهيداً ووقوع عشرات الإصابات، بينها إصابات خطيرة جداً، وهذا يعني أن هناك تأكيداً على ارتفاع أعداد شهداء هذه المجزرة.
تحدٍّ للقرارات الدولية
وأدانت جهات وفصائل وهيئات حقوقية مجزرة الاحتلال الدامية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني الليلة الماضية في مخيم للنازحين برفح جنوب قطاع غزة.
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: إن استهداف جيش الاحتلال «الإسرائيلي» لخيام النازحين في رفح بشكل متعمد مجزرة فاقت كل الحدود، وتتطلب تدخلاً عاجلاً لوقف هذه الجرائم التي تستهدف الشعب الفلسطيني فوراً.
وأضاف أبو ردينة، بحسب ما نقلت عنه «وكالة الأنباء الفلسطينية»، أن ارتكاب قوات الاحتلال «الإسرائيلي» لهذه المجزرة البشعة تحدٍّ لجميع قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها قرار محكمة العدل الدولية الواضح والصريح بضرورة وقف استهداف مدينة رفح وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن المواقف الأمريكية الداعمة للاحتلال مالياً وسياسياً السبب الرئيس فيما نشاهده اليوم من مجازر بشعة انتهكت خلالها سلطات الاحتلال جميع المحرمات، والإدارة الأمريكية تتحمل مسؤولية هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية.
وأكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية أن على العالم التحرك فوراً لوقف هذا العدوان الشامل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وإلزام سلطات الاحتلال بوقف جرائمها التي أشعلت المنطقة، وتهدد الاستقرار الدولي.
من جهتها، أكدت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية أن هذه الجريمة تؤكد فاشية الاحتلال، وأنه يعوض فشله عبر ممارسة الإرهاب بالقتل والإبادة الجماعية ضد المدنيين العزل.
وقالت، في تصريح صحفي مساء الأحد: إن هذه الجريمة دليل إضافي على جرائم الإبادة التي ترتكبها حكومة الاحتلال وجيشها بحق الشعب الفلسطيني في الوقت الذي يزعم ويعلن كذبًا وتضليلًا بأنه يتخذ الإجراءات الكافية لحماية المدنيين.
وأضافت أن هذا الأمر يفرض على كافة دول العالم وهيئاته ومنظماته تطبيق قرارات محكمة العدل الدولية والتحرك العاجل من أجل الوقف الفوري لسفك دماء المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ.
وأكدت الفصائل أن الإدارة الأمريكية شريك في قتل الأطفال وإزهاق الأرواح، لإصرارها على منع وقف الحرب، واستمرارها بتزويد الاحتلال بشتى القذائف الفتاكة والسلاح المدمر والمحرم دوليًا.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن ارتكاب «إسرائيل» مجزرة قتل جماعي لنازحين فلسطينيين في رفح إمعان في رفض وتجاهل قرار محكمة العدل الدولية بضرورة وقف الهجوم العسكري على المدينة.
وأضاف المرصد، في بيان له فجر الإثنين، وفق «المركز الفلسطيني للإعلام»، أن «إسرائيل» واصلت شن عشرات الغارات على رفح وقتلت أكثر من 70 فلسطينياً خلال اليومين التاليين لقرار محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم على المدينة وحماية مئات آلاف المدنيين فيها.
دعوات للتصعيد
ودعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أبناء الشعب الفلسطيني والأمة وأحرار العالم إلى تصعيد الفعاليات الجماهيرية الغاضبة والضغط لوقف العدوان وحرب الإبادة.
وقالت الحركة، في تصريح صحفي مساء الأحد: إنه وعلى ضوء المجزرة الصهيونية المروعة مساء اليوم (الأحد) التي ارتكبها جيش الاحتلال المجرم ضد خيام النازحين غرب مدينة رفح التي أسفرت عن استشهاد العشرات من المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال، وكذلك استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا في قطاع غزة، فإننا ندعو جماهير شعبنا في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل والخارج إلى الانتفاض والخروج بمسيرات غاضبة ضد المجزرة الصهيونية المتواصلة ضد شعبنا في القطاع.
