ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني، أمس السبت، واحدة من أبشع المجازر الدموية بحق الشعب الفلسطيني في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد وجرح مئات المدنيين الأبرياء، معظمهم من الأطفال النساء.
وقالت وزارة الصحة في غزة: إن مجزرة الاحتلال «الإسرائيلي» بحق المواطنين في مخيم النصيرات أسفرت حتى اللحظة عن 274 شهيداً، و698 إصابة منها حالات حرجة.
تفاصيل المجزرة
في تفاصيل المجزرة، روى «المركز الفلسطيني للإعلام» أنه في الساعة 11 ظهر يوم السبت، كان مخيم النصيرات على موعدٍ مع واحدة من أبشع جرائم الإرهاب الصهيوني، حيث غارات مفاجئة ومكثفة استهدفت مباني ومنازل وسيارات أسفرت عن 600 شهيد وجريح.
وأوضح المركز أن أصوات الانفجارات وإطلاق النار كان يهز المحافظة الوسطى، قبل أن تتكشف أمور العملية الخاصة لتحرير الرهائن الأربعة، بعد حملة إبادة في مشهد يدمي القلوب، ويطبع عاراً جديداً على جبين الإنسانية جمعاء.
ونقل «المركز الفلسطيني للإعلام» عن مصادر أمنية فلسطينية أن قوة خاصة «إسرائيلية» تسللت إلى مخيم النصيرات وسط تغطية جوية وبرية من الآليات العسكرية «الإسرائيلية»، حيث قامت تلك القوة بمحاصرة منزل واشتبكت مع عدد من المسلحين الفلسطينيين المتواجدين في ذلك المنزل.
وانتشرت مقاطع مصوّرة تظهر استخدام قوات الاحتلال شاحنة مساعدات وسيارة مدنية لتنفيذ العملية، ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤول أمريكي، أن خلية أمريكية في «إسرائيل» ساهمت في عملية تحرير 4 رهائن.
من جهته، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن جيش الاحتلال شن عدواناً همجياً وحشياً على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، واستهدف المدنيين بشكل مباشر من خلال عشرات الطائرات الحربية وطائرات «الكواد كابتر» والطائرات المروحية.
ورصد المكتب عشرات من جثامين الشهداء والجرحى ملقاة على الأرض وفي الشوارع وداخل المنازل الآمنة، حيث لم تتمكن سيارات الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليها بسبب شدة القصف وعدوان الاحتلال.
وارتفع عدد الضحايا نتيجة مجزرة الاحتلال إلى 210 شهداء، وأكثر من 400 جريح.
وفي وقت سابق السبت، أعلن جيش الاحتلال، في بيان، عن استعادة 4 أسرى صهاينة لدى المقاومة في عملية معقدة شارك بها الجيش و«الشاباك» والشرطة.
ونشرت «هيئة البث العبرية» الرسمية مقطع فيديو يظهر نقل المحتجزين من مخيم النصيرات إلى مروحية كانت تنتظرهم على شاطئ غزة.
وقال الجيش، في بيان مقتضب، بثه بحسابه على منصة «إكس»: إن قواته تهاجم بنى تحتية في منطقة النصيرات، فيما وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية الهجوم الواسع بغير المسبوق.
أبو عبيدة: الاحتلال قتل بعض أسراه أثناء العملية
أوضح المتحدث باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة، أن ما نفذه الاحتلال في منطقة النصيرات وسط القطاع جريمة حرب مركبة، مشيراً إلى أن أول من تضرر بها هم أسراه.
وأكد في تصريح عبر قناته على منصة «تلجرام»، أن جيش الاحتلال تمكن عبر ارتكاب مجازر مروعة من استعادة بعض أسراه، لكنّه في الوقت نفسه قتل بعضهم أثناء العملية.
وحذّر من أنّ العملية ستشكل خطراً كبيراً على أسرى الاحتلال، وسيكون لها أثر سلبي على ظروفهم وحياتهم.
«حماس»: مقاومتنا قادرة على زيادة غلتها من الأسرى
من جهتها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن ما أعلنه جيش الاحتلال النازي، من تخليص عددٍ من أسراه في غزة، بعد أكثر من 8 أشهر من عدوانٍ استخدم فيه كافة الوسائل العسكرية والأمنية والتكنولوجيّة، وارتكب خلاله كل الجرائم من مجازر وإبادة وحصار وتجويع؛ لن يغيِّر من فشله الإستراتيجي في قطاع غزة.
وأضافت: مقاومتنا الباسلة ما زالت تحتفظ بالعدد الأكبر في حوزتها، وهي قادرة على زيادة غلتها من الأسرى، كما فعلت في عملية الأسر البطولية الأخيرة التي نفذتها في مخيم جباليا في نهاية الشهر الماضي.
وأشارت إلى أن ما كشفت عنه وسائل إعلام أمريكية وعبرية، حول مشاركة أمريكية في العملية الإجرامية، يثبت مجدداً دور الإدارة الأمريكية المتواطئ، ومشاركتها الكاملة في جرائم الحرب التي ترتكب في قطاع غزة.
وقالت الحركة: إن ذلك يثبت أيضاً كذب مواقف الإدارة الأمريكية المعلنة حول الوضع الإنساني، وحرصها على حياة المدنيين.
الأزهر يدين
أدان الأزهر بأشد العبارات المجزرة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال، مؤكداً أنها جريمة جديدة تضاف للسجل الصهيوني الأسود تجاه الفلسطينيين أصحاب الأرض.
