شاخص العينين خرج الأسير بدر دحلان من سجون الاحتلال، بعد أسره لمدة شهر دون أن تعرف عائلته مكانه، فقد طلبت منه ابنته طعامًا في يوم من أيام الحرب الحالكة، ذهب يومها لسوق مواصي خان يونس، ولم يعد!
شهر مضى، وعائلة دحلان تبحث عنه في المستشفيات، الخيام، بين النازحين، وبين جثث الشهداء.. ولا أثر له.
قبل عشرة أيام اتصل شخص بوالده أخبره أن بدراً كان أسيرًا وقد خرج من الأسر إلى المشفى مباشرة بسبب الحالة الصحية التي يمر بها إثر التعذيب داخل السجن.
تعذيب واضح على بدر، فحين التقت به عائلته، كانت قد اتسعت دائرة الصدمة في عينيه وعلى وجهه.. ولم ينطق سوى بكلمة واحدة: «السجن كابوس».
اضطرابات نفسية حادة، وحالة صحية لا توصف من أثر التعذيب في الزنازين، لكن كانت تصفها عينا بدر وهو ينظر لمن حوله مصابًا بحالة من الصدمة، ثم يصرخ فجأة: «جننوني، حرقوني وصعقوني بالكهرباء».
لم يكن الأسير بدر دحلان وحده، فمع كل دفعة أسرى يتحررون بعد السابع من أكتوبر تسمع حديثًا عن تعذيب لا متناه لأسرى غزة، لا سيما أنهم يخرجون جميعًا بأوضاع صحية ونفسية متردية.
فإدارة مصلحة السجون تستقبل الأسرى بالضرب والتعذيب والإهانات واستجواب من الجيش «الإسرائيلي» طوال فترة الاعتقال، عدا أن الاحتلال الغاشم لم يستثن من هذا التعذيب النساء والأطفال وكبار السن والأطباء والصحفيين وطواقم الدفاع المدني، ضاربين بعرض الحائط كل القوانين الدولية وحقوق الإنسان الأممية.
ورغم أن الأسرى مدنيون، فإن الاحتلال يتعامل معهم منذ بدء المعركة تحت مسمى «مقاتل غير شرعي»؛ أي أنه انخرط بأعمال مقاومة ضد الاحتلال.
معتقل «جوانتنامو إسرائيل»
في سجن «سديه تيمان»، وهو قاعدة جوية تحولت إلى معتقل لقتل وتعذيب الفلسطينيين في الصحراء، حيث وصفه الأسرى المحررون بـ«جوانتنامو إسرائيل”»، وهذا السجن عبارة عن أقفاص تشبه أقفاص الدجاج، يضعون في كل قفص 200 أسير تحت حرارة الشمس الحارقة في الصحراء.
شهادات المعتقلين الذين خرجوا من هذا السجن كانت كارثية؛ كالتبول على الأسرى وكسر ضلوعهم ونتف لحيتهم وخلع أسنانهم بالكماشة، عدا عن الصعق بالكهرباء، والضرب بالهراوات والبنادق، ونهش الكلاب البوليسية لأجسادهم، وكل ذلك وهم مقيدون ومعصوبو الأعين.
إضافة إلى حرمانهم من النوم والطعام، وإجبارهم على ارتداء حفاضات أطفال، وإطفاء السجائر بأجسادهم، وتجريدهم من الملابس وحرق جلودهم بالولاعات.
وآخر أشكال التعذيب التي تحدث عنها الأسرى المحررون اغتصابهم بالعصي، وبصق الجنود في أفواههم، عدا عن فتح موسيقى صاخبة بصوت عال حتى سالت الدماء من آذانهم.
أما عن آخر الإحصاءات بخصوص الأسرى، فقد اعتقل الاحتلال منذ شهر مايو حتى يومنا هذا أكثر من 4 آلاف أسير من غزة، في معتقل «سديه تيمان».
وبالتواصل مع المحامين وأهالي الأسرى، فقد أخبروا الأهالي ارتقاء 35 أسيرًا غالبيتهم تحت التعذيب منذ بدء «طوفان الأقصى»، بعد أن منعوا من التواصل مع المحامين لمدة 90 يومًا.
ومن معاناة الأسرى إلى سجن «الدامون»، على جبل الكرمل، هنا أسيرات بكافة الأعمار يقاسين ويعانين من التعذيب والتضييق وتجربة الأسر القاسية، حيث التهديد بالاغتصاب والتفتيش العاري، وحجزهن بغرف رطبة ممتلئة بالمياد العادمة.
إضافة إلى سياسة العزل الجماعي، والتجويع والحرمان من العلاج، وتجريد الأسيرات من حقوقهن، كشح الملابس والأغطية، وعدم السماح بإدخال الاحتياجات الخاصة بهن، عدا عن منعهن من زيارة عوائلهن، وحرمان المريضات منهن من العلاج لا سيما المصابات بأمراض مزمنة وخطرة، وعلاجهن «كاسة ماء وحبة أكامول».
حيث تقبع 63 أسيرة من الضفة والقدس وغزة في سجن الدامون، في ظروف لا تصلح للعيش الآدمي.
في سجون الاحتلال العنجهي ينتظر أكثر من 15 ألف أسير وأسيرة الخروج من السجون في ظل الظروف القاسية التي يواجهونها جميعًا وبأشكال العذاب كافة.