شهدت الهند في السنوات الأخيرة ارتفاعًا مقلقًا في حوادث الغوغاء والقتل الجماعي، خاصة التي تستهدف المجتمع المسلم، وقد أثار هذا الاتجاه قلقًا بين نشطاء حقوق الإنسان والسياسيين والجمهور العام.
أحداث أخيرة
تزايدت حوادث العنف الجماعي في الهند بشكل متزايد مع مرور الأيام، وفي حكومة يوغي في ولاية أترابراديش التي تتحدث عن القانون، يتم استهداف الأشخاص من دين معين بشكل متعمد، في الأيام الأخيرة، تم استهداف أئمة المساجد من قبل مثيري الشغب في مناطق مختلفة، وفي 4 يونيو ليلة نتائج الانتخابات البرلمانية، وقعت حادثة العنف في مدينة عليغره، حيث قام مثيرو الشغب بقتل شاب مسلم بتهمة دخوله إلى منزل تاجر ملابس في وقت متأخر من الليل.
وفي 7 يونيو، استهدف حشد من الهندوتفا صدام قريشي (23 عامًا)، وغُدَو خان (25 عامًا)، وشاند ميا خان (25 عامًا)، أثناء نقلهم للماشية من منطقة مهاسموند إلى منطقة رايبور في ولاية شاتيسغار، وقع الهجوم على جسر نهر ماهاندي في منطقة آرنج من قبل مجموعة لحماية الأبقار.
وعثرت الشرطة على جثث الثلاثة على الجسر، مات شخصان في موقع الحادث، بينما توفي صدام حسين في 18 يونيو متأثرًا بجراحه، في غضون ذلك، تم تسجيل قضية ضد المتهمين بموجب المادة (304) من قانون العقوبات الهندي؛ مما يعني تهمة القتل غير العمد بدلاً من القتل العمد.
وفي قرية نوپورا في منطقة بيربهوم في ولاية البنغال الغربية، في 17 يونيو يوم عيد الأضحى، تم ربط الشاب طوفان شيخ (19 عامًا) بعمود وضربه بالعصا، وتم تسجيل تقرير جنائي ضد مجهولين، مع تأكيد أن الشرطة اعتقلت بين 9 إلى 10 أشخاص في هذا الحادث، لكن لم يتم الكشف عن هوياتهم حتى الآن.
وقال محمد بلال شيخ، الأخ الأكبر لطوفان شيخ: إن طوفان كان قد ركب دراجته النارية مع أحد أفراد الأسرة (طالب شيخ)، وكان في طريقه إلى منزل قريب لتوزيع لحم الأضحية، وخلال ذلك، سقط كيس من اللحم على الطريق، وعندما استدار أخي لأخذه، أحاط به السكان المحليون فورًا، واتهموه بأنه ألقى كيس اللحم عمدًا أمام المعبد لإثارة المشاعر الدينية للهندوس، لكن هذا الاتهام لا معنى له، لو كانت نيته إيذاء المشاعر الدينية، لما عاد لأخذ كيس اللحم.
هذه الحوادث تمثل جزءًا بسيطًا من موجة العنف المتزايدة التي يتعرض لها المسلمون في الهند، العنف الطائفي أصبح ظاهرة متكررة، حيث يتم استهداف الأشخاص على أساس دينهم بطرق وحشية وغير مبررة، ورغم الاحتجاجات والدعوات المتكررة لوقف هذه الأعمال البغيضة، فإن الوضع لا يزال يتفاقم مع غياب التدخل الفعّال من قبل السلطات.
بيانات الزعماء المسلمين
إزاء تزايد حوادث العنف الجماعي في البلاد، طالب الحزب الديمقراطي الاجتماعي الهندي (Social Democratic Party of India) باتخاذ إجراءات صارمة وسريعة من خلال إنشاء محاكم سريعة لهذه القضايا، وهذا الحزب الذي ظل يرفع صوت جميع الطبقات المضطهدة بكل قوة طوال الـ15 عامًا الماضية في جميع أنحاء البلاد مع مراعاة دستور الهند بشأن الطريقة الديمقراطية.
تم تقديم، اليوم 8 يوليو 2024م، من قبل هذا الحزب مذكرة إلى قاضي المنطقة من خلال جميع مقار مديريات في ولاية أترابراديش، ومن خلال المذكرة، تم طلب اتخاذ إجراءات صارمة وسريعة من خلال إنشاء محاكم سريعة للحد من حوادث العنف الجماعي المتزايدة في البلاد.
