فاز الروائي الكويتي عبدالله الحسيني، الإثنين الماضي، بجائزة غسان كنفاني للرواية العربية المنشورة في دورتها الثالثة، التي تحمل اسم إحدى أبرز الشخصيات الفلسطينية المؤثرة بمجال الصحافة والأدب.
ونال الحسيني الجائزة عن رواية «باقي الوشم»، الصادرة عن منشورات تكوين في الكويت، عام 2022م.
وكانت 5 روايات بلغت القائمة القصيرة لدورة هذا العام، التي أعلنتها وزارة الثقافة الفلسطينية، في يونيو، وضمّت أعمالاً من مصر وتونس وسلطنة عُمان والكويت والأراضي الفلسطينية.
وتشكلت لجنة تحكيم الجائزة هذا العام برئاسة الناقد والروائي المغربي أحمد المديني، وعضوية الروائية الأردنية سميحة خريس، والناقد المصري محمد الشحات، والكاتب زياد أبو لبن، والناقد رياض كامل من فلسطين.
وقال عضو لجنة التحكيم رياض كامل: إن الرواية الفائزة تتسم بالسبك الجيد المتماسك، وبقدرة مميزة لروائي شاب، لا يزال في الـ24 من عمره، إذ أبدع في رسم الشخصيات وبنائها بناء متيناً، يتناغم مع الزمان والمكان، ما ذكّرنا بأديبنا الكبير غسان كنفاني، الذي غادرنا في سن مبكرة.
وكانت وزارة الثقافة الفلسطينية قد أعلنت مؤخراً الروايات التي وصلت إلى القائمة الطويلة، التي ضمت 14 رواية لكتاب من 10 دول عربية، وبعدها أعلنت الروايات التي وصلت إلى القائمة القصيرة، التي ضمت 5 روايات.
والروايات المعلنة هي «2067» للروائي سعد القرش من مصر، و«وجع لا بد منه» للروائي عبدالله تايه من فلسطين، و«باقي الوشم» للروائي عبدالله الحسيني من الكويت، و«ربيع الإمام» للروائي محمد سيف الرحبي من عُمان، و«برلتراس» للروائي نصر سامي من تونس.
وأطلقت وزارة الثقافة الفلسطينية الجائزة عام 2022م، في الذكرى الخمسين لاغتيال غسان كنفاني (1936 – 1972م)، وفاز بها في العامين السابقين المصري عمرو حسين، والسوري المغيرة الهويدي.
غسان كنفاني كان مشبعًا بالقضية الفلسطينية حتى أصبحت جزءًا من كيانه، عبّر عن حبّه العميق لفلسطين ودفاعه عنها بقوله: لدينا قضية نقاتل من أجلها، وهذا كثير جداً، وأضاف قائلاً: الشعب الفلسطيني يفضّل الموت واقفًا على أن يخسر قضيته، هذا الشعب سيستمر بالقتال حتى ينتصر، ولن يهزم أبداً.
كنفاني، الروائي والقاص والصحفي الفلسطيني، اغتيل على يد «الموساد» الصهيوني، في 8 يوليو 1972م، عندما كان عمره 36 عامًا، تم تفجير سيارته في منطقة الحازمية قرب بيروت، وقتلت معه ابنة أخته لميس البالغة من العمر 19 عامًا، كان كنفاني عضوًا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
رئيسة وزراء الاحتلال آنذاك، غولدا مائير، علقت على عملية الاغتيال بقولها: اليوم تخلصنا من لواء فكري مسلح، فغسان بقلمه كان يشكل خطراً على «إسرائيل» أكثر مما يشكله ألف فدائي مسلح، كانت مائير قد أصدرت قرارًا في ذلك العام بتصفية عدد من القادة الفلسطينيين البارزين.