وندد الأزهر، في بيان، باستمرار دعم بعض الأنظمة والحكومات ومباركتهم لإجرام هذا الكيان الغاشم، وارتكابه للمجازر الدموية تجاه المدنيين العزل، بما يؤكد للعالم أجمع أنها حرب إبادة جماعية تجري على أرض فلسطين.
وتابع البيان: والأزهر إذ يُدين ويشجب تلك المجازر الوحشية، فإنه لا يزال ينادي ويستصرخ المجتمع الدولي، وأصحاب الضمير الحر، من أجل وقف نزيف الدم في غزة، وحماية المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ وغوثهم، مطالبًا بمحاسبة الكيان الصهيوني وملاحقته على انتهاكه القوانين والأعراف الدولية كافة، وعدم السكوت عن مجازر الإرهابيين الصهاينة الذين بغوا في الأرض فسادًا، بما يمثل وصمة عار في جبين الإنسانية.
تغطية الإخفاقات
ويرى محمود مرداوي، الخبير في الشأن الصهيوني، أن الاحتلال باشر بتوظيف عملية تحرير الأسرى للتغطية على كل إخفاقاته العسكرية والأمنية ورسم مشهد سياسي وإعلامي مختلف عن المشهد السائد على مدار أشهر.
وقال: ربما ينجح لساعات ليوم، لكن ستعود الصورة والمشهد إلى سيرتها الأولى.
وأضاف أنه فشل في تحقيق الأهداف المعلنة وأهمها تحرير 120 أسيراً عسكرياً ما زالوا في قبضة المقاومة.
ويشير مرداوي إلى أهم الدلالات التي تحملها عملية النصيرات، أنها جزء من إدارة المعركة السياسية الداخلية لدى العدو، منبهاً أن توقيت العملية جاء لينقذ نتنياهو من تفكك تحالف الحرب، ويساعده في تجاوز إخفاقات وفشل الـ8 شهور.
وشدد على أن الحملة الإعلامية المرافقة للعملية التي تحاول إظهارها كحدث له تداعيات هي محاولة لإرباك قرار المقاومة في ظل الضغوط الأمريكية للقبول بالطرح «الإسرائيلي» لصفقة التبادل.
وذكر أن أطرافاً عربية وفلسطينية تتورط في الدعاية الصهيونية منسجمة مع أدوارها التي رسمتها الإدارة الأمريكية لحصار المقاومة، مذكراً أن هذه الأطراف منذ عشرات السنوات ترى المقاومة خطراً عليها، بينما أصبحت هذه الأطراف ترى في سموتريش، وبن غفير، شركاء السلام وصفقات التطبيع، وتضع مصير شعبنا وحقوقه في يد اليمين الصهيوني.
من جانبه، يؤكد الكاتب الفلسطيني إبراهيم المدهون أن عملية تحرير الأسرى التي أعلن عنه الاحتلال تسجل اليوم في كتب التاريخ على أنها الأكثر وحشية والأكثر فشلاً، مضيفاً أنه بعد أكثر من 8 أشهر استطاع الاحتلال من ارتكاب مجزرة وفقدان العديد من مقاتلي الوحدة.
وأشار إلى أن تحرير هؤلاء الأسرى كان يمكن أن يتم دون دماء ومن خلال عملية تبادل إنسانية.
وقال: إن تبجح نتنياهو واستعراضه وتباهيه دليل تآكل قوة العدو وتراجعه، وأن قادته يبحثون عن أي إنجاز وهمي لاستخدامه بصراعاتهم الداخلية، ولتهشيم بعضهم بعضاً، وهذا يؤكد أن نتنياهو يأخذ «إسرائيل» نحو الهاوية.
الدور الأمريكي
وأوضح المدهون أن تعقيب الرئيس بايدن المتعجل وترحيبه بتحرير بعض الأسرى «الإسرائيليين» وتجاهله لآلام شعبنا ولأسرانا وللمجزرة التي ارتكبها الاحتلال «الإسرائيلي»، التي قتل خلالها مئات الفلسطينيين بمخيم النصيرات لدليل واضح أننا نقاتل أمريكا لا «إسرائيل».
وقال: تتعامل الولايات المتحدة على أنها من أدارت ورتبت عملية تحرير الأسرى وأشرفت عليها بشكل مباشر، والتصريحات والمتابعات الأمريكية تحمل إشارات على مشاركتهم بعمل استخباراتي وأمني وعسكري كبير.
ولا يستبعد المدهون أن الميناء العائم قام بالقيام بدور أمني وعملياتي لإدارة العملية الإبادية التي قام بها الاحتلال.
هذا ما أشار إليه الإعلامي أحمد منصور أن مجزرة النصيرات كشفت الدور الحقيقي للرصيف العائم الذي لم يقدم أي مساعدة تذكر للفلسطينيين، حيث استخدمت شاحنات المساعدات الموجودة به والقوات المتمركزة فيه في عملية تحرير 4 أسرى «إسرائيليين» وارتكاب المجزرة.
الأكاديمي الكويتي د. علي السند، قال: قوات خاصة «أمريكائيلية» تختبئ في شحنة مساعدات إنسانية مصحوبة بغطاء عسكري وحشي يقتل 220 مدنياً لتحرير 4 محتجزين!
وأضاف: يجب أن يدرك العالم أن هذا الكيان وحلفاءه فاقدون لكل المعايير الأخلاقية والإنسانية التي يتبجحون بالتغني بها!