ماذا تعلم عن رحلة الفلسطيني من أجل الحرية والوطن؟ ولماذا تشارك الجامعات من العالم في رحلتهم العنيفة والمرهبة؟
عجيب أمرك! تبحث عن الأحرار وهل أنت مملوك لأحد؟
عجيب أمرك! تبحث عن الأحرار وهل الشعب لا يمتلكون مرضاتهم اليوم؟
عجيب أمرك قلتَ لي أنت في بحث حياة الأحرار وأنت متجهًا إلى السجن أوليس أصوب أن تبدأ من الأسواق والمولات فتجد الناس مشغولين في بيع وشراء حسب رغباتهم، أو تبدأ من مقاهٍ ومطاعم فتجد نعماً من الله مبسوطة أمام الناس يأكلون مما يشتهون، أو تبدأ من مقامات السياحة فتجد الناس يتمتعون فيها من بهجة الجنان وراحة البال، أو تبدأ من الملاعب، اللاعبون يلعبون فيها والمشاهدون يشجعونهم ويصرفون أموالهم على كيفهم.
أو على الأقل تبدأ من الكليات والجامعات فتجد المدرسين والدارسين والباحثين والطلاب والطالبات كلهم ينهلون من مناهل العلم والعرفان حسب خيارهم أفليس كلها لأنهم أحرار؟!
سألتني بأمر لا يكفي «نعم» أو «لا» في أجوبة.
ولذا بدأتُ رحلتي لبحث عن الأحرار متجهًا إلى السجن كما لا يختلف مِنا اثنان بأنه منتهى للحرية ومن دخل فيه فقَدَ حريته ومن خرج منه حصل على حريته، ولكن صدقني! ظلام المقابر وجُدران السجن تخفي أسرار الحرية وتحكي حكايات الأحرار التي تتضمن حرية البشر كله وتفتح أبواباً مغلقة أمام جميع يتعرضون بحِرمان الحرية والحقوق.
هل تعلم! أغلب دول لديها يوم لاحتفال الاستقلال، ولكن فلسطين لا يزال ينزف جرح شعبها دمًا من معاناة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والتطهير العرقي والفصل العنصري والتهجير الإجباري وقتل الأبرياء والاعتقالات الجماعية والهجمات المعادية والغارات المهلكة من زمن طويل، والعالم يتفرق في أقسام تالية.
منهم من لا يبالي لهم ما يحدث لغيرهم في فلسطين أو في أطرافهم، على الحد الأقصى يشاهدونها كمشاهدتهم الأفلام يتأثرون بها لثوان ويمحوها المشهد القادم من ذاكرتهم.
منهم من يدعمون «إسرائيل» بحجة أن لها الحق في الدفاع عن النفس.
منهم من يدعمون شعب فلسطين ويعترفون بأن لهم الحق في الحرية والوطن، ويجب أن يكون لديهم دولة مستقلة ذات دستور منفصل يتضمن حقوقهم ويحمي كرامتهم.
ولكن عندما أقامت على أراضي فلسطين المحتلة دولة باسم «إسرائيل» وفي الوقت نفسه، تُركت فلسطين بدون حدود وبدون سلطة مستقلة من بينهم فما بقي أمام شعبها خيارٌ؛ إما التهجير أو السكوت على انتهاكات الحقوق والكرامة، وإما المقاومة للحصول على حريتهم، ولكن الإعلام الغربي والدول الغربية كانت تُروج الدعاوى في تقاريرها ورسائلها أن «إسرائيل» تحيط بجيرانها من الدول العربية وهي دولة يهودية وحيدة بين دول المسلمين، فقد يلحقها خطر مفاجئ؛ فعلينا دعمها وتأييدها لحماية حقوقها ووجودها، وكلما انكشفت انتهاكات «إسرائيل» للقانون الدولي في حق الفلسطينيين، أثارت ضجة هائلة بأن اليهود في خطر، وكلما غارت على غزة أو غيرها أعلنت بأنها تستهدف الإرهابيين وهي ليست ضد المدنيين.
هذا ما كان يحدث في أرض فلسطين المحتلة ليلا ونهارًا حتى جاءت «طوفان الأقصى»، تأسف العالم على قتل الأبرياء وأسرعت الدول الغربية بتوفير مساعداتهم العسكرية والأسلحة القتالية والقذائف المدفعية والصواريخ وبطارية القبة الحديدية وغيرها، وأخبر حكامها أمام الإعلام أن مساعداتهم تستهدف قيام الأمن الإقليمي.
ولكن سرعان ما ظهرت في غزة العزة نتائج مساعداتهم في شكل تدمير غزة، وتحولت المنازل مع سكانها في مقابر جماعية، بل قُل في «مقابر عائلية» كانوا يعيشون فيها مع أفراد الأسرة من الأطفال والنساء، فجأة رفعت الأصوات المرعبة في السماء ويشعر جميعهم اهتزازات قوية في الأرض من طائرات عسكرية تقذف الصواريخ والقنابل فقبل أن يفهم أحد منهم ماذا يفعل وأين يهرب؟
هذا ليس بجديد، بل شهدت فلسطين أسوأ ما تتخيل من الإبادة الجماعية والقتل الاجتماعي والتهجير الإجباري والاعتقالات واسعة النطاق، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نشاهد إبادة جماعية بعيوننا، فتبينت حقائق الدعاوى المكذوبة في حق «إسرائيل» أمام أحرار العالم؛ فتحركت قلوبهم وخرجوا من منازلهم وحتى من صفوف جامعاتهم.
فكيف تحتفل يوم الاستقلال وقلبك راضٍ عن احتلال بلادٍ أخرى؟! بل هذا هو حالك فتعلم! أنك لست من الأحرار! عفواً لست حرًا إذا لا تعرف وقفات لأجل حرية الآخر أما شهدت صور الاعتقالات العنيفة شائعة منذ بدء الموجة الأخيرة من الاحتجاجات والمخيمات في الجامعات، وحتى الآن تم تسجيل أكثر من ألف حالة اعتقال في 25 جامعة أمريكية، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وقالت «حركة مقاطعة إسرائيل» (BDS): إن أعداداً غير مسبوقة من أقسام الجامعات والأكاديميين حول العالم تبنوا الدعوة لإنهاء الفصل العنصري «الإسرائيلي» خلال مايو الجاري، ويذكر أن دعوات مقاطعة «إسرائيل» لقيت ترحيباً واسعاً لدى أوساط أكاديمية في الولايات المتحدة وأوروبا وأسترالياً.