لا تتوقف أذرع الكيان الصهيوني عن التصعيد بالمدينة المقدسة، في محاولة لإيقاف الطوفان الهادر، ومن الحرائق المقبلة على المدينة المحتلة، الاعتداءات المرتقبة بالتزامن مع ذكرى ما يسمى بيوم «توحيد القدس»، وهي المناسبة التي يحفل بها الكيان باحتلال كامل القدس، على أثر حرب يونيو 1967م، واحتلاله الشطر الشرقي من القدس، بما فيها المسجد الأقصى، وفرضت فيه قوات الاحتلال «الإسرائيلي» سيطرتها على كامل مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي، ورسختها محطةً لفرض المزيد من السيطرة على المدينة المحتلة وتهويدها.
وتُعدّ هذه الذكرى من أبرز المناسبات الوطنية التي تستخدمها أذرع الاحتلال لتنفيذ جملة من الاعتداءات بحق القدس و«الأقصى»، ومن أبرز هذه الاعتداءات، اقتحام المسجد الأقصى بأعدادٍ كبيرة، وتنظيم «مسيرة الأعلام» الاستيطانية، ومع اقترابها في 5 يونيو الجاري، بدأت المنظمات المتطرفة بالاستعداد لهذه المناسبة، من خلال إطلاق عد تنازلي للأيام المتبقية لها، كما نشرت منظمة «بيدينو» المتطرفة على صفحتها في «فيسبوك»، تدعو فيه المستوطنين إلى المشاركة في اقتحام «الأقصى» حاملين العلم الصهيوني، وأعلنت عن برنامج يتضمن اقتحام «الأقصى» وأداء الطقوس اليهوديّة العلنية داخله.
نتناول في هذا المقال إطلالة على هذه المناسبة وتطور الاعتداءات خلال السنوات الماضية.
اقتحامات متصاعدة في الأعوام الماضية
من أبرز الاعتداءات التي تقوم بها أذرع الاحتلال تشكل في ذكرى «توحيد القدس»، اقتحامات المسجد الأقصى بأعدادٍ كبيرة، وتحقيق أرقام قياسيّة في الاعتداء على المسجد، وشهدت السنوات الماضية محاولات حثيثة من قبل أذرع الاحتلال المتطرفة إلى رفع أعداد المقتحمين، وهو ما نستطيع أن نقول: إن أذرع الاحتلال نجحت فيه حتى عام 2022م، وفي النقاط الآتية أبرز أعداد مقتحمي «الأقصى» في الأعوام الثمانية الماضية:
– في عام 2015م اقتحم «الأقصى» 280 مستوطنًا (بحسب معطيات الاحتلال).
– في عام 2016م اقتحم «الأقصى» 307 مستوطنين، (بحسب معطيات الاحتلال).
– في عام 2017م اقتحم «الأقصى» 995 مستوطنًا، (بحسب معطيات الاحتلال).
– في عام 2018م اقتحم «الأقصى» 1620 مستوطنًا.
– في عام 2019م اقتحم «الأقصى» 1179 مستوطنًا.
– في عام 2020م كان المسجد مغلقًا بسبب إجراءات «كورونا».
– في عام 2021م أفشل المعتكفون في «الأقصى» مخططات «منظمات المعبد» تنفيذ اقتحامات ضخمة، وأدت المواجهات في «الأقصى» والاعتداء على المصلين داخله إلى اندلاع معركة «سيف القدس».
– في عام 2022م اقتحم «الأقصى» 1687 مستوطنًا.
– في عام 2023م اقتحم «الأقصى» 1286 مستوطنًا.
من الصلوات العلنية إلى رفع علم الاحتلال
يشهد المسجد الأقصى في هذا اليوم جملةً من الاعتداءات، ابتداءً بمحاولة إشراك أعداد كبيرة من المستوطنين، وتحقيق ما يشبه أرقاماً قياسية، ليكون هذا اليوم كما أسلفنا أبرز الأيام التي تشهد أعداد ضخمة من مقتحمي «الأقصى»، وما يتصل بهذه الاقتحامات من أداء علني للصلوات التلموديّة، وخاصة تلك المرتبطة بـ«المعبد»، التي يؤديها المستوطنون في ساحات المسجد الشرقية، وقرب مصلى باب الرحمة.
ويشهد هذا اليوم اعتداءات أخرى تتصل بكون هذه الذكرى مناسبة «وطنية» لدى العدو، فتركز اعتداءات أذرع الاحتلال على رفع علم الاحتلال داخل المسجد الأقصى، وغناء «الهاتيكفاه»، وارتداء ملابس عليها صور علم الاحتلال، وما يتصل بطبيعة الاقتحامات عامة، من حيث استهداف العنصر البشري الإسلامي، والاعتداء على المصلين، وفرض القيود المشددة أمام أبواب المسجد وفي أزقة البلدة القديمة.
«مسيرة الأعلام».. كيف؟ ولماذا؟
وتُكمل «مسيرة الأعلام» الاستيطانيّة مشهد الاعتداء على القدس في يوم احتلالها، إذ تسخرها أذرع الاحتلال المختلفة لتحقيق سيادته المزعومة على المدينة، فهي المسيرة المركزية في المدينة، إلى جانب مسيرات شهرية ينفذها المستوطنون في القدس المحتلة، ويصل عدد المشاركين فيها في بعض السنوات إلى نحو 30 ألف مستوطن؛ وهذا يعني أنها من أكبر التجمعات الاستيطانية غير الدينيّة التي تجري في القدس المحتلة.
وخلال السنوات الماضية، كانت «مسيرة الأعلام» تنطلق من شارع يشق مقبرة «مأمن الله» في الشطر الغربي من القدس المحتلة، ومن ثم تصل إلى باب الجديد، ومن هنالك تتجه المسيرة إلى ساحة حائط البراق إما عبر باب الخليل، أو إلى باب العمود (وأحيانًا تنقسم قسمين) ومنه إلى البلدة القديمة وصولًا إلى ساحة حائط البراق المحتلّ.
وإلى جانب «رقصة الأعلام» في باب العمود، تشهد المسيرة العديد من الاعتداءات والتصرفات الاستفزازية، أبرزها ما يأتي:
– شتم الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية، وترديدها بشكلٍ جماعي (شتم الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم).
– الاستهزاء بذكرى «النكبة»، وأنهم يتحضرون لتكرارها.
– الهتافات العنصرية بالعربية، وتشمل «الموت للعرب»، و«لتحترق قريتك» وغيرها.
– الاعتداء على الفلسطينيين في أزقة البلدة القديمة، وتخريب واجهات المحال التجارية وسرقتها.
– الاعتداء على الصحفيين الفلسطينيين.
– تمزيق العلم الفلسطيني ومحاولة إحراقه.
– تعمد رمي القاذورات في الحي الإسلامي.
وفي 18/ 5/ 2023م، شارك في «مسيرة الأعلام» الاستيطانية آلاف المستوطنين، وتقدمهم عددٌ من الوزراء في حكومة الاحتلال، من بينهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، ووزير الطاقة يسرائيل كاتس، ورئيس لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست» يوئيل إدلشتاين، إضافة إلى عدد من أعضاء «الكنيست»، وانطلقت المسيرة من الشطر الغربي للقدس المحتلة، ووصلت إلى ساحة باب العمود في الشطر الشرقي للمدينة، ومن ثم جابت محيط البلدة القديمة وأزقة الحي الإسلامي، قبل أن تختم مسارها في ساحة حائط البراق المحتلّ.