كما دعت «حماس» شعوب الأمة العربية والإسلامية والشعوب الحرة حول العالم إلى تكثيف الحراك والفعاليات المنددة بحرب الإبادة، والضغط لقطع العلاقات مع هذا الكيان المارق الذي يواصل استهتاره بالمجتمع الدولي وبالقرارات الأممية، لاسيما قرار محكمة العدل الدولية الأخير الذي طالبه بوقف عدوانه واجتياحه لرفح.
مشاهد صعبة
وتداول ناشطون مشاهد مؤلمة من المجزرة لبقايا أجساد ممزقة وأشلاء ولطفل فصل رأسه عن جسمه جراء القصف الصهيوني على المخيم.
وقال الناشط الفلسطيني خالد صافي: جريمة حرب جديدة ترتكبها قوات الاحتلال؛ إذ أجبرت الناس على النزوح إلى منطقة البركسات على اعتبار أنها آمنة ووزعت المنشورات التي تؤكد أن بلوك رقم (2371) منطقة آمنة.
وأضاف: توافد إليها النازحون ونصبوا خيامهم فيها لتغتالهم طائرات الاحتلال بأكثر من 8 صواريخ وتحرقهم أحياء في خيامهم!
وأشار صافي إلى أن الطريقة الوحيدة التي يغطي الاحتلال فيها على فشله وهزيمته وسحق جنوده تحت نعال المقاومة هي أن يقصف المدنيين والنازحين العزل بالصواريخ وحرقهم أحياء بنيران طائراته ومدفعياته.
وعلق الكاتب الفلسطيني رضوان الأخرس المجزرة الصهيونية، قائلاً: بقذائف أمريكية قطع الاحتلال «الإسرائيلي» وهشم رؤوس الأطفال والرضع في رفح جنوب قطاع غزة.
وقال الشيخ أحمد النفيس: أحفاد القردة والخنازير لم ينتصروا في هذه الحرب إلا في قلة الشرف والفجور في الخصومة، والانتقام -عند كل فجيعةٍ يتلقّونها- من الأطفال والنساء والعزّل.
وأضاف، في تغريدة عبر حسابه على «إكس»: أما في نزالات الرجال فهم في الحضيض رغم التقنيات والأسلحة والمعدات المدججين بها، شاهت الوجوه يا شذاذ الآفاق!
وكتب الإعلامي أحمد عطوان: جيش المخنثين الذين تدعسهم المقاومة بالشباشب يستقوي على المدنيين الأبرياء ويقصف مخيماً للنازحين غرب مدينة رفح قرب الحدود المصرية.
وأضاف: جثث متفحمة وأطفال ونساء بين الشهداء والمصابين ورئيس بلدية رفح يناشد السلطات المصرية بإرسال عربات الإسعاف فوراً لنقل الجرحى لمستشفى العريش لإنقاذهم.
وتساءل عطوان: ألم يحن الوقت لموقف مصري جاد وموقف عربي جماعي ضد القتلة؟
ودعا عطوان الدول العربية إلى الإعلان عن موقفهم ولو من باب التهديد بمقاطعة نتنياهو ومجرمي الحرب فوراً مقاطعة دبلوماسية وتجارية وإيقاف معاهدات السلام والتطبيع والجسر البري وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية.
وتوجه د. خالد العتيبي بالدعاء، قائلاً: ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇنا ﻧﺸﻜﻮ إليك ﺿﻌﻒ ﻗﻮﺗﻨﺎ ﻭﻗﻠﺔ ﺣﻴﻠﺘﻨﺎ ﻭﻫﻮﺍﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ، اللهم ﺃﻧﺖ ﺭﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ وأنت ربنا، تولى أمرنا ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين يا حي يا قيوم.
وقال الشاعر تميم البرغوثي: غزة تأسر العسكريين و«إسرائيل» تستهدف المدنيين، حفاة الأقدام يقدرون على المدججين بالسلاح، والمدججون بالسلاح لا يقدرون إلا على النساء والأطفال.
وتابع: لا أستطيع تخيّل سلام مع أي نظام صهيوني في فلسطين، إما أن ندافع عن أنفسنا يداً واحدة، أو أن يقاتل بعضنا بعضاً باسم العدو ولصالحه لأن فريقاً منا يئس أو استسلم أو فسد، تسقط اتفاقية أوسلو، ولينحل ما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية، وليختر كل منتسب لأجهزة الأمن الفلسطينية مكانه من التاريخ، هل يقف مع «إسرائيل» أو مع أطفالنا الشهداء اليوم.