وقال عضو مجلس النواب من حيدر أباد المحامي أسد الدين أويسي، في البرلمان: إن الشباب المسلمين يتعرضون للعنف الجماعي، وأوضح أنه منذ 4 يونيو، تم قتل 6 مسلمين في حوادث عنف جماعي، وفي ولاية ماديا براديش، تم تدمير 11 منزلًا للمسلمين بواسطة جرافات مودي، وفي ولاية هيماشال براديش، تم نهب متجر مسلم، والأحزاب المعارضة صامتة، ربما حان الوقت ليتم فرض حظر حتى على ذكر كلمة «مسلم»!
في عام 2018م، أعرب رئيس القضاة آنذاك ديباك ميشرا عن قلقه إزاء هذه الأحداث، قائلاً: إن أحداث العنف الجماعي تسعى إلى تقويض سيادة القانون وقيم الدستور، ويجب وقفها بأي وسيلة، وإلا ستزيد الفوضى وستدمر البلاد مثل الوباء.
ودعا د. ظفر الإسلام خان، رئيس مجلس المشاورة المسلمة الهندية، المسلمين إلى الاتحاد ورفع الصوت ضد الظلم، وقال: إن جميع الأحزاب السياسية في البلاد تريد أصوات المسلمين، لكنهم غير مستعدين لفعل شيء من أجلهم، جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال مؤتمر صحفي عقده مجلس المشاورة المسلمة الهندية، في 1 يوليو 2024م، وأشار إلى أن عدد المسلمين في البلاد يبلغ 200 مليون نسمة، ورغم ذلك تتجنب الأحزاب السياسية في البلاد ذكر اسم المسلمين في برامجها واجتماعاتها وتجمعاتها، وقال: إن على الجميع التفكير في كيفية الخروج من هذا الوضع، لا يمكن تجاهل هذا العدد الكبير في البلاد.
وأصدرت المحكمة العليا، في عام 2018م، إرشادات للحكومة المركزية وحكومات الولايات لاتخاذ تدابير، وقائية، وعقابية، وأكدت المحكمة الحاجة إلى محاكمات سريعة وعقوبات رادعة للمجرمين، ومع ذلك لم تُنفذ هذه التوجيهات بعد، ولم يتم هدم منازلهم كما يحدث في حالات أخرى ضد المسلمين.
أسباب الغوغائية والقتل الجماعي
يمكن إرجاع الارتفاع الأخير في الغوغاء والقتل الجماعي إلى عدة عوامل:
– المناخ السياسي: يُنظر إلى صعود الخطاب القومي الهندوسي كعامل رئيس، في بعض الأحيان، أدلى السياسيون والقادة من فصائل معينة بتصريحات تحريضية تبدو وكأنها تبرر أو حتى تشجع العنف ضد المسلمين والأقليات الأخرى.
– وسائل التواصل الاجتماعي: أدى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مزدوجًا، بينما قرّبت بين المجتمعات، أصبحت أيضًا مرتعًا للمعلومات المضللة وخطاب الكراهية، الشائعات والأخبار الكاذبة، التي تنتشر غالبًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حرضت الغوغاء على مهاجمة الأفراد بناءً على اتهامات كاذبة.
– انعدام المساءلة: هناك شعور بنقص الإجراءات السريعة والصارمة ضد مرتكبي أعمال الغوغاء والقتل الجماعي، أدى ذلك إلى شعور بالإفلات من العقاب بين من يرتكبون مثل هذه الأفعال، غالبًا ما تكون العمليات القانونية والقضائية بطيئة، ونادرًا ما تحدث الإدانة، مما يشجع المجرمين المحتملين.
حلول المشكلات
الاستجابة القانونية والسياسية لهذه الحوادث ضعيفة؛ ما أدى إلى إحساس بالإفلات من العقاب بين مرتكبي تلك الأعمال، مما يعزز من الخطر على المجتمعات المستهدفة، وبسبب غياب الردود القانونية والسياسية المناسبة، أصبح الغوغائيون لا يخافون من العقوبات أو السجون أو أي شيء يمكن أن يؤذيهم، لذلك من الضروري أن تتخذ الحكومة مبادرات مختلفة للحد من العنف الجماعي، وتشمل هذه الإجراءات إنشاء محاكم سريعة، وتقديم التعويض لأسر الضحايا، وتطبيق القوانين بشكل أكثر صرامة، ومع ذلك يظل التنفيذ الفوري والعاجل لهذه الإجراءات ضروريًا.
إن القتل الجماعي لمسلمي الهند قضية خطيرة تهدد جوهر القيم الديمقراطية والعلمانية للهند، يتطلب معالجة الأسباب الجذرية، وضمان العدالة السريعة للضحايا، واستعادة الثقة بين المجتمع المسلم، والنضال ضد القتل الجماعي ليس فقط لحماية الأقلية؛ بل هو للحفاظ على سيادة القانون وضمان أن كل مواطن هندي يمكنه العيش دون خوف.