نعيش في هذه الدنيا في سباق لنيل مرادنا، والفائز من وصل إلى مبتغاه ونال حظَّيْ الدنيا والآخرة، قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ) (الحديد: 21)، تأمل إنه سباق لعمل الصالحات، فمن كانت نيته بعمله لله سبق بنيل الأجر.
فالمتسابقون حريصون أن يكون لهم بكل ميدان بصمة، استمع إلى قول الرسول ﷺ حين قال: «سبَق المُفرِّدونَ سبَق المُفرِّدونَ»، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما المُفرِّدونَ؟ قال: «الذَّاكرونَ اللهَ كثيرًا والذَّاكراتُ» (أخرجه مسلم).
إنه التسابق في ذكر الله وقراءة وحفظ كتابه الكريم، وهمتهم قول المصطفى ﷺ: «اقرأ ورتل وارتق كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها» (صحيح أبي داود).
نعم «إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل»، واقتدِ بفعل صحابة رسول الله ﷺ بتسابقهم لفعل الخيرات؛ فعن عمر رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق، ووافق ذلك عندي مالاً، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله ﷺ: «ما أبقيت لأهلك؟»، فقلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: «يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟»، فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيء أبداً. (رواه الترمذي، وأبو داود).
(وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) (المطففين: 26)، فبادر قبل أن تغادر، وسابق بقلبك قبل قدمك وتذكر قول يحيى بن معاذ: «مَفَاوِزُ الدنيا تُقْطَعُ بِالْأَقْدَامِ، وَمَفَاوِزُ الآخرة تُقْطَعُ بِالقلوب».
فـلو كان السباق إلى الله بالأقدام؛ لتصدر خفيف البدن.
ولكن السباق إلى الله بالقلوب، فهنيئاً لخفي العمل.
وليكن شعارك قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ {10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (الواقعة).
فهل ترضَ أن تكون مع القاعدين أو تكون من السابقين الفائزين؟
يا حي رجَّالٍ على الخير سبَّاق وبادَرْ فروضه بالمساجد وصلى
وإذا تعامل عامل الناس بأخلاق وعـن والديه وبرهــم مــا تخلى
قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: «إِنَّ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ قُرْبَةٌ إلى اللَّهِ، وَحَظٌّ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، وَشُكْرٌ بَاقٍ».
فقم واجتهد وادعُ الله أن يثبتك على دربه ويرزقك السبق بالخير لتنال رضاه، واحرص أن تكون ممن قال الله تعالى عنهم: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (المؤمنون: 61).