دخلت الهند الي المجهول بعد فوز رئيس الوزراء المتطرف ناريندرا مودي وتحالف حزبه الهندوسي المتطرف للمرة الثالثة في الانتخابات البرلمانية، وسط مخاوف أن يشرع في تحويل الهند الي «أمة هندوسية خالصة» كما وعد.
وتصاعد قمع المسلمين وتغيير تاريخ البلاد منذ تولي مودي وحزبه «بهاراتيا جاناتا» عن طريق محو تاريخها الإسلامي، وهدم وتحويل مساجدها التاريخية إلى معابد هندوسية بحجة أن «الغزاة المسلمين» بنوها فوق المعابد!
وفاقمت السياسات الهندوسية القومية التي تبناها مودي قلق سكان الهند المسلمين البالغ عددهم أكثر من 220 مليون نسمة حيال مستقبلهم في البلاد.
وخلال حملته الانتخابية، أدلى مودي مراراً بتعليقات مناهضة للمسلمين الذين اعتبرهم «مندسين» وليسوا من السكان الأصليين، كما اتهم الائتلاف المعارض له (10 أحزاب) بالتخطيط لإعادة توزيع الثروة في الهند على المسلمين.
ويتخوف المسلمون أن يكون فوز المتطرفين الهندوس مع تحالف حزبين آخرين بأغلبية مقاعد البرلمان (293 مقعدًا من أصل 543) ومن ثم حصولهم على النسبة التي تتيح لهم إعادة تشكيل الحكومة (272 مقعداً) بمثابة ضوء أخضر للحزب المتطرف لتحويل الهند لدولة هندوسية خالصة للهندوس.
وتصعيد عمليات اضطهاد المسلمين وتحويل وطمس تاريخ الهند الإسلامي بمزيد من هدم المساجد التاريخية وتحويلها لمعابد هندوسية وإجراءات معادية وقوانين ضد المسلمين كما وعد الحزب الحاكم.
وقبل الانتخابات، أشرف مودي على تدشين معبد كبير فوق أنقاض مسجد بابري (أثري) الذي هدمه متشددون هندوس في التسعينيات من القرن الماضي، لينقل رسالة بما سيفعله لاحقًا حيث كان بناء المعبد أحد أبرز مطالب الناشطين الهندوس الذين يطالبون بهدم وتحويل مساجد أخرى لمعابد بدعوى وجود آثار هندوسية تحتها!
ومن المساجد التي تنتظر نفس المصير مسجد مدينة فاراناسي الذي يزعم الهندوس المتطرفون أنه أقيم فوق ضريح لإله هندوسي خلال الإمبراطورية المغولية الإسلامية، وقد حكمت محكمة هندية لهم بالصلاة بجانب المسلمين داخل المسجد وأمرت بعدم التعرض لهم، على طريقة الاحتلال الصهيوني الذي قسَّم الصلاة بين المسلمين واليهود في المسجد الإبراهيمي ويحاول تطبيق ذلك بالمسجد الأقصى.
وفاقمت السياسات الهندوسية القومية التي تبناها مودي قلق سكان الهند المسلمين البالغ عددهم أكثر من 220 مليون نسمة حيال مستقبلهم في البلاد، وخلال حملته الانتخابية، أدلى مودي مراراً بتعليقات مناهضة للمسلمين الذين اعتبرهم «مندسين»؛ أي قادمين من دول أخرى.
كما اتهم الائتلاف المعارض له، المؤلَّف من أكثر من 10 أحزاب، وفاز بعدد مقاعد أقل (234 مقعدًا) بالتخطيط لإعادة توزيع الثروة في الهند على المسلمين.
ووفقاً للنتائج، تقدم «التحالف الوطني الديمقراطي» الحاكم بعدد 293 مقعدًا مقابل 234 لتحالف «المؤتمر الوطني الهندي» المعارض، وهو حزب غاندي من أصل 543 مقعدًا في البرلمان.
منذ صعود حزب «بهاراتيا جاناتا» إلى السلطة أواسط الثمانينيات، بدأت أعداد المشرعين المسلمين في البرلمان والدولة تتضاءل، وانخفض تمثيل المسلمين في الحزب الحاكم وغيره أيضًا من أحزاب المعارضة إلى النصف، وفق وكالة «أسوشيتد برس».
تحديات قد تعرقل خططهم
رغم تقدم «التحالف الوطني الديمقراطي» الذي يشكل الحكومة الهندوسية، فإن الهنود عاقبوا الحزب الهندوسي «بهاراتيا جاناتا» أكبر أعضاء هذا التحالف وقلصوا مقاعده من 360 مقعدًا فاز بها عام 2019م إلى 240 مقعدًا عام 2024م.
