بإمكان المرء تجاوز حالات الإحباط والاكتئاب والتعاسة التي يمر بها، ومنح نفسه قدراً من الإيجابية، والطاقة، وتحسين حالته المزاجية والنفسية، بما يمثل رافعة تعينه على تخطي طريقة التفكير السلبي التي تلازم البعض.
هنا، أنت تتقمص دور الطبيب النفسي، والمعالج لحالتك، بداية من إدراك معاناتك من مزاج سيئ، وتضرر حالتك النفسية، إلى تشخيص أسباب ذلك، سواء من خلال تأثرك بأشخاص سلبيين، أو تركيزك بشكل مفرط على الجانب السلبي من حياتك، أو نتيجة مرورك بأزمة ما.
كذلك ستحدد لنفسك روشتة العلاج والتعافي سريعاً من تلك الحالة، فهناك شخص تكفيه خطوة واحدة لنيل الطاقة الإيجابية، وآخر ربما يحتاج إلى خطوتين أو ثلاثاً، وثالث هو في حاجة للمداومة على فعل ما، قادر على منحه ما يريد من جرعات الطاقة والأمل، أي أن كلاً منا هو طبيب نفسه، والوقاية خير من العلاج.
ولكي تحصل على جرعة سريعة من الإيجابية، عليك بـ4 أمور بسيطة، نوجزها لك في السطور القادمة:
أولاً: ابتعد عن الأشخاص السلبيين، وتجنب التأثر بهم، ولا تقضِ معهم أوقاتاً كثيرة، حتى لو كان هناك روابط مثل العمل، أو القرابة، مثلاً بينك وبينهم؛ لأن معايشة هذه النوعية من الشخصيات ذات مردود سلبي كبير، وقد يتسببون في نقل عدوى التعاسة، فلا تتردد في الابتعاد عنهم، وأخذ الوقت الكافي الذي تحتاجه للتخلص من تلك الأجواء، بحسب مجلة «لا فيدا لوثيدا» الإسبانية.
ومن الحكمة أن تعرف طبيعة تلك الشخصيات التي ترى الأمور بنظرة سوداوية، ويغلب عليهم التشاؤم، والمبالغة في تصوير الأمور، وإثارة الإحباط، والبؤس، والقنوط، وتذكر أن رحمة الله واسعة، وأن الله يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، وأن الفرج قريب، وأن ربك قريب، يقول الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186).
ثانياً: لا تأخذ الأمور بشكل شخصي، ولا تضيع وقتك في تفسير ما تتعرض له من الآخرين، مثلاً من تحدث عنك بسوء، أو من أساء إليك، أو من تجاهلك، أو من رفض دعوتك، أو ألغى لقاء معك، وغير ذلك من صنوف المعاملة السيئة، عليك ألا تدع لهذه الأمور سبيلاً لتؤثر على مشاعرك؛ أي ضعها في حجمها الطبيعي، ولا تضخمها، حتى لا تتأثر بها سلباً، كما عليك ألا تعاود استجرار الأحزان، واستعادة الذكريات الكئيبة.
ثالثاً: استثمر وقتك بشكل أفضل، فهو وسيلة مثلى يمكن أن تساعدك على التخلص من التوتر ومعالجة المشاعر السلبية، من خلال الاستمتاع بهواية ما، أو ممارسة الرياضة، أو الخروج للتنزه، أو كتابة مذكراتك اليومية، أو تناول وجبة ممتعة، أو لقاء صديق مفضل، أو الذهاب في رحلة، أو مشاهدة عمل فني كوميدي هادف، أو الاستحمام مثلاً، وغير ذلك من أنشطة، كفيلة بمنحك جرعة من الإيجابية والأمل والتفاؤل.
رابعاً: ركّز على نفسك، وطوّر أفكارك وأهدافك، وامنح ذاتك قدراً من التقدير والاهتمام، مثلاً استعد مشاعرك الجميلة، وركّز على الأشياء التي تحبها، ولا تضيّع طاقتك في محاولة إرضاء الآخرين، واعمل على أن تكون شخصاً أفضل، وتحدث عن شيء إيجابي يجعلك سعيداً، أو قم بعمل من أعمال الذكر والخير، وأكثر من صنائع المعروف، ستجد نفسك مشبعاً بقدر عال من الطاقة والإيجابية والسعادة، قال عز وجل: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: 274)؛ أي: ولا هم يحزنون على ما أنفقوه لوجه الله تعالى، ولا على ما فاتهم من الدنيا، ولا على ما خلفوه فيها بعد مماتهم؛ لحقارتها في أعينهم، وثقتهم بأن ما عند الله هو خير لهم وأبقى، كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الأحقاف: 13).