في ذكرى اغتياله السنوية، يتذكر الفلسطينيون كتابات وأفكار وتضحيات كنفاني، مؤكدين مواصلة الطريق التي بدأها، وينقلون كتاباته ومؤلفاته التي شكلت مصدر إلهام للأجيال.
كنفاني كان يعبّر عن إنجاز الشعب الفلسطيني بقوله: قلنا للعالم بأننا شعب صغير وشجاع، وسيقاتل حتى آخر قطرة دم كي نجلب العدالة لنا بعدما فشل العالم في ذلك، وصف محادثات السلام «الإسرائيلية» بأنها «استسلام»، والحديث مع قادة الاحتلال بأنه «محادثة بين السيف والرقبة».
كنفاني حمل الفكر النضالي وعبر عنه بالأدب والإعلام والسياسة، وأوصل صوته من خلال تدريس اللاجئين بالمخيمات، وبالروايات والكتب، وفي مقالاته التي نشرت في مجلة «الرأي» التابعة لحركة القوميين العرب، ومجلة «الهدف» الناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كتب كنفاني بشكل رئيس عن قضايا التحرر الفلسطيني.
كان محبوبًا من جميع الفصائل الفلسطينية، ولديه قاعدة جماهيرية كبيرة، طالما دعا خلال أحاديثه إلى التمسك بالقضية الفلسطينية، قائلاً: «الإنسان هو في نهاية الأمر قضية؛ إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية، فالأجدر بنا أن نغير المدافعين، لا أن نغير القضية».
في عام 1948م، أجبر كنفاني وعائلته على النزوح وشهد النكبة في طفولته، حيث هربوا سيرًا على الأقدام وعاش في سورية، ثم في لبنان حيث حصل على الجنسية اللبنانية، أكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة الثانوية السورية عام 1952م، في العام ذاته، التحق بكلية الأدب العربي بجامعة دمشق، وقدم رسالة بعنوان «العرق والدين في الأدب الصهيوني».
انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، وانضم إلى حركة القوميين العرب، انتقل إلى الكويت حيث عمل في التدريس الابتدائي، ثم انتقل إلى بيروت للعمل بمجلة «الحرية» مسؤولًا عن القسم الثقافي، ثم أصبح رئيس تحرير جريدة «المحرر» اللبنانية، حيث أصدر «ملحق فلسطين»، انتقل لاحقًا للعمل في جريدة «الأنوار» اللبنانية، وعندما تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1967م، أسس مجلة «الهدف» الناطقة باسمها، وأصبح ناطقًا رسميًا باسم الجبهة.
كان إنتاجه الأدبي متفاعلًا مع حياته وحياة الناس، في روايته «عائد إلى حيفا»، وصف رحلة مواطني حيفا إلى عكا، وهو ما وعاه عندما كان طفلاً، في «أرض البرتقال الحزين»، حكى قصة رحلة عائلته من عكا وسكناهم في الغازية، في «موت سرير رقم 12»، استوحى من تجربته في المستشفى.
أكثر رواياته تأثيرًا كانت «رجال في الشمس»، التي استوحاها من حياته وحياة الفلسطينيين في الكويت، وعكس فيها عودته إلى دمشق عبر الصحراء، مصورًا ضياع الفلسطينيين وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش، له العديد من المؤلفات الأخرى، مثل: «ما تبقى لكم»، و«أم سعد»، و«من قتل ليلى الحايك؟».
ترك كنفاني 3 روايات غير مكتملة نُشرت بعد استشهاده، وهي: «العاشق»، و«الأعمى والأطرش»، و«برقوق نيسان»، ترك أيضًا دراسات مهمة مثل «أدب المقاومة في فلسطين»، و«في الأدب الصهيوني»، و«الأدب الفلسطيني المقاوم».
بعد اغتياله، ترك كنفاني وراءه زوجته الدنماركية التي أصبحت مناضلة من أجل فلسطين، وطفلين هما فايز، وليلى.
___________________
1- وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
2- الجزيرة. نت.