وكالة «رويترز»، وصحيفة «دون» الباكستانية، نوهتا بأن الحزبين المتحالفين (من ولايتي بيهار، وأندرا براديش) مع الحزب الهندوسي «بهاراتيا جاناتا» سيحسمان احتمال تولي مودي رئاسة الوزراء مجددًا أم لا، وأكدتا أن هذين الحزبين علمانيان ولا يشاركان مودي حماسه لعقيدة «هندوتفا» المتطرفة أو استهدافه للمسلمين والأقليات الأخرى.
وحتى وقت قريب، كان مودي يتباهى بأن تحالفه الذي يقوده حزب «بهاراتيا جاناتا» سيفوز بأكثر من 400 مقعد.
وفي إشارة لأنه لم يحصل على الأغلبية الكبيرة التي حصل عليها في انتخابات سابقة، قالت صحيفة «تلغراف» الهندية في مانشيت رئيس، في 5 يونيو 2024م: إن الهند تقطع مودي وتسقطه، في إشارة لإسقاط الشعب دكتاتورًا مستبدًا رغم فوزه.
https://x.com/mrithulaM/status/1798180543596786029
وقالت: إن مودي رغم تصدر حزبه لعدد المقاعد البرلمانية، فإنه أصبح محتاجًا إلى الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة جديدة، ولو أن الأحزاب المتحالفة المترددة انسحبت من التحالف فهذه نهايته.
صحيفة «إندبندنت» البريطانية قالت: إن هناك احتمالًا لعودة مودي لولاية ثالثة تاريخية كرئيس للوزراء، لكنه سيضطر إلى الاعتماد على شركاء التحالف لتشكيل الحكومة.
وأكدت أن التحالف الهندوسي (التجمع الوطني الديمقراطي) بزعامة مودي فاز بمقاعد أقل بكثير من التوقعات، وأن أداء كتلة الهند المعارضة (تحالف حزب المؤتمر) كان أفضل بكثير مما كان متوقعًا في استطلاعات الرأي.
ونقلت عن زعيم حزب المؤتمر راهول غاندي الذي شكر الناخبين على «إنقاذ الدستور الهندي» أن هذه النتائج تعني عدم إعطاء ضوء أخضر لمودي لفعل ما يحلو له ويعدل قوانين الهند التاريخية.
صحيفة «دون» الباكستانية أكدت، في 5 يونيو الجاري، أن نتائج الانتخابات تشير إلى أن الهند هزمت الكراهية وتركت مودي تحت رحمة حلفائه الحزبيين الذي هم أصدقاء للمسلمين.
وذكرت أن الناخبين الهنود وضعوا رئيس الوزراء تحت رحمة حليفين من بيهار وأندرا براديش يترأسان أحزاباً علمانية ولا يشاركانه حماسه لعقيدة «هندوتفا» المتطرفة أو استهدافه للمسلمين والأقليات الأخرى.
وقالت وكالة «رويترز»، في 5 يونيو: إن النتائج تشير إلى أن الهند لم تعد تابعة لناريندرا مودي، وإنه قد يحكم لمدة 5 سنوات أخرى، لكن الهنود حرموا حزبه القومي الهندوسي «بهاراتيا جاناتا» من أغلبيته المطلقة، وحرموه من قبضته القوية ليفعل ما يشاء، وإنه من الممكن أن تشهد الهند زعيمًا جديدًا بعد تقدم تحالف الهند المعارض بقيادة حزب المؤتمر بزعامة راهول غاندي بـ234 مقعدًا، لو تخلى حلفاء مودي الإقليميون عنه.
لذلك وصفت صحيفة «واشنطن بوست»، في 4 يونيو، الانتخابات الهندية بأنها تمثل انتكاسة مذهلة لمودي وحزبه.
وكان من مفارقات الانتخابات أيضًا أن هذا الحزب الهندوسي المتطرف خسر في مدينة أيوديا التي يعتبرونها مقدسة للهندوس، حيث قام أنصاره هناك بهدم مسجد بابري وافتتح مودي معبد «الإله رام» على أنقاض المسجد الذي حرقه الهندوس وهدموه في عام 1992م.
أيضاً أظهرت الانتخابات خسارة الوزيرة الهندوسية المتطرفة سمريتي زوبين إيراني، وهي الوزيرة التي سبق لها الإساءة للإسلام ووصفه بالإرهاب، كما أنها أساءت من قبل للقرآن الكريم وللكعبة المشرفة.